من على درج سلم العمارة بقلم / بوعون العيد

من على درج سلم العمارة بقلم / بوعون العيد

من على ذاك الدّرج الإسمنتي العتيق كانت الوجهة، والمقصد، والملاذ، والفرار من غوائل الدّهر ، وقواطع الإدقاع فَهِمت وأخي على وجهينا ؛ بحثا عما يسدّ رمق الجوع وما يُكِنُّنا بردا وقَرّاً ، لكن ها نحن ذا نلتحف السّماء ، ونفترش سُّلم العمارة بجسدين عاريين ؟! أخي لم يجد ما يواري به سوأته ، وأنا كذلك عدا بقايا تبّان بَلى وتمزّق قِدما وعتاقةً .
… أبي ياشُعلة في فؤادي وياقبسي المنير في ظلمات دُجى الوحدة ، أبي أين أنت يا سندي، ويا غوثي عند الشدائد؟ ، أبي من بعدك لعبت بي وأخي أيّام اليُتم ، فبتنا نكبر أعواما في غير سننا… . أمّي … آه يا أمي … يا نبع الحنان ، ويادفء الشّتاء، ويا نسيم الرّبيع وبهجته . أمّي فقدتك وحُضنك الدّافىء وصدرك الحنون وبسمتك المرتسمة ثغرا تحاكي الجوزاء سموا ورفعة … أمي من بعدك ها أنا ذا أتوسّد ركبةأخي النّحيلة بعدما كنت أسترق سنة النّوم من ركبتيك وذراعيك ! أمي من بعدك امتزج السّواد بالسّواد حتّى جسدينا باتا يضارعا إكفهرار الطّبيعة ويقاسم قلبينا اللّوعة والفّرقة والحُزن … أمي غاب المأكل والمشرب والنوم و..و… من بعدك يا أغلى كلمة في الوجود … أمّاه ؛ مالي سوى أخي يذود عنّي ونفسه رُغم عدم قدرته على القَوامة لكنّه آثر الحياة على الموت وهاهو إناءنا البلاستيكي ظلّ فارغا يشتكي الصّدقة وبعض المعروف؟! …أمّاه … ، أبتاه … لا سُلوة ولا عيش دونكما فأنتما رافِد الحياة، ومعينها، وليس لنا من نشكوا إليه سواك ربي أنت الرّحيم إليك نسعى ، وإليك مردنا ، وأنت القادر على كلّ شيء .