من هنا يبدأ التقدم

من هنا يبدأ التقدم

بـ قلم أسـمـاء الـبـيـطـار

كنت عايشة برة فترة طويلة كما تعلمون تخطت السبعة عشر عام
و بحكم عمل زوجي كطبيب كنا في مكان أشبه بمراكز المحافظات عندنا و طبعاً الفترة اللي سافرت فيها للمكان ده كانت المحلات محدودة جداً جداً بس بصراحة فيها كل حاجة مُجمدة و مُعلبة و طبعاً إحنا هنا في مصر واخدين على كل حاجة طازة فلما كنت بنزل إجازة كنت بجيب حاجات كتير معايا .
و عارفين طبعاً عادات مختلفة تماماً في الأكل فكنت الحمد لله محافظة على عاداتنا في الأكل في كل حاجة و كنا بننزل السوق كل نهاية أسبوع نجيب الخضار فريش على اد ما نقدر .
البلد اللي كنت فيها مش زراعية على فكرة بس كانت بتنزل منتجات من أرضها محدودة جداً .
بس لما تشوفهم و هما بيسوقوا لمنتج أرضهم كأنهم بيبيعوا حتة دهب بدون مُبالغة .
و الحتة دي بالذات ليا واقفة معاها بعدين .

المهم ولادي كبروا على عادات الأكل المصري بتاعنا و اتعلمت ازاي أعمل حلو و حادق و ترت علشان المناسبات و الأعياد و علشان أحسسهم بفرحة المناسبات كأننا في مصر .
و مش عوزه اقولكم إن لحد دلوقتي ولادي صعب جداً ياكلوا حاجة من برة و لو حصل ماما اللي بتعمليه احلى .
هما شايفين كده لأن انت طورت نفسك علشانهم اتعلمت و جربت مره و اتنين و عشرة لحد ما وصلوا لمرحلة الرضا اللي بيحبوه .

ندخل بقى في موضوعنا كـ العادة
اللي فوق دا كان تطور أفراد و يا دوب اللي قولته دا مثل إنما في أكيد أمثال أكتر من كده .

ندخل بقى في تطور البلد و المجتمع اللي عايشين فيه
و ازاي نحبه و نعلا بيه .
المهم بعد ما استقريت في مصر كأي ست بيت نزلت أشتري طالبات البيت فـ البائع عرض عليا منتج ما عجبنيش جودته و دون أن أعرف مصدره .
رد عليا البائع بعصبية إزاي يا فندم مش عاجبك دا كذا !!
المهم ماركة مش مصرية قولتله و أنا مسألتش حضرتك عن المصدر أياً كان
حضرتك أنا كنت عايشة بره و كنت بجيب نفس المنتج اللي بتعرضه عليا ده بس كانت الجودة أعلى !
فصمت و لم ينطق و كأنه فهم القصد .

أرجع بقى للحتة اللي قلت لحضرتكم ليا وقفة معاكم فيها
لما أهل البلد اللي كنت فيها بيسوقوا لمنتجهم الزراعي كأنه قطعة دهب و على فكرة كان بيتباع أغلى من أي شئ مستورد .
كانوا يتحدثون عنه بكل فخر و اعتزاز .

و من هنا يبدأ التقدم إنك تسوق لمنتج بلدك مش لبلد تاني
إنك تشجعه و تشتري منه مره في مره هيبقى المنتج مجرور و هيتحسن لو فيه حاجة مش عجباك قول للبائع عليها بطريقة لطيفة و هو هيوصل كلامك لصاحب المصنع لأن دا عاوز ينتج و هو عاوز يبيع
و صدقني حضرتك اللي هيوصل لك منتج جيد يصل لمرحلة الممتاز .

أبسط حاجة كنت بشتري كزبرة ناشفة من محل المهم مش عجبتني بعدها روحت للتاجر و قولتله انها مش كويسة .
بكل هدوء و بساطة قالي الطعم و له الريحة ؟
و بكل صراحة قلت له الاثنين .
قالي حاضر مش هجيب منها المره الجاية .
و فعلاً غير المصدر و جاب حاجة أحلى .
علشان هو عاوز يشتغل .
قيسوا على كده كل حاجة ممكن تتخيلوها .
لما تبقى حاجة مُنتج بلدك غالية دا شئ مش وحش على فكرة و الغلاء هنا طبعاً مش اللي في بالكم أكيد هيبقى في المتناول .

و الناس اللي بتقول الحِرف ماتت أو بعضها .
إحنا اللي موتناها مش صاحب الحرفة .
الحاجة عندنا كانت بتتصلح مره و أتنين و عشرة إنما دلوقتي مره و التانية نرمي و نجيب جديد !
و الجديد مستورد و طبعاً حضراتكم عارفين باقي القصة إنه علشان رخيص و فرز تالت .

البلاد بتتقدم بوعي شعوبها على فكرة
طولت عليكم كـ العادة بس بجد البلد دي تستاهل كل حُب و خير .