من يُقَيِّدُ النهر؟ بقلم د. هبة صبحي البدوي
أشْتَاقُ لرائحةِ الْمَطَر
وَالتُّرَابِ المبلل
وَلَوْنِ الْخُضْرَةِ الَّتِي تَكْسُو الأرجاء
فِي شِتَاء بِلَادِي
أَتَمَنَّى أَنْ أَسِيرَ
وَالْمَطَرُ يُبَلِلُ ملابسي
وَالْهَوَاء الْبَارِدُ
يَدْفَعُنِي ويجذبني
وَحَوْلِيَ الْأَشْجَارُ تتعارك
وَصَوْتُ الرِّيَاحِ يُدَوِّي
يُشْعِلُ الْوَطِيس
أَتَمَنَّى أَنْ أَكُونَ وَسَطَ الأجواء
لَا أنْ أحْتَبِسَ وَرَاء الْجُدُر
تَحْت دُثُرٍ تُثْقِل أكتافي
أُرِيدُ أَنْ أتحرر
مِن أَلَمِي
أَن أركُضَ فِي الصَّحْرَاء
تَتَسَارَعُ انفاسي
تتراقصُ دقاتُ قَلْبِي
يَتَصَبَبُ عَرَقِي
يَذُوبُ جَلِيدُ أحشائي
يَسِيل أَنْهَارًا
عَلَى ضفافها
ظِلالُ أَشْجَارٍ عَتِيقَة
ضَارِبَةً بجذورها فِي أَعْمَاقِ أَرْضِ بِلَادِي
ترتوي مُنْذُ الأزَل
مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ الخَالِد
الَّذِي يَنْبُعُ مِنْ السَّمَاء
أَوَ يَجِفُّ نَهْرٌ مَنْبَعُهُ السَّمَاء ؟
أَوَ يُجَمِّدُ الْبَرْدُ رُوحًا دافئةً
تَنْبُتُ الزَّهْر ؟
أَوَ يَحْرِقُ الْأَلَمُ قَلْبًا
أَمْطَرَتْهُ غُيُومُ الشِّتَاء
بِلَاآلئَ دُرّيَّه ؟
حَوَّلَتْ لِهِيبُهُ إلَي أَنْوَارٍ سَرْمَدِيَّة
تَسْتَدْعِي أَرْوَاحَ القُدَامَى
أَنْقِذُوا النَّهْر
النَّهْرُ حَبِيس
فكوا قُيُودَه
فكوا قيودي
لِأُحَرِرَ النَّهْر
فُكِّي أَنْتِ قُيُودَ نَفْسِك
وَدَعِي النَّهْرَ يَسْرِي
فَلِلنَهْرِ رَبّ يَحْمِيه
التعليقات مغلقة.