موسيقار وامبراطور
د.أحمد دبيان
كانت الثورة الفرنسية الحدث الاعظم فى تاريخ اوروبا الحديث ورغم ان تغييراتها ابرزت البورجوازية الفرنسية وطموحاتها الا انها وبتصدر السان كيلوتيون
San Cuillottes
او البدون سراويل تمييزا لهم عن الارستقراطية ، وبتصدرهم للمشاهد الثورية تم وضع الشعب والبروليتاريا ( العمال والفلاحين والمهمشين ) على اول دروب فعالية المشهد الثورى .
مرت الثورة الفرنسية فى بداياتها بمراحل الملكية الدستورية والتى تم الاطاحة بها بعد اعدام لويس السادس عشر والذى تم الابقاء عليه فى البداية الى ان تم اكتشاف اتصالاته بالملكيات الاوروبية لاجهاض الثورة ، وصولا للجمعية الوطنية وما تم تسميته بعصر الرعب وروبيسيير نبى الثورة الشريف والراديكالى الدموى ثم حكومة الدايريكتور او المديرين ثم حكومة القناصل والتى تم تعيبن نابليون كقنصل الى انقلب فى انقلاب ١٨ برومير او شهر الضباب حسب التقويم الجمهورى الفرنسى .
كان للثورة الفرنسية صدى واسع فى اوروبا كلها وكان الاعجاب صارخا بها ، وسط المثقفين ووسط الشعوب التى كانت ترسف من ثالوث الاقطاع والاستبداد والكهنوت المرسخ لهما.
جاءت مبادئ الثورة الفرنسية وشعارها من حرية ، اخاء ومساواه لتفتن المثقفين .
فى المانيا كان الموسيقار الكبير بيتهوفن واحد ممن افتتنوا بالثورة الفرنسية وبنابوليون والذى قاد حروب فرنسا الثورية واعاد لها تمددها .
وحين تم تعيين نابوليون مكلفا من حكومة المديرين قائدا للجيوش الثورية الفرنسية فاصبح ذلك الكورسيكى احد ايقونات البطولة والثورية وكان يراه الكثيرون على شاكلة الابطال الاسطوريين مثله مثل الاسكندر الاكبر وهانيبال .
.
شددت الملكيات الاوروبية والتى نجت من بسط نفوذ فرنسا رقابتها وبوليسها السرى بين العوام وصار النطق باسم نابوليون كفيلا بحبس صاحبه.
رغم هذا ظل بيتهوفن على اعجابه والذى لم يكن يخفيه بالبطل الثورى .
الى ان قام نابوليون بانقلاب شهر برومير فى العام الثامن من تقويم الجمهورية الفرنسية ( اكتوبر -نوفمبر ) عام ١٧٩٩ و اصبح القنصل الاول فى حكومة القناصل . هنا بدأ بيتهوفن فى التوجس من هذه الردة الثورية فى حلم الجمهورية المشروع ، وحينها سقط البطل من ناظريه.
ترصد سيرة بيتهوفن هذا التحول حين اتاه الناشر هوفميستر عام ١٨٠٢ طالبا منه وقد سقطت بالفعل اجزاءا كثيرة من غرب المانيا والراين تحت سيطرة الجيوش النابوليونية طالبا منه كتابة سوناتا تمثل افكار الثورة الفرنسية ، صاح به بيتهوفن ،
هل مسكم الشيطان جميعا ؟
اتطلب منى تأليف هذه السوناتا ، ربما كان هذا فى السابق ابان اخلاص المد الثورى ولكن كل شئ يرتد الآن ، بونابرت يتحالف اليوم مع البابا ،
اتريدنى ان اكتب سوناتا بهذا الشكل مخالفا افكارى ؟!!!!!،
ارجوك اتركنى فانك لن تحصل منى على هذا ابدا .
شرع بيتهوفن فى تأليف سيمفونيته الثالثة عام ١٨٠٣ وكان لا يزال على اعجابه المتوجس بنابوليون وكانت بطولاته لا زالت صوب ناظريه وهو يؤلفها ، بل وكان كل المحيطين به يعلمون انه سيهديها حتما الى نابوليون ، الى ان جاء عام ١٨٠٤ ونصب بونابرت نفسه امبراطورا فى ردة ثورية ،
هناك مزق بيتهوفن الاهداء وغير اسم السيمفونية الثالثة ال
EROICA
او البطوله
وكتب فى مقدمتها : (اهداء الى بطل ما) .
بعد وفاة نابوليون فى سانت هيلانة عام ١٨٢١ ، سمعه المحيطون به يقول : ويلى لقد الفت موسيقى لهذا الكارثة .
التعليقات مغلقة.