ميساء ..شعر.. درويش جبل
1- مَيْسَاءُ مِنْ فَجْرِ الزَّمانِ تَمِيسُ
وَأنَا المُعَنَّى في الهَوَى بِلقِيسُ
مَرَّدْتُ قَلبي بالحنانِ وَبِالوَفَا
والسِّرُّ رغْمَ جَفَائهَا مَنْبُوسُ
قُلْتُ ادْخُلي صَرْحَ الفُؤادِ مُشَيَّدًا
بَيْنَ الشَّغَافِ نَمَارِقٌ وَكُؤوسُ
وَتَمَدَّدِي كَبِدِي بِكَعْبٍ نَاعِمٍ
بينَ الحَشَا وَعَلَى الوَثِيرِ يَدُوسُ
5- وَجَوَارِحي تلكَ الجَوَارِحُ كُلُّهَا
في طَوْعِ أَمْرِكِ كُلُّهُنَّ حُلُوسُ
وَلْتَطْلُبِي مَا تَشْتَهِينَ شَرَابَهُ
إنَّ المدَامَةَ لِلْهَوى تَحْميسُ
رَاوَدْتُهَا حَتَّى اسْتَقَرَّ مُقَامُهَا
فَوْقَ الحَـنَايَا لِلشُّعُورِ تَسُوسُ
سَافَرْتُ في لُجَجِ الغَرَامِ بِحِضْنِهَا
طِفْلًا لهُ بينَ الهِضَابِ وَنِيسُ
رَتَّلتُ وِرْدِي في أخَادِيدِ الجَمَالِ(م)
كَأنَّنِي مِنْ جِنَّةٍ مَمْسُوسُ
10- وَتَلَوتُ إصْحَاحَ الحَنِينِ تَقَرُّبًا
مُتَرَنِّمًا في عِشْقِهَا قِسِّيسُ
غَلَّفْتُ قَلْبِي بِالجَوَى وَوَهَبْتُهُ
فَلِغَيْرِهَا كلُّ الهَوَى تَدْلِيسُ
فَتَرَبَّعَتْ عَرْشَ الفُؤادِ بِهَيْبَةٍ
وَلَهَا بِسَاحَاتِ النُّهَى تَقْدِيسُ
تَخْتَالُ هَمْسًا في غَيَاهِبِ مُهْجَتِي
فَظَنَنْتُها، طُول الوَريدِ تَقِيسُ
سَلَكتْ شِعَابًا لا تَكونُ لِغَيْرِهَا
إلَّا الرَّجِيمَ عَدُوَّنَا إبْلِيسُ
15- هَزَمَتْ كُرَاتَ الدَّمِّ خَيْرَ هَزِيمَةٍ
فَأصَابَ قَلبي بِالجَوَى فَيْرُوسُ
في شَهْقَةِ الإشْرَاقِ فَاحَ عَبِيرُهَا
ذَرَّاتُ دُرٍّ وَالجُمَانُ نَفِيسُ
فَتَنَاثَرَ الذَّرُّ الـمرَصَّعُ في الرُّبَا
وَعَلَى السُّهُولِ مِنَ السَّحابِ قَلِيسُ
وَشَوَاطئ الشَّفَتَيْنِ فَاضَ رُضَابُهَا
تَاقَتْ لَهُ في العَالَمِينَ نُفُوسُ
واللؤلؤ المَكْنُونُ بَانَ مُنَضَّدًا
وتَلَألأتْ بِالوَجْنتينِ شُمُوسُ
20- فَأَنَبتُ في مِـحْرَابِهَا مُتَهَجِّدًا
وَيْ، في التَّهَجُّدِ كَمْ تُقَامُ طُقُوسُ
السَّعْيُ بينَ جِبَالهَا أدَّيْتُهُ
والسَّعْي فِيهِ مَوَاعِظٌ وَدُرُوسُ
فَتَمَايَلَ القَدُّ المُحَمَّلُ بِالجَنَى
حَتَّى تَبَدَّى لِلرُّمَاةِ حَبِيسُ
فَتَفَلَّتَتْ بَعْضُ السِّهَامِ تَنُوشُهَا
مَا نَالَ مِنْهَا في الظَّلَامِ عَسِيسُ
خُضْتُ المَعَاركَ في شَبَابِيَ دُونَهَا
والآنَ رَهْنَ قُيُودِهَا مَحْبُوسُ
25- نَظَرَتْ إلَيَّ بِرِيبَةٍ أخْبَرْتُهَا
مَازَالَ يَنْخَرُ في المَحَبَّةِ سُوسُ
غَمَزَتْ بِطَرْفِ عُيُونِهَا لا تَبْتَئسْ
يَا هُدْهُدًا فَوقَ البلاطِ يَحُوسُ
إنِّي أنَا السَّيف الَّذِي في غمْدِهِ
بُهِتَتْ لِصَوْتِ صَلِيلِهِ الهُكْسُوسُ
إنَّ الحَرَائرَ كَالسيوفِ نِصَالُهَا
تَلْهُو بِأعْنَاق العِدَا وَتَجُوسُ
إنَّ الخُيُولَ إذا تكونُ أصِيلةً
عَزَّتْ بِسرْجٍ يَمْتَطِيهِ دَسِيسُ
30- فَاقْرَأ مِنَ التَّاريخِ بَعْضَ مَلَاحِمِي
إنْ ضَاقَ صَدْرُكَ أوْ جَفَاكَ جَلِيسُ
فَأنَا عَلَى عَرْشِ الزَّمَانِ مَلِيكَةٌ
مَا دَامَ مِثْلُكَ في الهَوَى رَمْسِيسُ
كلمات/ درويش جبل
التعليقات مغلقة.