ميلاتونين
بقلم زينب عبد الكريم
تتقلب من صوب الى صوب تعارك الفراش تعانق وسادتها الريشية وشرشفها المخملي
تود لو احتضرها النوم فهو كالعادة خصيمها في كل ليلة .تنهض من بعد يأس ,قلق يومي ينتابها لاتعرف ضالته .تقصد باب شرفتها المطلة على باحة يجتمع فيها عدة عمارات . كان ليل طويلاً بارد من ليالي ديسمبر الحالم..كان كل شيء هاديء الا قلبها فلم يعرف الهدوء قط . سرحت ببصرها الى السماء تتأمل جمالها وصفاءها الذي لم تعهده منذ ايام حيث كانت ملبدة بالغيوم لبضع ايام مرت . تترقب ذلك السكون بقلب مرتجف مايلبث أن يهدأ حتى يعاوده الغليان . صدفة تسمع صوت من الشقة المجاورة .صوت إستنجاد
من جارتها أم خالد تصرخ طالبة النجدة .
مدت رأسها لترى ماذا أصاب جارتها فعلمت ان ابنها خالد قد حاول الإنتحار .وبينما هي ترتدي روبها لتنزل كانت تتمتم مع نفسها: ياالله اي افكار سوداويه كان يحمل في رأسه حتى وصل لتلك النقطة من النهاية الاليمة . كانت تنزل وهي مسرعة . وبنفس اللحظة كان هناك جارها أبو عزمي والاخر ابو محمود هو مع زوجته وأولاده .الكل هرع الى بيت الجارة ام خالد . تجمعوا في.باب غرفة خالد .كانت الدماء تسيل بغزارة من وريده .فتعجل ابو عزمي بطلب الاسعاف بينما همت هي تشد على اعلى يده لقطع النزيف وهي تكلمه ظنا منها انه يسمعها فقد كان فاقد الوعي .
: ياالله اي تفاهة هذه .تنتحر .لمن ؟ ولماذا؟
من يستحق .ورب الكعبة لااحد فكلهم مبغضون.
تحركت ام محمود لتهدأ ام خالد : لاعليك سينجو. ادعي له بدل هذا البكاء . الحمدلله اننا تلاحقنا الامر .
“كنت اعد العدة ليوم غد للذهاب الى المقبرة
لازور قبر والده .الحمدلله لم اكن نائمة .لفتني نور غرفته الذي كان مضاءا كغير عادته .مررت لارى ان كان بخير”
هكذا اخبرتهم ام خالد.
ابو عزمي : الحمدلله لم اكن نائما انا الاخر . كنت اعد حساباتي لتجهيز ابنتي ناهد . سمعت الصراخ من اول وهلة.
ابو محمود : وانا كذلك ,أتيت للتو من بيت اخي المرحوم .ابنه كان متاخرا وامه قلقة فبعثت بطلبي لاتكلم معه. لذا كنت سهران .
فنظرت اليهم أرادت ان تخبرهم بانها هي الاخرى لم تنم .فقد اثقلتها الذكريات بمر
مأساتها ولكنها ترددت فهي لاتريد في قرارة نفسها نظرة شفقة من احد فسكتت. وصلت سيارة الاسعاف بصوتها الكئيب الذي كانت تكرهه فهو يحمل بين رناته انذار بان شيء ما قد حصل او سيحصل .فهي لم تنساه منذ ان حملت تلك الاسعاف قبل عامين ابنها الذي غادر معها ولم يعد . نزل سائق الاسعاف واثنين من الكادر الطبي ليحملا خالد الى داخل الاسعاف ..
وبينما تجمهر الكل صاح السائق ابتعدوا , لننهي هذه المهمه بسرعة وأعود لأنام فانا لم أنم منذ الليلة الماضية . حملوا خالد وهرعوا به الى داخل الاسعاف وصعدت معه امه وتحركت السيارة بسرعة جنونيه متجهة الى المشفى.عاد الجميع الى بيوتهم .دخلت هي الى شقتها والقت بنفسها على السرير . انتبهت الى الساعة وهي تشير الى السابعه
:ياالله اي نوم بعد. لم يعد هناك متسع من الوقت لانزل الى الشغل.
نزلت بعد ان اخذت حماما ساخنا لتستعيد قواها ونشاطها .اصطدمت بأحدهم وكان مسرعا .
صحت به :مابالك .انتبه .ماهذا ولم كل هذا الازدحام .هل سيوزعون الكمية على البطاقة التموينية , انه ليس موعدها .
رد عليها وهو فرح .لا .. لقد أضافت الحكومة مادة جديدة للبطاقة التموينية رأفة بالشعب .
هي : وماهي ؟
هو: ميلاتونين .
التعليقات مغلقة.