” مَن سَبَقَ إلى ” بقلم محمد الأمين محفوظ.
عاد تواً من عند حلاق القرية حالقا… دخل الدار ضاربا كفا بكف وضاحكا… استغرب أولاده
جَمعه ما بين الضرب والضحك!!! انصرفوا عنه كاتمين الضحك…
اتفقوا سويا على أن يسألوه بعد أن يغيّر ثيابه وقد أصابه الشعر المتساقط من رأسه.. إلا أن أحدهم
فضّل أن يكون السؤال على الغداء…
انعقد اجتماعهم حول طعام… أظهر أكبر الأولاد تأففه إذ لم يعجبه… لاحظته عين أمه فقالت
هذا ما سيكون والله يكون في العون…
غمز أصغرهم أكبرهم ليعلن السؤال فتناول لقمة مصحوبة بشربة ماء.. ثم سأل:
جئتَ من عند الحلاق ضاربا وضاحكا؟! كيف الحال؟!
ضحك الجميع إلا المسؤول وأمهم…
يجيب : رأيتُ ما لم أره أبدا…
قالوا : أبدا… أبدا ؟! وتوقفوا عن الأكل…
قال أصغرهم : وماذا بعد؟
لم يجب واستمر في الأكل كأنه على معرفة بعنصر التشويق…
يُلحًُون عليه…
قال : رأيتُ في الشارع كلبا وقطة….
قالوا: وما الغريب في ذلك والقرية تعج بالاثنين!!!
يتوقف عن الأكل قائلا : اصبروا وسأخبركم بعد قليل…
عادوا إلى طعامهم…
قال : ارفعوا أيديكم واسمعوا :
رأيت كلبا حضر جريا من دار فلان…
قالوا: مَن هذا الفلان؟
قال : لا قيمة لفلان… العبرة الكلب…
قالوا : منتظرون العبرة…
قال : حضر الكلب ليقتنص من القطة بقايا طعام مرميّ…
قالوا : وماذا حدث؟
قال : انتفش ذيلها ومدت يدها وخمشته…
قالوا : وهل سكت الكلب؟!
قال : لا… لم يسكت بل« هَوْ هَو»ْ ورجع القهقرى…
قالوا : إذن تنازل لها فهي الأحق… ومن سبق إلى مباح فهو له…
قال : عاود الكرّة….
وماذا فعلت القطة؟
أصدرت صوتا أخافه ففر مذعورا… جرت وراءه تطارده…
قالوا : إلى دار فلان؟!
نعم… على مرأى ومسمع كل الشارع…
قالوا اسمح لنا بسؤال أخير :
كبف كانت ردة فعل الشارع؟
لم يضربوا كفا بكف.
وإنما قهقهوا….!!!
التعليقات مغلقة.