نارٌ باردٌ..
بقلم هناء محمد
مازالت تذكرُ نلكَ الليلةِ التي كانت فيها في أبهى زينتها و هِندامها، ناشرةً على ذلكَ الجسد النّاعمِ المرمري عِطرها المُفضل الذي أعجبه أول يوم زواج لهما، يرخي الليلُ ستائرَ ظلّمته، ترفرفُ نسائمُ عليلةٌ، تسكنُ مشاعرُ الحُبِّ في قلبها، تتبختر كالغزلانِ، تتمايلُ كالفراشاتِ بين زهور مازالت تتفتح، تضُمّهم إلى صدرها الحاني مع قبلات الحنان الدافئة و ينام كلُ منهم في مخدعيه، تفيض عليهم بابتسامة مطمئنة، تمشي على استحياءٍ إلى الزَّوج القوي الأمين، وإذا بها تسمعه هائمًا في كلمات الحُبّ و الغرام، يُحلق في سماءٍ ليس بسمائه، فيشتعلُ بركانُ بداخلها يكادُ يأكلُ كل مشاعرِ السَّكنِ و السَّكينةِ، ترجع في هدوء إلى حجرة نومهما، دون أي عتابٍ أو سؤالٍ، حتى فرِغ من تلكَ المكالمةِ المشؤومةِ، تكتفي هي بنظراتها الدافئةٍ له، تلمسُ شعره الأسود الذي أختلط به شعيرات بيضاء، فكانت كالضّوء ينيرُ لياليها، يفتح الزّوجُ معها حديثًا ما كان في الحُسبان، هل يَسكنان سويًا كالليل يداعب نسماتِ الهواءِ؟! لكنّها تفاجأت بأنّه يقول لها : إنني أحُبّ امرأة أخرى، و لا أريد أنْ أظلمكِ، يراودها الحديثُ بداخلها قائلةً : هل بعد ذلكَ ظلم، تضع يدها النّاعمةَ الرقيقة كالحرير على تلكَ الشّفاه القاتلة التي شجت صدرها و طعنتها في ذلكَ القلب النّقي الوفي و هي تبتسم له كطفلة بريئة، قائلةً له : حِبّ مَنْ شئت، المهم أنا أحُبُّ مَنْ، تضع رأسها على وسادتها التي جرى عليها نهرٌ عذبٌ من الدّموع المخلصة مرددةً في نفسِها لماذا؟! و كأنَّها وِردٌ يُحصِّنها من تلكَ الوساوس كلُ ليلةٍ، ثم تستيقظ على يدٍ دافئةٍ تلعبُ في شَعرِها مع قُبّلة بريئة على خدها، و صوت كالعصفور يقول لها : جَدَّتي أصحى بقى، يضحك جَدّه و هو مُمسك به و يحضنها حضنًا به عبق السنين المليئة بأعاصير و زهور الربيع، يميل عليها في سريرها قومي حبيبتي لقد أعددّتُ السّريدَ و الرقاقَ، كلُ عامٍ و أنتِ حبيبتي، تنظر إليه و في صوت رقيق لم يغيره الزّمنُ،
_ كلُ لحظةٍ و أنتَ في دمي و شرياني حبيبي.
التعليقات مغلقة.