نبى كريم من أنبياء ألله
محمــــد الدكــــرورى
عيسى ابن مريم ابنة عمران ، ولد في بيت لحم ، هو أحد أولي العزم من الرسل، وهو نبي كريم، تقي نقي، رحيم وجيه، زاهد بار، جعله الله مباركًا أينما حل وحيثما ارتحل، آتاه الله الآيات البينات، والحجج الواضحات، والبراهين الساطعات، وأيده بروح القدس والخوارق والمعجزات .
وهو نبي كريم زاهد خَلَقَه اللهُ تعالى من غير أبٍ فقد جاء في القرءان العظيم:” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ”. وأمُّه مريم التي وصفَها اللهُ تعالى في القرءان الكريم بالصدّيقة والتي نَشَأت نَشْأةَ طُهرٍ وعفافٍ وتربّتْ على التقوى تؤدّي الواجباتِ وتُكثر منْ نوافل الطاعات والتي بشّرتها الملائكة باصطفاءِ الله تعالى لها منْ بين سائرِ النساء وبتطهيرها من الأدناس والرذائل.
وعيسى ابن مريم بنت عمران روحُ الله وكلمته التي ألقاها إلى الصِّديقة الطاهرة العفيفة مريم عليهما السلام، آخر أنبياء بني إسرائيل سلام الله عليهم، فإن قصة الاصطفاء تبدأ من عمران أحد علماء بني إسرائيل وأخيارها، وكانت زوجته عقيمة وكانت زوجةً صالحة، فنذرت إنْ هي حملت لتجعلنَّ ولدها محرَّرًا لله تعالى خالصًا لخدمة بيت المقدس، فحملت بمريم عليها السلام .
وعاش عيسى وأمه في منطقة قد هيئها الله لهما كرامةً منه وعناية ولطفًا، ذات مكان مرتفع، من صفاته أنه ذو قرار ، أي: مكان مستو فيه الثمار وما يدعو للاستقرار فيه، ومعين أي: ماء جار على وجه الأرض وأما تحديد المكان فمختلف فيه، فقيل: الرملة في فلسطين وقيل: بيت المقدس وقيل: دمشق وأيًّا يكن، فالله عز وجل قد اصطفاه وهيَّأه لمهمة عظيمة فقد كان بنو إسرائيل في الضلال غارقين، وعن دعوة موسى عليه السلام منحرفين، فكان عيسى عليه السلام رسولًا إليهم مصدقًا لما بين يديهم، داعيًا إلى الحق وإلى صراط مستقيم
وأيَّد الله عبده ورسوله عيسى سلام الله عليه بآيات باهرة، ومعجزات ظاهرة، تأييدًا وتصديقًا، وكما هو شأن بني إسرائيل مع رسلهم السابقين فقد كذَّب عيسى أكثرُهم، وما آمن معه إلا قليل ، وإن عيسى سلام الله عليه رسول من عند الله قامت دعوته على توحيد الله، فالرسل جميعًا دعوا إلى ذلك .
إن الله آتى عبده وسوله عيسى ابن مريم عليه وعلى أمِّه السلام الإنجيل، وهو كتابٌ فيه هدى ونورٌ، ومصدق لما بين يديه من التوراة، وفيه موعظة للمتقين، وفيه أحكام وشرائع من رب العالمين، وفيه بشارة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه ذكر بعض صفاته وصفات أصحابه صلى الله عليه وسلم، وفيه الحث على العبادة وعلى الجهاد بالنفس والمال، هكذا نعتقد في إنجيل عيسى عليه السلام.
وإن الله عز وجل أيَّد عيسى عليه السلام بمعجزات وآيات عظيمة، فقد كان زمانه زمان الطب فجرت على يديه معجزات تناسب زمانه ، فكلامه في المهد مع أمه ومع قومه، يُعد من معجزاته، وكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، وكان يمسح على الأكمه وهو مَن ولِد أعمى ، فيبرئه بإذن الله، وكان يمسح على الأبرص فيشفيه بإذن الله، وكان يحيي الموتى بإذن الله، وكان ينبئ الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم.
ويتزامن نزول نبى الله عيسى عليه السلام مع خروج الدجال، فبعد أن يتحصن المسلمون بالمسجد الأقصى ينزل عيسى ابن مريم، وهم يريدون صلاة الفجر ينزل واضعا كفيه على ملكين، فيصلي خلف المهدي، وهو إمام المسلمين وقتئذ، ثم يخرج، فإذا رآه الدجال هرب، حتى لا يجد ريح المسيح عيسى ابن مريم، فإنه لا ينبغي لكافر يجد ريحه إلا مات، فيتبعه عيسى عليه السلام ويقول: إن لي فيك ضربة لن تسبقني، فيذوب كما يذوب الملح في الماء، فيدركه بِبَابِ لُدٍّ فيقتله.
فيفرح المسلمون بذلك، فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فأحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج: وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء ويُحصرُ نبي الله عيسى وأصحابُه، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة .
ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم، ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا، لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض، حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك.
فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرِّسل، حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، يمكثون على ذلك أربعين سنة، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن، وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة.
وتكون مدة بقاء المسيح بعد ذلك في الأرض أربعين سنة كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” فيمكث أي عيسى عليه السلام أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون” رواه احمد . وقال أبو هريرة رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ قال: ” خروج عيسى يمكث في الأرض أربعين سنة، تكون تلك الأربعون كأربع سنين، ويحج ويعتمر”.
وفى النهايه نقول من لم يؤمن برسالة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعد سماعه لدعوته، فهو من أهل النار، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلتُ به، إلا كان من أصحاب النار”.
التعليقات مغلقة.