ندوة (ذَوِي الهمم .. بين التحدي والإنجاز) لملتقى الهناجر الثقافي على مسرح (مركز الهناجر للفنون) – دار الأوبرا
ندوة (ذَوِي الهمم .. بين التحدي والإنجاز) لملتقى الهناجر الثقافي
على مسرح (مركز الهناجر للفنون) – دار الأوبرا
الإعداد: الصحفيان
عبد العزيز الهاشمي
وأكرم القصاص
تحت رعاية معالي وزيرة الثقافة المصرية، وقطاع شئون الإنتاج الثقافي، برئاسة المخرج/ خالد جلال، وعلى مسرح قاعة (هدى وصفي) بمركز الهناجر للفنون، بإشراف رئيس المركز الفنان/ شادي سرور، بدار الأوبرا المصرية، أقام (ملتقى الهناجر الثقافي) بإدارة مؤسِّسَتِه مَلِكَةِ الإعلام الثقافي الناقدة الدكتورة/ ناهد عبد الحميد ندوةً ثقافيَّةً فكريَّةً اجتماعيَّةً وطنيَّةً بامتياز بعنوان (ذَوِي الهِمَم .. بين التحدي والإنجاز)، حيث كان ضيوفُ الندوة:
الإذاعي الدكتور/ رضا عبد السلام: رئيس إذاعة القرآن الكريم.
الدكتور/ خالد بن الوليد عبد الفتاح حِفْنِي: عميد (كلية العلوم بجامعة جنوب الوادي).
المهندسة/ أمل مُبْدِي: رئيسة (الاتحاد المصري والأفريقي للإعاقات الذهنية).
الدكتورة/ إقبال السمالوطي: رئيسة (المركز النموذجي لرعاية المكفوفين).
الدكتورة/ عزة فتحي: أستاذة (علم الاجتماع بجامعة عين شمس).
الدكتور/ محمود حجازي: وكيل (كلية الحقوق لشئون الدراسات العليا والبحوث بجامعة حلوان).
الكاتب المسرحي/ محمد عبد الحافظ ناصف: رئيس (المركز القومي لثقافة الطفل).
وذلك بمصاحبة فرقة (عشاق النغم) بقيادة المايسترو الدكتور/ محمد عبد الستار، ومشاركة متميزة من نماذج فنية من ذوي الهمم والمواهب.
أدارت الندوة الناقدة الدكتورة/ ناهد عبد الحميد: مديرة ومؤسسة (ملتقى الهناجر الثقافي).
بدأ الملتقى -بعد أن طَبَّقَ جميعَ الإجراءات الاحترازية حسب قرار مجلس الوزراء المصري منعًا لانتشار فيروس كورونا- بمقدمةٍ افتَتَحَتْها الدكتورة/ ناهد عبد الحميد مديرةُ (الملتقى) ومؤسِّسَتُه قائلة: “نحتفل اليوم بعيد الشرطة المصرية، الذي يُعَدُّ عيدًا لكل مصرى ومصرية، فكل عام ونحن دائمًا بكل الخير والأمن والأمان والاستقرار، كل عام وصمام الأمان في مصر شرطتُنا وجيشُنا بكل أمن وأمان، سبعون عامًا من الإنجازات والتضحيات والتطوير، والتحية موصولةٌ بالطبع لقواتنا المسلحة المصرية الباسلة قادةً وضباطًا وجنودًا، دِرعِ الوطن وسيفِه”.
وأكدت الدكتورة/ ناهد عبد الحميد على أهمية الموضوع الذي يطرحه (الملتقى) هذه الليلة، والذي يُمثل أحد أبرز الموضوعات التي تحوز مكانةً عظيمة للسيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسى، وأشادت باهتمام القيادة السياسية والدولة المصرية بدعم ذوي الهمم والعزائم والوصول بهم إلى بر الأمان، مستعرضةً ما حققوه بالفعل على مدار السنوات الماضية، من نماذجَ رائعةٍ صوَّرت التحدي والأمل والإنجاز، وهو بالتبعية ما يُعَظِّم مِن المأمولِ تحقيقُه في السنوات القادمة في ذات الإطار، موضحةً الدكتورة/ ناهد أن تحقيق الحلم ليس بالأمر الهين، ولا شك أن مفتاح هذا النجاح دائمًا ما يتمثل في قوة الإرادة والعزيمة، وهو ما يُعَبِّر عن تحدي الإعاقة وإنجاز ذوي الإعاقة، مُسْتَشْهِدَةً ببعض الشخصيات المصرية مِن ذوي الإعاقة مِن عمالقة المجتمع المصري في العديد من المجالات الوطنية، مثل: الدكتور/ طه حسين، والموسيقار/ سيد مكاوي، والملحن/ عمار الشريعي، وغيرهم الكثير.
ثم رَحبَّت بضيوف المنصة وعرَّفت بهم فردًا فردًا، وبالمشاركين والحضور كافة.
وبعد ذلك ناوَلَتِ المايكَ الإذاعيَّ/ رضا عبد السلام، لينطلق قائلاً: “بدايةً، يجب أن نتفق جميعًا على أن الإعاقة ليست إعاقة بَدَن، وإلاَّ كان طه حسين مُعَوَّقًا، أو كانت هِيْلِين كيلر كذلك مُعَوَّقة، فإن كان أَيٌّ مِن هذين العملاقين -على سبيل المثال- مُعَوَّقًا فمَن هُوَ السَّوِي! فهذه لا بد أن تكون القاعدةَ التي نبني عليها كل أفكارنا”.
وأوضح عبد السلام بقوله: “حينما اتصل بى الأستاذ/ محمد نوَّار رئيس (الإذاعة المصرية)، لم أكن أصدق نفسي، على الرغم من أن جميع المؤشرات كانت قد توافقت على مجيئي رئيسًا لشبكة القرآن الكريم بالإذاعة؛ لكن القرار صدر، وكان صدورُ هذا القرار يَدُلُّ على أن القيادة السياسية تريد أن تُرْسِي هذه القاعدة التي تؤكد أن مَن يستحق منصبًا سيتولى أمرَه، حتى وإن كان من ذوي الهمم، وخيرُ مثالٍ على ذلك يتجسد في الدكتور/ خالد بن الوليد حِفْنِي، هذا العبقري”.
ورجع رضا فلاش باك إلى الإذاعي الكبير/ حمدي البلك، حينما أصَرَّ على الموافقة عليه لرزانة صوته وإجادته لإلقائه اللغوي الفصيح، متغاضيًا عن نقصان ذراعيه، وقال أن أكثر من ثلاثة عقود من العمل الإذاعي أضاف له شيئًا كبيرًا في حياته المهنية، جاعلاً نصب عينيه مستقبلَه ومستقبلَ كلِّ مَن هُمْ على نفس درب الإعاقة التي جعلها الله له في عباده باختياره، لا باختيار أنفسهم، مفيدًا أن لديه أبناءً صاروا مثالاً للنجاح والتألق، فمنهم الدكتور، ومنهم الإعلامية، شاكرًا شَرِيْكَةَ حياته زوجتَه التي أصرت على الارتباط به رغم ما به، ورغم رفض الكثيرِ ممن سبقوها بسبب إعاقته التي يفخر بها، كونَها عَلَّمَتْهُ كيف يحرث مجدَه بِأَلَمِه، حينما تعلم الكتابةَ بقَلَمِه الذي كان يمسكه بفمه وقَدَمِه.
ثم تحدث الدكتور/ خالد بن الوليد عبد الفتاح حِفْنِي فقال: “أحمدُ الله بدايةً على نعمة الإعاقة، ولا أشعر بالحرج من لقب (معاق)، فهذا هو الصحيح، لِمَ الإنكارُ والغضبُ من هذه النعمة؟! نعم إننى أراها نعمةً لا ابتلاءً، ولِأَنَّ كلاًّ مِنَّا مُبْتَلىً؛ فحينما قدر الله سبحانه وتعالى أن أسير مستعينًا بعُكازين لم يُمَثِّل لي هذا ابتلاءً في واقع الأمر؛ لأنه كان من الممكن أن يكون ابتلائي بأمور أصعب من ذلك، فطوال حياتى لم أَرَ أن هناك أيَّ شيءٍ ينقصني على الإطلاق، أمارس الرياضة حينما أريد مثل: كرةِ القدم، وتنسِ الطاولة، ولقد سافرت إلى ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإندونيسيا، وتونس، فأحببت الرجوع إلى تراب الوطن وتمنيت خدمته؛ لذلك لم أقدر على فراق الوطن، حتى وإن أتيحت لي فرصة أخرى لمواصلة حياتي العملية بالخارج”.
وفي مختتم حديثه وجه الشكر لوالديه اللذَين واصلا دعمه بكل قوة، حتى تمكن من تحقيق النجاح، وأشار إلى أنه يفضِّل أن يُنسب له وصف (معاق)، على أن يكون شخصًا مُعيقًا للآخرين! رغم أن المعاق الحقيقيَّ هو الذي يُعِيْقُه الآخرون، وهم ليسوا معاقين من الآخرين، وإنما هم (ذوو إعاقة) من الله تعالى، وهذه إرادته سبحانه.
ومن الطريف أنه سَمَّى ولده: (سيف الله)؛ ليكون (سيف الله خالد بن الوليد)، علمًا أن اسم (خالد بن الوليد) هو اسم مُرَكَّبٌ له وحده.
من ناحيتها تحدثت الدكتورة/ إقبال السمالوطي بقولها: “آن الأوان أن نتوجه صوب الأماكن الأكثر احتياجًا، ونُجري حصرًا حقيقيًّا لذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعيشون خَلْفَ أبواب منازلهم المغلقة ولا يشعر بهم المجتمع؛ لكي نكتشفهم ونعطيهم الثقة بالنفس؛ فإن الأُسَرَ نفسَها وكذلك المدرسين وسائرَ عناصر المجتمع، في أَمَسِّ الحاجةِ إلى بناء هذا الوعي، وهذا هو دور مؤسسات المجتمع المدني الحقيقي ورسالتُه الأسمى”.
من ناحيتها أوضحت الدكتورة/ عَزَّة فتحي القول: “نجد الكثيرين -ممن هم ليسوا بمعاقين جسديًّا- معاقين في حقيقة الأمر في جوانب أخرى، وخيرُ مَثَلٍ على ذلك مَن يتجه لتعاطي المخدرات، أو من يتجه للانضمام للجماعات الإرهابية لتدمير البلد، والكثيرُ من النماذج السلبية التي تمثل العديدَ من الإعاقات بمعنى الكلمة”.
وفي ختام كلمتها أشارت الدكتورة/ عَزَّة إلى أن مفهوم الذكاء متعددُ الأنواع، وذلك وَفقًا لنظرية الذكاءات المتعددة المنسوبة للعالِم الأمريكي/ جاردنر؛ لذا لا يمكن أن يُشَكِّل أيُّ قصورٍ جسدي أيَّةَ إعاقة؛ فكلٌّ مِنَّا لديه تَمَيُّزُه ومَوْهِبَتُه.
وتحدثت المهندسة/ أمل مُبْدِي وقالت: “كلمةُ (معاق) تُعَدُّ خطأً بالأساس؛ فالمعاق هو من أعاقه المجتمعُ حينما لا يُوَفِّر له الوسائل التي تُسَهِّلُ معيشتَه، وقد ثَبَتَ علميًّا أن إنتاجية المُعاقِين جسديًّا تتفوق على إنتاجية المُعافَين بحوالي (35%)، ويرجع ذلك إلى تركيزهم بشكل أفضل على الإنجاز والدقة”.
وفي نهاية حديثها أشادت بدعم الرئيس/ السيسي لأصحاب الهمم، النابع من إيمانه بقدراتهم غير المحدودة، والذي ظهر بوضوح من خلال الحوار المشترك المباشر الذي أجراه السيد الرئيس مع المشاركين في احتفالية (قادرون باختلاف) في دورتَيها.
بدوره أضاف الدكتور/ محمود حجازي فقال: “الدستور المصري ينص على أن الدولة تضمن حقوق ذوي الإعاقة الاجتماعية والثقافية والتعليمية، وخلافهم، وفيما يخص بطاقة الخدمات المتكاملة، نجد أن القانون يضع عقوباتٍ رادعةً لمن تُسَوِّل له نفسه أن يَدَّعِي أنه من ذوي الإعاقة؛ لكى يحصل على الخدمات المخصصة لهم، كذلك يردعُ القانون مَن يتنمَّر على ذوي الإعاقة، أو يرتكب في حقهم جريمةً، سواءٌ كان من أولياء أمور ذوي الإعاقة أم من الغير، وتُشَدَّدُ العقوبةُ في حال ارتكاب الجريمة مِن قبل مَن يتولى رعاية ذوي الإعاقة أو تربطه علاقة قرابة من الدرجة الرابعة؛ لأن الأصل أن يقوم بحمايته”.
ختامًا تحدث الكاتب المسرحي/ محمد عبد الحافظ ناصف وبدأ حديثه بأبياته من شعر العامية المصرية قائلاً:
“من غير خلاف * (قادرون باختلاف)
نبني حِلْمْ للوطن * بِإِدين ولادنا الْمِشْ ضعاف
إنتَ عارف إنت إيهْ؟! * النهار فارد إيديكْ ..
إنت ضحكة في عينيهْ * إنت الأمل مين غيره ليكْ”.
وفي اختتام حديثه أوصى بتوحيد المفاهيم التي توصف ذوي الإعاقة، كما شدد على أهمية توفير التدريب لأصحاب الهمم، خاصة الذين يعانون من الإعاقات الذهنية؛ فهم الفئة الأكثر استحقاقًا للدعم، ولذلك “نعمل في (المركز القومي لثقافة الطفل) على توفير الدعم بشكل خاص لمن يعانون من متلازمة سيندروم وأُسرهم، بجانب أصحاب الهمم بشكل عام، ودائمًا ما تفتح الحديقةُ الثقافيةُ بالسيدة/ زينب أبوابها لهؤلاء المبدعين من أبنائنا” حسب قوله.
هذا وقد تخللت المناقشةَ عدةُ فواصل غنائية بمصاحبة موسيقى فرقة (عشاق النغم) بقيادة المايسترو الدكتور/ محمد عبد الستار؛ الذي قدم كوكبة متميزة من الأصوات الصاعدة، التي أنشدت باقةً متنوعة من الأغانيات الوطنية والتراثية منها:
(هنحب مين): عمر حمدي.
(جانا الهوا): تامر نبيل.
(دارت الأيام): هديل ماجد.
(مقدمة مسلسل أرابيسك): أدهم جوهر.
(عاشقة ومسكينة): فرح محمد.
(تَمَلِّي في قلبي): علي.
(إنت عمري): الطفل اليمني/ هشام اليمني، الذي شرَّف اليمن بهذه الطلة الرائعة والأداء المتميز الفريد الذي لا يكون إلا من متمرس، رغم سِنِّهِ الصغيرة.
وشهدت الفعالية الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية، التي تتبعها سائرُ الجهات التابعة لوزارة الثقافة المصرية، بهدف الوقاية والحد من انتشار فيروس (كوفيد 19 – كورونا).
وفي الختام فُتِحَ المجال للمداخلات المتعددة التي صُبَّتْ جميعُها في دعمهم الكامل والشامل لكل يَدٍ تَمْتَدُّ بالعون والتشجيع لكل ذي إعاقة من ذوي الهمم، وثَمَّن أحدُهم ما تقوم به القيادةُ السياسة والمجتمع في توفير السبل الممكنة لتمكين ذوي الإعاقة من ممارسة أعمالهم وحياتهم بدون تَنَمُّرٍ أو انتقاص، ومعترضًا آخَرُ على مصطَلَحَي (ذوي الهمم)، و(ذوي العزائم)، قائلاً: كلُّنا ذوو همم وعزائم، سواءٌ كنا معاقين أم غير معاقين، والأنسب هو تسميتهم بالمصطلح الذي هم عليه بالفعل وهو (ذوو الإعاقة).
كانت هذه الندوة المباركة بحضورٍ كثيف من شخصيات المجتمع الثقافية والفنية والعسكرية، ومرتادي الثقافة عمومًا.
وفي منتهى هذه الندوة اجتمع الجميع لالتقاط الصور التذكارية المعبِّرَة عن روح التآخي بين جميع أفراد المجتمع، جماعاتٍ وفُرادَى.
وبالله التوفيق والتفوُّق.
التعليقات مغلقة.