ندوة (رمضان.. ومحبة الأوطان)
على مسرح (مركز الهناجر للفنون) – الأوبرا
المشاركة والإعداد:
الدكتورة/ ناهد عبد الحميد،
والصحفي/ عبد العزيز الهاشمي:
تحت رعاية معالي وزيرة الثقافة المصرية، وقطاع شئون الإنتاج الثقافي، برئاسة المخرج/ خالد جلال، وعلى مسرح قاعة (هدى وصفي) بـ(مركز الهناجر للفنون) بدار الأوبرا المصرية، عَقَدَ (ملتقى الهناجر الثقافي) ندوته الشهرية، بإدارة مؤسِّسَتِه ملكة الإعلام الثقافي الناقدة الدكتورة/ ناهد عبد الحميد ندوة ثقافية فكرية دينية وطنية بامتياز بعنوان (رمضان.. ومحبة الأوطان)، وهو يوم مبارك حيث صادف ليكون يوم مولد ملكة الإعلام الثقافي الدكتورة/ ناهد عبد الحميد، مديرة هذه الندوة.
وقد كان ضيوفَ الندوة هم:
الشيخُ الدكتور/ أسامة الأزهري: مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية.
ونيافةُ الأنبا/ إرميا: الأُسْقُفُّ العامُّ، ورئيس المركز الثقافي القبطي الأورثوذكسي بالكاتدرائية الْمُرْقُصِيَّة بالعباسية.
وبمصاحبة (فرقة الْمَوْلَوِيَّة)، بقيادة الفنان الدكتور/ عامر التوني.
وقبل الندوة كان قد نشر الشيخ الدكتور/ أسامة الأزهري على صفحته الرسمية بالفيسبوك قوله: “يواصل ملتقى الهناجر الثقافي تحقيقَ أهدافه التنويرية التي طرحت الرؤى والقضايا الفكرية والإبداعية، وإلقاءَ الضوء على أحد محاوره المهمة، التي تتعلق بمصير وطن بأكمله، فمن خلال الفكر والمعرفة نستطيع الارتقاء بمستوى الوعي لدى المواطن المصري، ويهدف الملتقى إلى انتشار الثقافة ودورها الفعال على الأرض في دعم مؤسسات الدولة الوطنية”. انتهى.
موجز العناوين المهمة المستخلصة من الندوة تقول:
“شهر رمضان الكريم شَهِدَ أهمَّ الانتصارات والملاحم”: الدكتورة/ ناهد عبد الحميد.
“وطن بلا كنائس خيرٌ من كنائس بلا وطن”: الدكتور/ أسامة الأزهري.
“أتمنى الخيرَ والسلامَ لبلادِنا في العالَمِ أجمع”: الأنبا/ إرميا.
التفصيل:
بدئت ندوةُ الملتقى كالعادة بالسلام الوطني لجمهورية مصر العربية.
عَقِبَ ذلك رَحَّبت الدكتورة/ ناهد عبد الحميد، مُؤسِّسَةُ ملتقى الهناجر الثقافي ومُدِيْرَتُه، بضيوف الملتقى والحضور في المنصتين الكبرى والصغرى، وقدمت الضيوف ببعضٍ من السيرة الذاتية لكل منهم، ثم قالت: “إن شهرَ رمضان المعظم شهرُ الخيرِ، والتسامحِ، والسلامِ، ونشرِ التراحم، والمحبةِ بين الجميع، وتحلو لنا في لياليه الجميلةِ أطيبُ الأوقات المليئةِ بالتسابيح والذكر والصلاة على رسول الله المصطفى، صلى الله عليه وسلم”.
وأشارت عبدالحميد إلى أن شهر رمضان يبعثُ البهجة والفرحة والسرور في النفوس، ويجدد وينشر الإيمان في القلوب، وينشر التواصل والتراحم والألفة والمودة في كل بيت مصرى، أعاده الله علينا بكل المحبة والرخاء.
وتابعت: “إن مَن ينظر إلى هذا الشهر ويتأملُه سيجده كذلك شهر الملاحم والانتصارات، فقد أسبغ الله -سبحانه وتعالى- على هذا الشهر الفضيل كثيرًا من الفضل والعطايا والمنح، وجعله ميقاتًا لأداء فريضة الصوم بما لها من فضائل في تقوية العزيمة والصبر، وأنزل في أيامه المباركة أيضًا كتابه العزيز، وإذا نظرنا في كتب التاريخ، سيتضح لنا أن أهم الانتصارات والملاحم شهدها شهر رمضان الكريم بداية من غزوة بدر، التي وقعت في العام الثاني الهجري، وصولًا إلى انتصارات العاشر من رمضان عام 1973م، إنه شهر رمضان الذي نستلهم نفحاته، ونستعين بروح انتصاراته في مواجهتنا لخفافيش الظلام وأصاحاب الأفكار الظلامية، التي أوقعتنا في براثن التطرف والإرهاب لسنوات وسنوات، وانتصرنا عليها بفضل الله تعالى، الذي حبانا بقوة الإرادة الوطنية المصرية، تلك السِّمة التي تتميز بها الشخصية الوطنية المصرية، صاحبة الحضارات المتتابعة عبر التاريخ، الحضارة المصرية التي جعلتنا شعبًا مصريًّا واحدًا يمتلك هويته الفريدة مما يزيد عن سبعة آلاف عام”.
وأضافت عبد الحميد: “إن احتفالنا جميعًا بحلول شهرِ رمضان المبارك، وأَحَدِ السَّعَف، وعيدِ الفطر، وعيدِ الأضحى المبارك، وعيدِ الميلاد المجيد، وشَمِّ النسيم، وسَبْتِ النور، والمولدِ النبوى الشريف، يؤكد الشراكة التي يكون أساسُها وقوامُها المحبة والألفة والتسامح والأخوة، ولا يأتى احتفالنا بتلك المناسبات بسبب كونها مناسبات دينية مباركة وسعيدة فحسب، بل لأنها تمثل هويةَ وطن في الأساس، تجعلنا نشعر بالهوية الخاصة لهذا الوطن، من خلال زيارتنا للمساجد والكنائس العتيقة ونرى المآذن والأَدْيِرَة، ونزور شارع الْمُعِز، وبيتَ السِّتِّ/ وسيلة، وقصرَ الأمير/ طاز، وسبيلَ أمِّ عباس، ومسجدَ الرفاعي، ومسجدَ السلطان/ حسن، ونتجول في الكاتدرائية الْمُرْقُصُيَّة بالعباسية التي تحتضن المركز الثقافي القبطي الأورثوذكسي، هذا المركز الوطني العظيم الذي يقدم كل خدماته التعليمية والثقافية والتنويرية والمجتمعية، وما أكثرها من خدمات مجانية، يقدمها المركز الثقافي القبطي لكل المصريين مسلمين ومسيحيين”.
وواصلت: “وكذلك حينما نذهب لزيارة الأهرامات والمعابد المصرية القديمة، نطرح على أنفسنا سؤالاً: هل الغرض الأسمى لمحافظتنا على هذه المواقع والمزارات التاريخية الرائعة هو حفظ تراثنا وحضارتنا العريقة فقط؟! بالطبع لا؛ فإنها ترمز إلى هوية وطننا وتشكُّلها في المقام الأول، لكي ترسخ داخلنا المعنى الحقيقي لكلمة وطن، تلك الكلمة المكونة من ثلاثة حروف، وكثيرًا ما نستخدمها، وأحيانًا نتساءل: ما معنى كلمة وطن؟! هل تعنى الجغرافيا بلا تاريخ؟! أم كلاهما معًا؟! أم أنها تعني ضميرَنا الجمعي أو عقلنا الجمعي؟! هل تشير إلى أجدادنا القدماء أصحاب أقدم حضارة؟! وتتوالى التساؤلات هل وهل وهل؟ فيبقى السؤال: ما معنى كلمة وطن؟! وهل يجب علينا بصفتنا مصريين أن نعبر عن محبتنا لبعض في أوقات الأزمات فقط؟! أم يجب أن يكون هذا في مختلف الأوقات؟! حقًّا فنحن نحمل جينات ثقافية شكلت هويتنا المصرية، التي ظلت صامدة منذ فجر التاريخ حتى اليوم، لكي تجعلنا دائمًا نعي المعنى الحقيقى للتسامح والمحبة والترابط، المعنى الحقيقي لكلمة وطن.
من ناحيته وجَّه الشيخ الدكتور/ أسامة الأزهري، مستشارُ رئيس الجمهورية للشئون الدينية، الشكرَ للدكتورة/ ناهد عبد الحميد، ومسرحِ الهناجر، وكلِّ طاقم العمل المتضافر على إخراج هذا الأداء الثقافي والفكري والتنويري الذي يُعْتَزُّ به، وقال: “ونُكِّنُّ للدكتورة ناهد في شخصها الكريم أسمى آيات الاحترام والاعتزاز والتقدير كمثقفة ومفكرة مصرية تمثل رمزًا مصريًّا نعتز به”.
وأضاف: “أيضًا قبل أن أنتقل إلى الإشادة والترحيب والحفاوة والإكرام لبقية رموز هذه الأمسية، أجدني مدينًا بتهنئةٍ واعتذارٍ في نفس الوقت، أما التهنئة فهي للدكتورة/ ناهد عبد الحميد؛ لأن اليوم هو عيد مولدها، والاعتذار؛ لأننا حينما وصلنا إلى الأمسية فُوْجِئْنا بِعِلْمِنا أن موعدَ الأمسية حال دون احتفالها مع أسرتها بهذه المناسبة، ولو عَلِمنا قبل ذلك بوقت كافٍ كنا قد استطعنا تنسيق موعد آخر لهذه الأمسية، ثم أهنى بعد ذلك بتحية تقدير ومحبة وإعزاز، وبترحيب كبير للعزيز الحبر الجليل نيافة الأنبا إرميا؛ الأُسْقُفُّ العامُّ ورئيس المركز الثقافي القبطي الأورثوذكسي، الذي عرفناه وعَرَفَتْه مصر مفكرًا مصريًّا كبيرًا، ورجلاً وطنيًّا بامتياز، ورمزًا من رموز الكنيسة المصرية العريقة، وقد جمعتنا به ندوات ومؤتمرات ولقاءات شتى، في مختلف مناطق الوطن؛ فما رأينا من سيادته إلا العلم ونُبْل الشخص، حتى انعقدت بيننا وبينه صداقة نعتز به كثيرًا”.
وأعرب الأزهري عن سعادته لوجوده وتشريفه هذه الأمسية، ثم قال: “وأقدم لصاحب النيافة التهنئة للصيام الكبير وبعيد القيامة وبالعيد القريب أيضًا، الأعياد المترابطة والمتكررة التي تتزامن مع أيام شهر رمضان المعظم، والتي تتواكب مع عيد الفطر المبارك، خالص التهنئة لصاحب النيافة، ولكل شقيق مصري مسيحي كريم على أرض الوطن، وندعو الله -جل جلاله- أن يجعل أيامنا كلها بركةً وسرورًا وفرحًا وحضورًا، يا رب العالمين”.
ثم أقدم تهنئة كريمةً وشكرًا خاصًّا للدكتور/ عامر التوني و(فِرقة الْمَوْلَوِيَّة) بكامل أبنائها الكرام، وقال: “شَرُفنا بهم جميعًا اليوم، حيث إن فرقة الْمَوْلَوِيَّة تقدم نمطًا من الفن الرفيع الخالص الممتلئ بالروحانية والإنشاد والابتهال والمديح النبوى، في سلسلة متتالية ومتتابعة من رموز الإنشاد يأتي على رأسهم الراحل الكبير الشيخ/ طه الفشني، والراحل الشيخ/ كامل يوسف البهتيمي، والراحل الشيخ/ الطوخي، والراحل الشيخ/ عمران، والراحل الشيخ/ نصر الدين طوبار، والشيخ/ سيد النقشبندي، ليأتي اليوم الفنان الكبير/ عامر التوني وفرقة (الْمَوْلَوِيَّة) لِتَنْضَمَّ إلى هذه السلسلة التي هي نمط مصري أصيل أطرب آذان المصريين بمكارم الشريعة وملأ آذانهم مدحًا لسيد الخلق، صلى الله عليه وسلم، وحبًّا وكَرَمًا وصِدْقًا وتخلُّقًا وشِيَمًا وآدابًا رفيعة، نمط من الابتهال والإنشاد يمثل المدرسة المصرية العريقة في فنون الابتهال والإنشاد، تلتحق بالمدرسة المصرية الأصلية في فنون تلاوة القرآن الكريم، التي يتربع على قمتها القارئ الراحل الكبير الشيخ/ محمد رفعت، الذي ارتبط في وجدان المصريين بشهر رمضان المعظم، ونجد خشوعًا خاصًّا وسكينةً وتجليًا ونفحةً وروحانية وتحليقًا في آفاق السماء مع آيات القرآن العظيم والذكر الحكيم في تلاوة المرحوم الشيخ/ محمد رفعت، كلما اقترب وقت أذان المغرب في كل يومٍ من أيام رمضان وانطلقت تلاوتُه كأنها فيضٌ سماويٌّ يتنزَّل ويتجلى، وكذلك الراحل الكبير/ محمود خليل الحصري، والشيخ/ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ/ محمود علي البنا، والشيخ/ محمد صديق المنشاوي، وعدد من هؤلاء العشرات والمئات من رموز وشموس تلاوة القرآن الكريم”.
وتابع: “ما زلت أكرر مصطلح المدرسة المصرية الأصيلة والعريقة في تلاوة القرآن الكريم، وفي الإنشاد والابتهال، فضلًا عن رموز المدرسة المصرية في سائر ميادينها ومجالاتها، ومن رموز المدرسة المصرية الوطنية العريقة: البابا تواضروس بكلمته الوطنية الخالدة التي قالها في أحد الأيام: (وطنٌ بلا كنائس خيرٌ من كنائس بلا وطن)، وأنا بصفتي مواطنًا وإنسانًا مصريًّا مسلمًا أعتز بهذه الكلمة من أخي وشقيقي المسيحي، هذه الكلمة الوطنية الخالصة، التي حفرت في قلوبنا جميعًا بصفتنا مصريين الامتنانَ والعرفان، والتي لم تكن غريبة عن تاريخ الكنيسة المصرية الوطنية العريقة والكريمة”.
ومن جهته قال نيافة الأنبا/ إرميا: “بسم الإله الواحد الذي نعبده جميعًا، أخي وصديقي فضيلة الدكتور/ أسامة الأزهري العالِم والعلامة ومستشار السيد رئيس الجمهورية، الشيخ المثقف والمعلِّم والمفكِّر الذي يقدم لمصر -التي عَلَّمَتْه كُلَّ خير- الحفاظ على هذا الوطن الغالي الذي نعيش فيه، الأخ الدكتور/ عامر و(فرقة الْمَوْلَوِيَّة) التي دائمًا ما تنقلنا من الحياة وسط مشاغلنا في هذه الأرض إلى سمو الروح، والدكتورة/ ناهد عبد الحميد، الأخت الفاضلة صاحبة هذا الملتقى، والتي تستضيف مفكري مصر في هذا المكان، هي أم فاضلةٌ وزوجةٌ جمعت بين الأمومة واكتسابها من العلم الكثير، وأعطت من هذا العِلْم لوطنها الحبيب بحب شديد، ضَحَّت كثيرًا، وسافرت من مكان إلى مكان، هي حَمَلٌ وديعٌ، فكان يومنا هذا من هذا الشهر الذي تحتفل فيه بعيد مولدها؛ فهي تنتمي لبرج الحَمَل، تُحِسُّ بمن حولَها، تستطيع أن تقرأ عيونَهم بعُمْق بالغ، وكما قلتُ: هي معلمة ومربية مثقفة، نهنئها بعيد ميلادها، وكما قال فضيلة الدكتور/ أسامة الأزهرى: نحن نعتذر لأسرتها لأننا أخذناها منهم لكي نحتفل جميعًا بـ(رمضان .. وحب الأوطان)”.
ثم تابع قائلاً: “حضورَنا الكريم، مثقفي مصر، بدايةً أحب أن أهنئكم جميعًا في مصر والعالم العربى والإسلامى بأسره بهذا الصوم الذي يأتي كل عام في شهر رمضان، متمنيًا كل الخير والسلام لبلادنا في المنطقة والشرق الأوسط والعالم أجمع”.
ثم قال: “في الحقيقة فترة الصوم تكون من أجمل الأيام في العام، وأقربها لقلوب المصريين الذين عبروا على مدار التاريخ بعمق محبتهم الشديدة لله عن طريق الصوم؛ لأنه بالصوم يتحرر الإنسان من ذاته، ويدرب نفسه على إخضاع الجسد وإرادته بعيدًا عن رغباته، متجهًا نحو محبته لله سبحانه وتعالى، وفي هذا العام يتزامن صوم رمضان مع الصوم الكبير؛ فنجد الشعب المصرى بأكمله صائمًا، وهذا ما يميز مصر في احتفالاتها”.
كما تخلل اللقاء العديد من الفقرات الفنية الدينية الصوفية الرمضانية والنبوية المتميزة، مصحوبة بالرقصات الصوفية المعبرة، قدمتها (فرقة الْمَوْلَوِيَّة) بقيادة الفنان الدكتور/ عامر التوني، حيث تضمنت مجموعة من الأناشيد الصوفية والموالات الصادحة بالروحانيات التي كان عبيرها يملأ أجواء المسلمين قاطبة في شهر رمضان المعظم.
حضر الندوة كواكب من كبار نجوم المجتمع، على سبيل الذكر لا الحصر (حسب الترتيب الأبْتَثِي):
الأستاذ/ حسن هويدي: وكيل وزارة الإعلام الأسبق.
الصحفية/ سناء سعفان.
الفنان/ شادي سرور: مدير مركز الهناجر للفنون.
الصحفي/ صامويل نبيل.
الدكتور/ طارق منصور.
عبد العزيز الهاشمي.
الشاعر/ محمد السقاف.
الفنان/ محمد دسوقي: مدير مركز الهناجر للفنون السابق.
الصحفي/ محمد صلاح.
الشاعر/ هشام الدشناوي.
ولفيف من الفنانين والمثقفين وأساتذة الجامعات.
وفي ختامِ الحفل تم التقاط الصور المعبرة عن اليد المصرية والعربية الواحدة، كما أخذت عدة لقطات مع الدكتورة/ ناهد عبد الحميد، بمناسبة عيد ميلادها المصادف لهذه اليوم المبارك.
وبالله التوفيق والتفوُّق.
التعليقات مغلقة.