ندوة (مناقشة رواية [ستائر شفافة]) بمقر ملتقى السرد العربي – العباسية مشاركة وإعداد: الصحفي/ عبد العزيز الهاشمي:
ندوة (مناقشة رواية [ستائر شفافة] بمقر ملتقى السرد العربي – العباسية
مشاركة وإعداد: الصحفي/ عبد العزيز الهاشمي
أقيمت ندوة لمناقشة رواية (ستائر شفافة) للروائية الكبيرة/ صباح عبد النبي، أدارت الندوة بتميز الكاتبة والقاصة/ عزة عز الدين، وقد تناول الرواية بالمقاربات النقدية والمناقشات المستفيضة عدد من المهتمين بالرأي العام الثقافي، لطرح آفاق مرسومة المعالم حول الفن الروائي والحوار الدرامي لقضايا مجتمعية شائكة، قد تؤدي إلى فقدان الذات أمام تجليات العولمة الرقمية التي طَغَتْ على الأخضر واليابس من عقول البشر، فبات العُرْف غيرَ معروف، وصار المنكرُ لا يستنكره كثيرٌ من الناس.
كان ضيوفُ الشرف الأدباءُ والنقادُ المحترمون الذين تَوَلَّوا المقاربات النقدية (حسب الترتيب الزمني) هم على النحو الآتي:
- الناقد الدكتور/ بهاء حسب الله.
- الناقد الدكتور/ محمد أبو الليف.
- الناقد الدكتور/ حسام عقل.
- الناقدة الأستاذة/ نيهال القويسني.
فمن ناحيته أشاد الكاتب والناقد المصري الدكتور/ بهاء حسب الله بالرواية وتوقف مرارًا على مواضع عدة من الرواية منبهرًا بالأداء والرؤية الدرامية التي لا يجيدها كثيرون، وتطرق إلى مسألة الالتزام الديني الذي بَدَت ملامِحُهُ واضحةً في هذه الرواية، ولا غَرْوَ في ذلك فالروائية/ صباح حافظة لكتاب الله تعالى.
وتناول الناقد الدكتور/ محمد أبو الليف الرواية برؤية عامة، أشاد خلالها بالطريقة الأسلوبية التي تميزت بها الروائية، وأن تربيتها الصعيدية ساعدت في نقل الأحداث الحقيقية لهذه الرواية بلمسات تقليدية واضحة، وركز على بعض المصطلحات التي تميزت بها الرواية بصفتها روايةً لها طابع شَعْبَوي خاص، وقال أنها أحيانًا تتطرق إلى بعض الأحداث بإسهاب شديد وتطويل قد لا يكون مهمًا لحدث ما في الرواية، ويكفي ذلك بضعة أسطر تقوم بالمهمة لتوصيل الفكرة.
- أما أمير النقد العربي فقط بدأ كلامه حول الرواية بأن تطرق إلى موضوع النقد عمومًا فقال: “إن الأقرب أن نقول: مقاربات، لا نقدًا”، فهو لا يميل إلى مصطلح نقد بقدر ميله إلى مصطلح مقاربة، فالنقد يُفَنِّد الخطأ والصواب، والمقاربة قد تحتمل الخطأ والصواب عند البعض وقد لا تحتملهما عند البعض الآخر. ثم تطرق إلى الرواية وتناول مقتطفات منها مُثَمِّنًا الجهد الذي بذلته الروائية لإخراج هذه الرواية بصورته التي هي عليها، بدءًا بعتبة النص التي تُعَدُّ نصف المقاربة النقدية، فنصفُ المقارَبة العنوانُ وغِلافُه، والنصفُ الآخر النصُّ وخِلافُه، فهو يرى أن التصميم كان مُلْفِتًا جدًّا بأن تناسق الألوان وتعددها والذي تظهر من خلال الستائر والمرأة التي بجانبها إلا أن المرأة حانيةٌ لرأسها إلى حد كبير تعبيرًا على الانكسار رغم نعومة الستائر الحريرية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن العنوان حينما يقول: إن الستائر شفافةٌ فهذا يعني أنها رغم أنها ستائر إلا أنها غير ساترة، فوراء الأكمة ما وراءها، وتطرق إلى مواضع كثيرة من الرواية صَبَّت جميعُها في كأس انفراد الكاتبة بطريقتها الشعبية الخاصة وبأسلوبيتها المعتادة في حياتها اليومية، لتنقل لنا الأحداث بصورة أدق، وذكر لنا مثلاً وقال أن الروائية حينما شبَّهت رجل الدين الملتزم الذي يقول: “إن الرؤية الأولى للمرأة لك والثانية عليك”، وتراه إذا نظر هو إلى المرأة يظل يحدق فيها ثلاث ساعات، أن هذه الطريقة عند الروائية في توصيل رؤيتها تجاه موضوع معين إلى القارئ تنبئ عن إحساس صادق تجاه هذا الموضوع وبدون رتوش تُنَمِّقُ النص ليكون نصًّا روائيًّا مُحَلِّقًا.
- وحينما جاء دور الناقدة الأستاذة/ نيهال القويسني، قالت أنها فوجئت بجزالة هذه الرواية وموضوعيتها، وتعبيراتها الصادقة، ورغم أنها جعلت (70 %) من الخطاب الحواري في الرواية باللهجة العامية، إلا أنها -أي: الناقدة- تجاوزت عن ذلك، وشَفَع للروائية أن بعض النصوص العامية قد لا تَصِلُ الفكرةُ بدونها؛ ولكنها -أي: الناقدة- لا تحبذ أن تتساهل في هذا النصوص العامية إلى هذا الحد، وأنها تقدس التخطاب باللغة العربية الفصحى، وأنها لو جاءها كتاب لمقاربته وفيه أشياء من العامية فإنها ترفض مقاربته؛ لأنها ترى أن صاحب الكتاب لا يستحق أن يُقْرَأَ له؛ لأنه لم يُكَلِّف نفسه عناء احترام القارئ؛ ولكن الروائية/ صباح عبد النبي أَسَرَتْنا بأسلوبها الساحر وجعلتنا نغفر لها ذلك، وقد أشادت بطريقة سرد الأحداث بأسلوب شيق وسلس وبدون تعقيدات أهل الصعيد كون القضية قضية شرف، وتناولت المضمون بشيء من التقارب بين أصحاب الشرف والمتوقع الذي يمكن أن يكون، فمن غير المعقول أن تكون المرأة حاملاً وهي لم تفعل شيئًا، إلا أن المعالجة الدرامية ونقل الأحداث جعلت من الرواية شيئًا معقولاً.
ثم تتابع من الضيوف الكرام الذين نَتَجَتْ إليهم ملاحظاتٌ معينة بصفتها أثرًا رجعيًّا متوقعًا مما شاهدوا من مقاربات النقاد، فقام بالمداخلات النقدية الأدباء والكتاب الآتون (حسب الترتيب الزمني):.
- الروائي السعودي/ أحمد الشدوي.
- الإعلامية اليمنية/ تيسير الشرقي.
- الأستاذة/ هيام الزين.
- عبد العزيز الهاشمي.
- الأديبة الفلسطينية/ فَدْوَى عباس.
حيث أشاد السيد الروائي السعودي/ أحمد الشدوي بأداء الكاتبة/ صباح عبد النبي، مُثَمِّنًا عاليًا أداءَها المتميز.
وجاء دور الكاتبة المصرية/ هيام الزين، التي تناولت المجتمع الريفي ومدى استجابة العقل الباطن للتربية التي ينشأ عليها جيل معين، فهي ترى أن المرأة فيها ما يعادل (30 %) من المشاعر ذكوريةً، و(70 %) من المشاعر أنثويةً، وكذلك الرجل فيه نسبةٌ لا بأس بها من الأنوثة، وهذه سُنَّة الحياة، فقد يَغْلُبُ شيءٌ على شيء، فتحدُث بعض الجرائم من حيث غَلَبَةِ نسبةٍ على أخرى.
ومن جهتها قالت الإعلامية اليمنية/ تيسير الشرقي أن الرواية لا شك أنها تعالج قضية حساسة في المجتمع، لذلك جاءت بأسلوب صعيدي جميل، وأشادت بـ(ملتقى السرد العربي) الذين يضم جميع أطياف العرب.
- وبدوره تطرق عبد العزيز الهاشمي أولاً إلى (ملتقى السرد العربي)، مُثَمِّنًا ما يقوم به الملتقى من جمع العرب في إكليل عربي واحد، ومدى تَعَلُّم وتَتَلْمُذ الكثير على يد الأستاذ الدكتور/ حسام عقل، وكان يتمنى أن يتم تصدير هذا العلم إلى الخارج وفتح فروع ليس للملتقى فحسب كما في عمان، بل بتصدير تلاميذ ينقلون عن أستاذهم ما تعلموه وأجادوه من النقد العربي، ومن المقاربات النقدية، ومن الأدب عمومًا، وليس بالضرورة تقليد الأستاذ في ذلك، فأبو حنيفة ورَّث تلميذَه مالِكًا فخالَفَه، ومالكٌ ورَّث تلميذَه الشافعي فخالَفَه، والشافعي جاء بعده ابنُ حنبل فخالَفَه، وهكذا. ثم تناول الروايةَ قائلاً أنه استقرأ الرواية من خلال سماع ما يقال عنها من كل اتجاه إبَّان المقاربات المتنوعة، وخرج برؤية أن الرواية تعالج قضية شرف، وأنها قضية شائكة، وتطرق إلى مسألة النص العامي بأنه يؤيد وبشدة الالتزام بالنص الفصيح؛ بيد أنه ولأسباب درامية بحتة؛ وفي أحايين قليلة جدًّا قد يحتاج القاص أو الروائي إلى جعل المتحدث في القصة أو الرواية يتحدث بلهجته العادية حتى يتخيل القارئُ المتحدث بهيئته التي هو عليه، فمن غير المقبول عند البعض أن يتحدث معلم في قهوة باللغة العربية الفصحى، وهذا مسموح به في حدود محددة، أما أن تكون الرواية كلها بهذا الحجم من النص العامي فهذا كثير جدًّا. وتطرق إلى أن بعض أسباب الجرائم أن المرأة التي تحمل نسبةً منها رجولية، والرجل الذي يحمل نسبة منه أنثوية، هذا قد يتغير بتغير الظروف، فقد ترتفع نسبة الرجولة عند المرأة فتصير جدعة وأخت رجال، وقد ترتفع نسبة الأنوثة عند الرجل فتصير مياصةً بين الرجال، وهذا نادر.
- وقالت الأديبة الفلسطينية/ فَدْوَى عباس أنها مسرورة بهذا الزخم الأدبي في مصر، وتتمنى أن يكون دائمًا متألقًا.
وخلال الندوة تحدث الدكتور/ حسام عقل وقال أن المقاربات جاءت بكوكتيل جميل من الآراء النقدية المثمرة، ثم رحب بالوفد اليمني، ورحب كذلك وأشاد بتوقيع بروتوكول التعاون الذي تم مؤخراً بين (ملتقى السرد العربي) و(منتدى الهاشمي الثقافي)، وقال: إن ذلك سيكون إضافة إلى الملتقيات العربية لنشر الروح العربية بشكل أرحب.
وفي الختام: عَقَّبت الكاتبة والروائية/ صباح عبد النبي على ما قيل، وقالت: إن القصة حقيقية حصلت عندهم في الصعيد، ونقلتها إلينا بأمانة، مما أثار انداهش الحاضرين، من كمية الدقة وبعض الغرابة التي صاحبت الرواية. ثم شكرت الروائية جميع الحضور الأكارم، وتم توزيع نسخ من الكتاب هدايا للحاضرين.
حضر الندوة على سبيل الذكر لا الحصر (حسب الترتيب الأبتثي): - الشاعر/ إيهاب فاروق.
- الشاعر/ سامي سلوم.
- الدكتورة/ شيماء عمارة.
- الشاعر/ محمود عبد الله.
- الشاعرة/ هيام حمزة (هيومة).
واختُتِمَت الندوةُ باجتماع الضيوف الكرام لالتقاط الصور التذكارية.
وبالله التوفيق والتفوُّق.
التعليقات مغلقة.