نـصـيـحـة من قائد قطار حتى منتصف 2019
بـقلم أسـمـاء الـبـيـطـار
ر
منذُ أن وعت على الدُنيا و هي لا تعرف السفر إلا عن طريق القطار
حتى بعد أن غادرت محافظتها و ذهبت إلى محافظة أخرى .
و كأنها كانت أول مره تستقل القطار بعد فترة طويلة من الزمن .
فنصحها أن تستقل العربةَ الأولى
و أن تجلس ظهرها للجرار حتى لا تكون الشمس في مواجهة عينيها
و الأهم أن يكون باب الخروج قريب منها حتى لا تسير كثيراً على المحطة وسط ذلك الزحام على رصيف الوجه البحري
ذلك الرصيف البعيد المُهمل الذي لا يعرف أحد متى يأتي القطار و لا متى يقوم إلا رُكابه
إلا إنه لم يتركها و قال لها علامات تعرف بها إن كان القطار قريب أم بعيد و أن لا تتحدث إلى أحد من قائدي القطار على الأرصفه الأخرى
و طوال عشرون عاماً و هي لا تحيد عن نصيحته .
و في تلك العربة الأولى من قطار الوجه البحري التي اعتادت أن تستقلها ما يقرُب من عشرون عاماً كانت الوجوه لا تتغير
حتى الأماكن نفس الأشخاص كانت تستقلها كل مره و كأن اساميهم نُقشت عليها و إن غابت شهور
حتى تلك البائعة المُشاغبة هي و ابنتها الصغيرة و التي كان مكانها عند الباب لا يتغير و لا تجلس على كرسي و إن كان فارغاً كان الجميع يعرفها و كانت تعرف الجميع حتى وقت شغبها معهم
حتى هي كانت معروفه لهم دون أن يتحدثون لها و الأغرب انها كانت تجلس في نفس المكان كل مره في تلك العربة المنظمة و الجميلة بناسها الطيبين و مع الوقت علمت أن من يركبون هذه العربة هم عمال مصنع يخرجون في ذلك الوقت و يستقلون نفس العربة كل مره .
و كأنه كان يُريد لها هذه الصُحبة الطيبة كأنه يعلم معدنهم حتى يتركها وسطهم دون خوف عليها و قلق حتى تذهب له و تحكي له كل مره ما حدث فكان يسمع منها بشغف منذ أن قام القطار إلى أن وصل .
و في نهاية الحديث يسألها هل ضايقك أحد ؟
و كان يعلم الأجابة جيداً .
و لكنه كان منظم كتلك العربة .
إلى أن توقف كل ذلك من منتصف عامنا هذا و الذي اوشك على الرحيل كما رحل هو و افتقدته و افتقدت جلستها معه و خوفه عليها و شغفه لحضورها و سماع حكاوي العربة الأولى .
نعم كان أبي قائد القطار الذي افتقدته في منتصف هذا العام
و لكنني لن اشكوا عامي إلى الله فقد كان معي حتى منتصفه .
و ما زالت نصائحه محفورة في عقلي .
رغم أنني لم و لن استقل القطار بعد عامي هذا .
التعليقات مغلقة.