نظرة في آية بقلم مدحت رحال

نظرة في آية بقلم مدحت رحال

((متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان )) ألرحمن
فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ))
(( فيهن خيرات حسان )) … ألرحمن
(( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان )) ألرحمن

تناولت في منشور سابق أقرب الأقوال إلى الصحة في
تثنية وجمع الضمير في الجنان في سورة الرحمن ،
ولربط السابق باللاحق في السورة نذكر ذلك باختصار :
وهو أن التثنية والجمع راعت مرة معنى المفرد ، ومرة معنى الجمع في الجنان .

بقي أمامي تساؤل :
في الجنتين الأوليين :
تقدمت آية المجلس :
(( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق ))
على وصف الحور :
(( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ))
بينما في الجنتين الأخريين :
تقدمت آية الحور :
(( فيهن خيرات حسان ))
على آية المجلس :
(( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ))

ثم بدا لي رأي في سبب التقديم والتأخير في الآيات أبسطه فيما يلي :
علمنا أن الجنتين الأوليين أفضل وأكثر نعيما من الجنتين الأخريين لتفاضل ساكنيها كما فصلنا في المنشور السابق .
واستكمالا لذلك ،

في الجنتين الأوليين :
متكئين على ( فرش ) بطائنها من إستبرق
( وجنى ) الجنتين دان

وفي الأخريين :
متكئين على ( رفرف خضر )وعبقري حسان ،
ولم يُذكَر جنى الجنتين

دعونا نتأمل النعيم في الجنان الأربع

في الجنتين الأوليين :
_ ذواتا أفنان / عينان تجريان / من كل فاكهة زوجان
متكئين على فرش / جنى الجنتين دان
_ قاصرات الطرف

في الجنتين الأخريين :
_ مدهامتان / عينان نضاختان / فاكهة ونخل ورمان
_ خيرات حسان

والآن :
_ ( قاصرات الطرف ) أرفع مقاما من ( خيرات حسان )
وللتنبيه على مقام قاصرات الطرف،
لم يُذكرن في تسلسل اصناف النعيم في الجنتين (ذواتا أفنان ) ،
وإنما انفردن عن تلك الاصناف .
وأما الخيرات الحسان في الجنتين ال ( مدهامتان )
فقد ذُكِرن في تسلسل اصناف النعيم فيهما ،
وذلك للتدليل على فضل قاصرات الطرف على الخيرات الحسان .

_ ألفرش أرفع مقاما من الرفرف
_ جنى الجنتين ورد في ( ذواتا أفنان ) ولم يرِد في
ال ( مدهامتان ) ،
فجاءت الفرش المقترنة بالجنى / وسط الآيات ،
بينما ذكرت الرفرف في / اخر الآيات ،
للتنبيه على فضل الفرش على الرفرف ،

وملخص القول ,
إن ما ذُكِر من تمييز ،
إنما هو للإستعانة بالدلالات اللغوية للألفاظ وصياغتها على بيان فضل الجنان بعضها على بعض ،
كما هو حال فضل ساكنيها بعضهم على بعض في النعيم .
وإلا ففي الجنة باختلاف درجاتها وتفاضلها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

إن أصبت فالحمد لله
وإن أخطأت أستغفر الله
والحمد لله رب العالمين