نظرة في آية…
مدحت رحال
نظرة في آية
(( يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين )) آل عمران ٤٣
لماذا قدم السجود على الركوع ،
مع أن الركوع يسبق السجود في شعائر الصلاة ؟
سؤال سأله لي أحدهم ،
لم أجد جوابا آنيا ، فلم أكن قد فكرت في ذلك ،
وأنوه بأني لست من علماء الدين ،
ولكني أحاول أن أفكر وأتدبر ،
قرأت بعض آراء المفسرين في ذلك ،
ووجدت أكثر من تفسير ،
منهم من يقول بأن الواو لا تعني الترتيب ،
ومنهم من يقول إن الامر بالسجود هو حال الإنفراد ،
والركوع هو الصلاة مع الجماعة ،
وقيل غير ذلك ،
تفكرت مليا ، ثم وضعت أمامي الحيثيات الاتية :
_ ألسجود في الصلاة أكثر من الركوع ،
ففي كل ركعة سجودان وركوع واحد
_ السجود أكثر قربا من الله ،
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام :
أكثر ما يكون المرء قربا من الله وهو ساجد
( أو كما قال عليه الصلاة والسلام )
_ حث الرسول عليه الصلاة والسلام على الإكثار من الدعاء في السجود لكونه أكثر قربا من الله ،
_ ألسجود أكثر وابلغ في التعبير عن الخضوع والتسليم والإستكانة ،
_ نظرت في معنى القنوت فوجدته متعدد الدلالات ،
فهو يعني الخضوع والخشوع
ويعني القيام في الصلاة ،
ويعني الإطالة في الوقوف ،
- فمن حيث دلالة الخضوع والخشوع ،
السجود هو الغاية في الخضوع ، - ومن حيث دلالة القيام والإطالة فيه ،
السجود يقابل القيام ،
*ومن حيث الدعاء في القنوت ( في الوتر أو في صلاة الفجر على خلاف في الراي ) ،
في القنوت :
هو رافع رأسه وكفيه متوجها إلى الله في الدعاء ،
وفي السجود :
هو واضع رأسه بين كفيه على الارض ،
مبتهلا إلى الله في الدعاء ،
وهذا أبلغ دلالة في القرب من الله ، كما ورد في الحديث الشريف المشار إليه آنفا .
_ واو العطف حتى وإن كانت لا تفيد الترتيب ،
فهي تعطي انطباعا في بعض استعمالاتها عن الاهم والأكثر امتيازا كما في هذه الآية .
نقول مثلا :
جاء المدير وسائقه
ولا نقول جاء السائق ومديره
مع أنهما أتيا معا .
_ المتأمل في الآية الكريمة يجد انها ليست بصدد الصلاة وأولويات شعائرها من ركوع وسجود ،
ويبدو ذلك جليا من الآية التي قبلها :
(( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ))
فهي في مقام المن على مريم فيما خصها الله به من اصطفاء وتطهير ،
ثم افتُتِحت الآية التالية :
( يا مريم اقنتي لربك …. )
فالآيتان في مقام النعم ومقابلتها بالخشوع والخضوع وليست في مقام الصلاة الحركية .
نظرت في هذه الحيثيات ،
فوجدت أن السجود متقدم دلالة على الركوع ،
ولأنه مقام المن بالنعم ومقابلتها بالحمد والشكر كما ذكرنا وليس الصلاة وأولوياتها .
فقد تقدم السجود على الركوع .
هذا ما توصلت إليه في تقديم السجود على الركوع في هذه الآية ،
فإن اصبت فالحمد لله ،
وإن اخطات استغفر الله ،
والحمد لله رب العالمين
مدحت رحال ،،
التعليقات مغلقة.