موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

نظرة من دار المسنين … بقلم/ بوعون العيد

181

في زاوية من ذلك المكان المعزول عن صخب العائلة ، وجلبة الأبناء والأحفاد كانت النهايات ؛ بعدما كانت البدايات حبلى بالٱمال رغم الٱلام بين شظف العيش ومغالبة محن الحياة و أرزائها ، وأطيب لحظة ساعة ولوجه باب الدار فيهتف الكلّ باسمه ؛ وهو يحمل ما يسرّهم ويبهجهم ، وهم يشحذون جسده حُنو البنوة فيتنفس صعداء التّعب ، وجَهد الكسب ، ثمّة يمنّي النّفس بالٱمال يرقبها . لكن ليس كلّ ما يتمناه المرء يدركه…؟! وبعد ردح من الزّمن ، وقد جرى قطار العمر سريعا نحو محطة الكهولة ،فالشيخوخة؛ وقد وهن العظم ،واشتعل الرأس شيبا ، ودبّ العجز بين دهاليز المفاصل ، وخفت نور الحبيبتين ، وتفرّقت جماعته . ولم يبق من لذائذ الحياة ما يَلذُّ عدا لمّة العائلة، وماتبقى من ذُبالة الأيام قبل أن يُوسد في الترب ، وتبرد عظامه تحت اللّحد.هنا جلس ينظر الحوالي وَلِها مشدوها يبتلع
الغصّات ، ويُصعّد الأنّات فتتبعهاالزّفرات ممسكا بصورة يستنشق منها عبق ماض تليد صحبة أولاد كان يراهم سُلوة عيشه واكسير سعادته ، وهناءته ، وسنده ومتكأه حينما تقترب شمس أيّامه من المغيب . لكأنه ينتظر أحدهم ليخرجه من أسر هذه الدّار ، فيغادرها طربا كما يغادر البلبل قضبان قفصه نحو أسراب البلابل وهي تجوب السماء حرّة طليقة. وهو كذلك مطرق يحادث نفسه ويهمس في أذن قلبه بلغة مفادها : بني ، بنيتي، ما أسمج العيش دونكم ، وما أشدّ وقع ألم بعدكم عنّي ، وما أمرّ طعم الحياة وأنتم بعيدون عن مرٱي لقد اكفهرت دُنياي ، وادلهمّت أيّامي وصار ليلها سُرمديا، وأنا بين هاته الجدران التي تروي أنين وضجر من أعجزتهم سنين العمر ، وعاد عليهم نُكران الولد بكلكله .
بني، بنيتي، لقد أطعمتكم دقات قلبي ، وبنيت لكم من مهجتي بيت سعادة ، وكان لكم من نخل نفسي السّامق قنوان محبة دان .
بني ، بنيتي مع كل فجر يوم جديد أتطلع مداخل هذه الدار لعلّكم تأتونني كي … ؟! أرقب خيالاتكم كلّما دار الظلّ بخيالي حتى يداهمني كرى الليل قائلا : لقد سكنت حركة الأحياء ولم يبق سوى أنين يتردّد في جوف هذا الليل من المفؤودين ، المتفئدين على فلذات الكبد شوقا . ففي كلّ يوم نطوي صفحة من صفحات دفتر العمر معنونة بعنوان – غرفة الأحزان – فكم فقيدا مات كمدا ، ولم يجد من يبكيه ، بعدما كان يبكي الأهل والأحبة .
عُد حيث مكانك وأذرف دمع من قلّ نصيبه من الأصدقاء ، وأقفر ربعه من الأوفياء .
بني بنيتي ، هاقد لاحت تباشير عيد الأضحى في الأفق ، وأنتم تستقبلونه حبورا وقد علا ثغاء الأضاحي من على شرفات البيوت ، ومستودعاتها ، وتهيأتم لفرحةلفرحته بما أعددتم من حلويات ، ومشاو ، وألبسة ووو…. وأناحبيس هذا الركن يميتني كلّ يوم ألف ميتة .
يافلذات الكبد رغم ٱلامي وعجزي ، ووحدتي ، إلا أنني أفرح لفرحكم، وأنتم بزيّ العيد تلاعبون بنيكم وبناتكم ، ملتقطين صور السعادة ، وأنا الذي كنت أرسمها بريشة الحياة في سويداء قلبي، كي أعلّقها على جدران الذاكرة بلمسة ؛ أبي ياشعلة في فؤادي ، وهاأنذا اليوم أعيد ذكراكم بماتبقى من هذه الصورة . كم أنا مشتاق لأضمكم إلى صدري ، وتكتحل عيناي بأحفادي ، وأسباطي ، وأغادر الدنيا مغتبطا بخلفتي ، سائلا ربي العزة أن يتغمدني برحمته .
فياأيها الغافلون النائمون أفيقوا ، وأزيحوا الغشاوة عن أبصاركم ، واحتسبوا ليوم كهذا عاملين بقول خير البرية : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا .. (الإسراء: ٢٣ ،٢٤)

التعليقات مغلقة.