نظرة من عمق المعاناة…
بقلم بوعون العيد
الاسم : بوعون العيد
كتابات نثرية
البلد : الجزائر
نظرة من عمق المعاناة
من ذاك المكان الجرز ، ومن على تربته كان الموعد واللقاء وقد تراءى لي من بعيد كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء ، وخلته رغد عيش ساعتها فلملمت جراح نفسي المتضورة جوعا فاستفزتني حُمَةُ الْقَرَمِ ، وعَطَفَتْنِي عاطفة اللُقَمِ فَحَثَوْت من ذاك الأبيض وما امتزج به من تراب ويالته من تراب كيف لا وهو يئن تحت وطأة التّصحر، والجدب ،والقحط حتى كان الأثر والأثار بادية من على فمي حينها قلت بقول رب الخلائق ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، ثم حثوت مرة ومرة حتى ملأت يدي اليسرى أو كدت ذلك ، ثم صوبت نظري الى من يشاهدني ويلتقط صورتي وأرسلت له رسالة قلت فيها : يا ناقل الأخبار أنقل بصدق ،وارو عنّي وعنا نحن … ها قد أمحلت الأرض وأجدبت جرّاء …. وهاهو الجوع يطاردنا ،وتتربص بنا الدوائر كما طاردتنا القذائف وأفزعتنا وقضّت مضاجعنا فبتنا نهيم على وجوهنا ،وظنُ أولئك وأولي القربى أن الحياة ستحلو لهم بفنائنا لكن قل لهم:إن الدنيا إذا حلت أوحلت .. وإذا كست أوكست .. وإذا جلت أوجلت وإذا أينعت نعت .. وإذا جفت أوجفت ! وكم من قبور تبنى وما تبنى … وكم من مريض عدنا وما عدنا،وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا مـــات ! ياأيها الغافلون عنا … قد يقتلنا الجوع وتفتك بنا الطبيعة ،وقساوتها لكن الأعمار بيد الله ولعلّ في الآت صدح لأنات نفس ألجمتها الغصات بأحراش البطش وشوك العوز والإملاق ، لكن يا ياعاذلي يبقى العود ما بقي اللّحاء ، ولن يحترق لحافنا لأجل قتل البراغيث ، وسيولد فجر الأمل من رحم الليل الداج ،وستزهر فسائل الخير وتروى بماء القسطاس المستقيم وستسمق أشجارنا الثابتة الأصل وتمتد فروعها حتى عنان السماء ، وسيمتزج الرّبيع الأخضر بالربيع المائي ، يا… لايعيبُك مرآي ولربما قلتَ ما أسمجه وما أرثى أهدامه ، وووو… يا ….لاتَمل بوجهك عنًي ما أنت بدر ولا أنا بفرقد( فحم) أنا ياهذا سليل العزة والعفة، والإباء والرضى بما قسمه رب العزة لنا، ولا نخشى في الله لومة لائم أما أنتم وأندادكم وأترابكم ومن ينعقون بنعيقكم ، ويهتزّون ذعرا لزعمكم ويهرعون وجلاً لفزاعاتكم قد سيّجتكم قدرة الرحمان برهاب ليس بعده رهاب ولا تدرون منْْ عدوكم وعدوانكم ؟ و ستُسيّجكم أغلال ظلمكم التي نسجتم خيوطها ،وستكَبّلكم وزبانيتكم ولن تجدوا لكم نصيرا.
يا …نحن نأكل الفتات نبيت على الطَوى نفترش الارض ونلتحف السماء لكننا نرفع أكف الضّراعة إلى من بيده المنجى والمبتغى، وقد ترَوننا الآن نعيش عيش السعداء رغم ما هيأتموه لأنفسكم للاستمرار والبقاء ، فهَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ . ولعلكم تستشعرون الحقيقة المرة التي هي خير ألف مرة من الوهم المريح .
التعليقات مغلقة.