نظرية القرد …خاطرة بقلم أحمد فؤاد الهادي
قبل سنوات تعد بالعشرات، كان مألوفا أن يصادفك القرداتي في حوش محطة مصر أو في الميادين، ممسكا بسلسلة في نهايتها طوق مصنوع من الجلد يطوق عنق قرد مسكين، وهو يدق على رق في يده ليصاحب أوامره للقرد “ارقص ارقص يا ميمون” ويظل على هذا الحال حتى يجذب أعدادا من البشر من مختلف الأعمار، يلتفون حوله هو وقرده في دائرة مزدحمة، عندها يبدأ استعراض ما درب قرده عليه من حركات بهلوانية كان أشهرها عجين الفلاحة، والقرد المسكين يستجيب ويشقى ويؤدي بذمة وإخلاص، وعندما ينتهي العرض يعطيه القرداتي الرق مقلوبا حتى يصير كوعاء يدور به على الجمهور ليجمع منهم القرش والتعريفة بل والمليم أحيانا، والقرد ليس له جيب، فبعد أن يجمع ما يستطيع يتوجه مسالما إلى صاحبه – الذي لم يعجن ولم يخبز – ليسلمه الرق وقد أثقلته العملات.
وبمرور السنين، وتعدد التجارب الحياتية، اكتشفت هذه النظرية التي تقول:
إن من البشر صنفان: قرد وقرداتي.
الأول: طيب، مسالم، كريم، معطاء، ملتزم، صادق ومخلص… وهذا يقوم بدور القرد.
والآخر: لئيم، ماكر، متكبر، أناني، بخيل، خائن، كذوب ومخادع….. وهذا هو القرداتي.
والشخص القرداتي يتصيد هؤلاء القرود ويسخرهم لإنجاز ما هو ملزم بإنجازه، ثم يمحوهم أو يخفيهم من الصورة ويتصدرها هو ليحصل النتائج وينسبها لنفسه. بينما القرود يعتبرونها جود وإنسانية وتطوع وفعل خير، وبمرور الوقت، يبدأ القرداتي في الاستهانة بالقرد، بل قد يحقد عليه، وقد يؤنبه ويسئ معاملته لإنه لم يقدم عجين الفلاحة كما يجب، أو أن القرداتي قد وجد قردا آخر أكثر سذاجة.
فاحذر أن يتخذك أحد القرداتية قردا دون أن تنتبه، واحذر أن تكون قرداتيا تسرق جهود غيرك وتنسبها لنفسك بكل برود.
وأتمنى أن تكون لديك الشجاعة لتعترف أمام نفسك بمواقف مرت بحياتك وأن تصنف نفسك فيها ما بين قرد وقرداتي، وستدهشك النتائج.
التعليقات مغلقة.