موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

” نقطة عبور ” قصة قصيرة بقلم : سيدة بن جازية

294

” نقطة عبور ” قصة قصيرة بقلم : سيدة بن جازية

لحظة عبوري الجسر مبلّلا كنت حذرا متيقّظا، وقد استوقفني مشهد صادم لخصومة شرسة بين غريبين ،لا أعلم كيف انزلق كاحلي من الدرج لحظة عادت بي الذكرى إلى تلك الحادثة الأليمة منذ عشريّة مضت ، مجرّد سماعي لنبرات أصواتهم و لهجتهم الأجنبية المتصدّعة أربك هدوئي النسبيّ ….
..
يومها إن لم تخنّي التفاصيل استفاق حيّنا فجرا مذعورا على صوت عويل و صياح ونباح،كل شيء بدا يصرخ حتى الجدران و النخيل وأشجار الزينة ، حركة غريبة تدبّ ووجوه غير مألوفة تمرّ من هنا وهناك .تهاطلنا نقتفي الصوت إلى،بيت الجار الهادي مذعورين فرادى و جماعات،كل الأفكار السوداء كانت تجول بخواطرنا ، تكاد تتوحّد حول فجيعة، من فقدنا في هذه اللحظات المشؤومة، خير اللهم اجعله خيرا …
..
حالما وصلنا اكتظّ بنا المكان،لاحت لنا الحيطان سوداء مكتئبة لا تنذر بخير، شاب الطريق وحل و عفن ،دارت على الألسنة عدّة شائعات ؛ قتل زوجته،خانته،قتلت زوجها،وجدت معه عشيقته،ابنهم سقط في البئر، الجدة قضت نحبها بعد سقوطها من الطابق العلويّ، ابنهم الأوسط ذلك الفاشل وُجد مشنوقا بسقف الغرفة….
ردّدوا في صوت خافت،قيل،قالوا،قالا، قلن… كثرت القلقلة و ما من خبر واضح .
حضرت سيارة الإسعاف تنعب في استرسال استنزفت صبرنا و فضولنا …. نزل ممرّضان مسرعين مذعورين….
اشرأبّت الأعناق نحوهم شنّفنا الآذان في حذر ، ساد صمت رهيب، تسارعت النبضات و اقشعرّت الأبدان حين أخرجوه مغطّى بإزار أبيض على سرير نقّال، بدا حجمه لا يشبه أحجام أهل البيت، فارع الطول، عريض الكتفين ضخم الرأس، لاح من تحت الغطاء سواد قدميه. من هذا الغريب القابع بالداخل؟ ما قصّته؟ يا للفضيحة أيكون…؟ بل تكون…؟
_ ردّد جميعنا في خشوع يا لطيف الطف بعبادك…
لفّتنا صفرة الفاجعة المُرة و بدت كل الوجوه واجمة تختنق فيها العبرات و تزدحم الأسئلة…
أرعد نعيبها ثانية شقّ عنان السماء، فجمّع حولنا أناسا من كل فجّ وصوب.
ازدادت الحيرة وعلا الضّجيج ، كثرت تكهّنات القوم ….
من داخل البيت لاح رجل شرطة أو بعض من قبعته، يحاول الخروج جاهدا صحبة بعض شهود العيان و أهل ذاك البيت. بعد لأي غادر المكان بشق الأنفس مفرّقا بعض الجموع. ثم ركبوا السيارة.
قال أحدهم : ما تناهى إلى سمعي محزن و غريب…
صدمة هزّت المكان، ذاك العربيد حاول سرقة بيتهم ليلا لكن صعقة الكهرباء أودت به ، ولم يفطن أحد لوجوده بحديقة البيت الخلفيّة إلا نباح كلبهم الوفيّ .
..
لم يكن له بيت مستقلّ،ولا أحد يعلم جذوره و لا مسقط رأسه إذ لم يجدوا له هويّة أو صديق، بمن سيتّصلون وأين سيقام موكب الدفن و العزاء ؟
اقترح جار صاحب ذاك البيت أن يتكفّل بكل مصاريف الدفن وأن يقيم له موكب عزاء يليق بجار غريب في بلد المسلمين في هذا الشهر الكريم ،تعاون الجميع لإعداد الوليمة / الوضيمة وانقسموا مجموعات حسب الشؤون .
انقضت ثلاثة أيام بلياليها و هم يتسامرون،يقهقهون يتفاكهون في ألفة يتخلّل مجلسهم ترتيل بعض السور الكريمة …
انتشر الخبر بين الأحياء بين مستنكر ومستحسن،لكننا فوجئنا بجحافل المهاجرين خلسة يستوطنون المكان في كل زاوية وشبر و تحت كل شجرة أو جدار أو مفترق…
تغيّرت جغرافيّة المكان و تبدّلت الوجوه و بِتنا خائفين من ردّة فعل غير محمودة العواقب. القتيل غريب ولا نعرف عاداتهم الثأرية…
..
إلى يومنا هذا لا نعلم ماذا سنفعل أو ما الذي حصل.
أخذ كل جار يغادر المكان خلسة إلى وجهة غير معلومة،تشتّتنا منذ ذاك العزاء و تجمّعوا دون مبرّر.
بقيت الجدران والأشجار كئيبة حزينة لفراقنا وماتت بعض الأغصان و الأفراح في قلوبنا لكننا قرّرنا أن لا نقيم موكب عزاء لغريب قطّ.
قالت جدتي مستنكرة :
فعلنا خيرا جوزينا شرا، أدفنّا غريبا يومها أم زرعنا بذورهم، تعويذة شرّ خطّطوا لها دون علمنا…
كانت تلك آخر كلماتها قبل أن تودّعنا حزنا وقهرا على مصابنا. غادرنا كلنا المكان ولم نترك غير ذاك الكلب الوفيّ يوجعنا نباحه .
..
تردّد في بعض المواقع أن كاميرات المراقبة كشفت أنّ مجموعة من بني بشرته عنّفته في تلك الليلة و ألقت به في الحديقة. لم نستغرب الأمر لكن الحادثة تكرّرت بنفس الطريقة في عدة أماكن دون أن نلحظ ردّة فعل من الجهات المسؤولة. صمتوا ، فصمتنا ،تنازلوا فرضخنا للأمر الواقع ….
منذ ذلك التاريخ تهاطل الوافدون و تكالب المواطنون على الهجرات السرية في عبثية مقيتة.
..
كدت أفقد وعيي حقا هذا الصباح على الدرج وأنا أفرك عيني الدامعة بيد مرتعشة وقلب فزع. تذكّرت حيّنا القديم، تفيّأت طيب أهله و حسن معشرهم، لكن سامح الله من غدر بنا…
لم نكن عنصريين وقتئذ فنحن مزيج القارات المتوافدة لكن وقع الحادثة أفقدني أسرتي و مدرستي و بعض الأمانيّ…..
..
تحاملت على نفسي و واصلت عبور الجسر تحت إلحاح زوجتي الغربية متّجهين نحوهما لفضّ النزاع قبل أن تنشب كارثة جديدة تحت الجسر…
أسرعنا الخطى كأعرج يقوده أعمى ، انغمسنا بين الأيد المتشابكة… نحاول افتكاك سلاحهم المشهّر في الأوجه ، صوتها الرقيق السيمفوني يكرر عبارات التهدئة و التسامح…
اختارها القدر هذه المرة أن تكون ضحيتهم الجديدة، طعنة واحدة أفقدت توازننا ، اختلط دمها البارد بدمهم الحامي في بركة قرمزيّة منسابة تحت الإعصار… زمجر الرعد وانشقّ السماء نصفين تحت وميض البرق…. جحظت كل العيون وهما يفرّان مبتسمين نحو الغرب …

التعليقات مغلقة.