نوح.. الطوفان.. نهاية حقبة من الزمان
اعداد مجدي سالم
إن فوران التنور هو إندفاع حمم صغيرة من بركان – إيذانا بإن هذا البركان سينفجر ويبدأ الطوفان.. وسيكون أكبر أدواته وسببا لزلزال عظيم يخرج الماء الجوفي من باطن الأرض ويجلب البحر وأمواجه العظيمة إلى البر- ويزيد البخر مع ارتفاع حرارة الماء بتأثير الحمم فتتكاثف السحب ركاما فوق ركام تسقط مطرا عظيما بأمر الله.. ويصاحب الرعد المطر فيكون الصوت رهيبا في كل الأرجاء.. تماما كما حدث في “تسونامي” شرق آسيا.. يوم أتى الماء من السماء والأرض..
فار التنور – وأمر الله نوحا أن يحمل إلى السفينة من أهله من آمن.. وأن يحمل المؤمنين.. وأن يحمل من جميع مخلوقات الأرض من كل زوجين إثنين.. لضمان بقاء الأنواع من الطير والحيوان على الأرض.. وهو دليل على أن الطوفان قد أغرق الأرض كلها فصارت كرة من الماء.. وأنه ليس صحيحا أن الطوفان أغرق (قوم نوح) فقط.. واقرأ من سورة هود – ” حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ “..
- صعد أهل نوح إلى السفينة.. ولم تكن زوجته فيمن صعد.. ولا صعد واحد من أبنائه كان يبطن كفره عن نوح ويظهر الإيمان.. يقول إبن عباس إن عدد المؤمنين كان ثمانون إنسانا.. واستقرت كافة المخلوقات عليها.. من سورة هود – “وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ “.. واقرأ من سورة يوسف..”حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ”.. ومن البقرة.. “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”.. وانتظر نوح ومن معهه نصر الله.. ألا إن نصر الله قريب..
يجب أن نعترف أنا وكل البشر عن قصورنا عن التعبير أمام وصف القرآن للطوفان.. تجتمع الآيات من السور المختلفة لترسم الصور و لتنقل الكاميرات ما جرى في الواقع بدقة متناهية في سلاسة واقتضاب شديد..
- جاء اليوم الرهيب.. يقال أن جبريل نزل إلى الأرض يومها ليكون في عون نوح.. وبدأ كل ساكن على الأرض يتحرك..
- تفجر البركان الذي بدأ كنار التنور ليولد زلزالا رهيبا تحطمت معه قشرة الأرض وتفجرت منها الماء عيونا.. كان الماء يتفجر من كل فتحة في الأرض.. فتحت أبواب السماء وانهمر منها ماء وسيولا لم تر الأرض لها مثيلا.. الزلزال يرفع قيعان المحيطات والبحار فيفقد الماء هدوءه وتصبح الأمواج جبالا عاتية تندفع تجاه الجزء اليابس من الأرض فتجور عليه.. يأتي الماء من كل مكان ليلتقي محدثا طوفانا رهيبا هائلا يجتاح كل شيء على الأرض..
-غرقت الكرة الأرضية تماما لتصبح كرة مائية.. لا يابسة عليها.. ويعجز التعبير.. إقرأ معي.. من سورة القمر..
” فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِر وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ “… وانظر إلى تعبير القرآن.. فتحنا أبواب السماء.. ماء منهمر.. فجرنا الأرض.. عيونا.. إلتقى الماء.. أمر قدر.. ألواح ودسر (طريقة التركيب المعجز للسفينة)..
واقرأ أيضا من سورة هود.. ” وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَيهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ “..
وتأمل قوله تعالى (موج كالجبال).. وارتفاع الجبل في اللغة لا يقل عن 400 متر..
إرتفعت المياه وغمرت كل شيء على سطح الأرض.. تجاوزت قمم كل الأشجار والجبال.. في بداية الطوفان ندى نوح ابنه وكان في مأمن أن أركب معنا ولا تكن مع الكافرين.. ويرد الإبن: سآوي إلى الجبل.. يناديه نوح أن لا عاصم اليوم من أمر الله.. وبسرعة رهيبة يختفي الإبن.. حال بينهما الموج.. إنتهى الحوار فجأة.. سرعة الطوفان الرهيبة ويحجب الموج عن الوالد أن يغرق الإبن أمام عينه.. إنها رحمة من الله.. وفي سورة هود.. ” قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ “..
كان نوح يعتقد أن هذا الإبن مؤمن وأنه فقط أساء الإختيار وفضل أن يعتصم بالجبل.. فغرق.. واستمر الطوفان.. وحمل الطوفان السفينة في أمان رغم الموج الهائل.. هلك كل شيء وماتت كل عين تطرف على الأرض وبادت الحياة ولم يبق سوى من حملهم نوح في سفينته.. المؤمنون.. وأنواع الطيور والحيوانات التي اختيرت بعناية.. كان الطوفان مروعا عظيما هائلا.. كان دليلا على قدرة الخالق المقتدر.. ويعتقد بعض العلماء أن شكل الأرض في صورتها الحالية كقارات منفصلة قد وقع نتيجة طوفان قديم جبار.. يسميه بعضهم (بالثورة الجغرافية)..
لا نعرف كم من الزمن استمر الطوفان.. لكن الأمر الإلهي صدر.. فتوقفت السماء وأغلقت أبوابها وانقطع الماء.. وبلعت الأرض مائها.. وانحسر ماء البحار والمحيطات وعاد أدراجه.. واستقرت السفينة حيث أمرها الله على (الجودي) وهو موضع جبل في تركيا أصبح مكانه معلوم على الأرض.. وسطعت الشمس..
التعليقات مغلقة.