نوستالجيا النصر لمحمد كمال سالم و…”جاءنا البيان التالي” رقم ١
على السمسمية/
يابيوت السويس
يابيوت مدينتي
استشهد تحتك وتعيشي إنتي(محمد حمام)
عدى النهار، والمغربية جايه
تتخفى ورا ضهر الشجر (الأبنودي)
فدائي فدائي
أهدي العروبة دمائي
واموت أعيش مايهمنيش.
هكذا كنا نعيش وهذا ما كانت تردده الإذاعة المصرية على أسماعنا كل ساعة وكل يوم، كنت في الفصل السادس الابتدائي عندما اندلعت حرب 1973م
أرى الترقب والقلق في عيون أمي وأبي والحماسة في صوت أخي الأكبر والحديث الدائر بين الرجال على قهوة خالي (ثاني) والجيران.
البعض يهلل فرحا بعد البيان الثاني الذي كان فحواه(تمكنت قواتنا من العبور إلى الضفة الشرقية من القناة واجتياز خط بارليف)
والبعض الآخر يشكك ويكذب ويرتكن إلى فعلتهم من كذب على الشعب في هزيمة 1967م وإيهام الناس أننا سحقنا الكيان المغتصب؛ ثم أفاقوا عل هزيمة منكرة وخسائر فادحة (النكسة)
يتجدد الأمل عند أمي وخالاتي في أن يجدن عبده ابن خالتي بديعة الذي اعتبر مفقودا في حرب 67
تبدل الشارع!!
تغيرت لهجة الناس، أصبحت أكثر حميمية تشع أملا.
اقتربت البيوت من بعضها البعض وكأن الجدران والفواصل قد ذابت وتلاشت، كل شئ يتعانق ويتكاتف في مودة حتى الغرباء.
كان هذا شعوري وما التقطته عيناي اللتان تحولتا إلى كاميرا لفيلم تسجيلي تسجل دون أن يدري بها أحد، أو تعي هي مكنون وعمق ما تسجله من لحظات تاريخية فارقة في عمر الأمة.
وأعظم أحداث هذه الأيام بالنسبة لي…
هي أنهم أوقفوا الدراسة وأقعدونا من المدارس وكنا لم نلبث أن بدأنا دراسة منذ أسبوع واحد فقط، كما هي هذه الأيام تماما، فكانت هدنة لي ولأخواني (المقاتلين!) أقصد التلاميذ من تنكيل أستاذ سعد مدرس الحساب كل صباح في الطابور الصباحي لمدرسة كامل الكيلاني الابتدائية.
أصبحت منذ اليوم الثاني 7أكتوبر أتجول مستمتعا بإجازتي وإذا باحتفال كبير عند (عم لطفي بائع الجرائد) حبيبي على ناصية شارع المناصرة ومحمد عليتحت البواكيالذي يعطيني كل خميس مجلة ميكي_والناس يتخاطفون الجرائد وكأنها حلوى توزع مجانا.
شاركتهم واختطفت واحدا، ودفعت ثمنه من مصروفي. الخاص لأول مرة في حياتي أشتري جريدة؛ كانت جريدة الجمهورية والمانشيت الأحمر العريض من كلمتين فقط يقول:
عبرنا الهزيمة.
يتبع
شاهد الفيديو
التعليقات مغلقة.