هبة السماء بقلم دلال أديب ” الجزء الثاني”
خرجت الممرضة ونادت عليها قائلة:مبروك سيدتي..
تسمرت في مكانها دون حراك،
وقلبها تسارعت نبضاته؛اصفر وجهها وأخذت رجلاها ترتجفان ثم انهارت على مقعدها باكية والحمد لله تعلو وتعلو لتملأ أرجاء المكان دون أن تكترث بمن في الصالة ..
أمسكتها الممرضه لتتوازن وأجلستها قائلة لها:انتبهي لنفسك جيداا وأكرر تهاني لك بالحمل…
تناولت التقرير وخرجت لاتعرف أين تتجه فقد أتاها خبر الحمل وأفقدها وعيها.. نزل الخبر كغيث حملته غيمة سوداء دارت ودرات فوق أرض عطشى الى أن أذن الله لها بالهطول وهاهي تهطل الآن لتحي بذوراً كادت أن تميتها الايام واليأس من أن تعود للحياة من جديد..
كانت قد يئست من أن تحلو أيامها يوما ما وتنمو في أحشائها تلك الروح التي طال انتظارها وكم كان ذلك الانتظار صعباً وسط ذلك الكم من الاسئله المقيته….
كل ذلك دار في ذهنها لثواني ثم عادت لحيرتها هل تذهب للطبيب؟أم لزوجها؟لااا الافضل من كل ذلك أن تذهب لأقرب مسجد تصلي شاكرة ربها على عطائه وجزائه لها..وأحست بنفسها تطير فرحاً كيف لااا؟ وهي التي انتظرت عشر سنوات بعد أن يأس الجميع من حملها..ماأعظم كرمك ياالهي..وماأرحمك تمتمت بهذه الكلمات قبل دخولها للمسجد..توضأت وصلت شاكرة ربها..سجدت وأطالت السجود وهي تحدث ربها ودموعها بللت سجادتها… ثم نهضت ووضعت في صندوقه ماتيسر لها من نقود وخرجت عائدة لبيتها لتنتظر زوجها حاملة له أحلى خبر انتظراه سوية وعانا ألم الحرمان منه .
رتبت منزلها وزينته بأجمل الورود التي جلبتها وهيأت أطيب المأكولات ووضعت بجانب الورود قطعة لباس لطفل صغير وكتبت عليها(أهلاً بالقادم الجديد) وجلست تنتظره؛غلبها النعاس دون ارادتها فاستسلمت للنوم تلك الاعراض كانت قدلاحظتها منذ مدة لكنها لم تكترث لها ولم تفكر بأنها أعراض وحام وهي المؤشر للحمل..
دخل زوجها البيت ونادى لكنها لم تجب فهي مستغرقة بالنوم اقترب منها واستغرب مارآه؛لم يوقظها وجلس يتأملها كم أحبها ومازال فحبها يتغلغل في شرايين قلبه انها كل عائلته؛ لايملك سواها..عاش وحيداً بعد فقده لعائلته بحادث سير..
تربى عند أجداده الذين غادروا الحياة تباعاً فقد كانا عجوزين ونشأ معتمدا على نفسه عصامياً تابع دراسته وفي الجامعة تعرف عليها،أحبها وأحبته وعندما قرر الزواج منها رفض أهلها الفكرة لانه لايملك عائلة ولاحسب ونسب..انها العادات البالية التي مازالت تحكم بعض المجتمعات لكنها اصرت على الارتباط به فتركت أهلها وتزوجته وعاشا أجمل أيام حياتهما بالرغم من حرمانهم من الاولاد..لم يكن يبالي هو بالامر لكنها هي دائمة التفكير بالموضوع خائفة من المستقبل.
شريط من الذكريات مر أمامه وهو يراقبها..واستفاقت فجأة لتجده يبتسم لها نهضت وأمسكته بيدها وأخذته الى طاولة الطعام التي حيرته لكنه لم يسأل عن السبب.
وقفت صامته لاتتكلم وهو ينتظرها ثم قال لها مستغرباً:
ما المناسبة ياعزيزتي؛ثم ماذاتعني تلك العبارة واللباس..
أخبريني هل انت حا…
وقاطعته والدموع تملأ عينيها:
نعم ياسندي وحبيبي يامن تحملت معي الحرمان سنصبح أبوين بعد تسعة أشهر واخيرا
سيأتي من سيضع تاج الامومة على رأسي ويناديني “ماما”
لقد عوضنا الله ومن علينا بفضله وكرمه…
كادت الفرحه أن توقف قلبه المحب لكنه تمالك أعصابه؛احتضنها باكياً:أحمد الله وأشكره انك تستحقين هذا الجزاء فصبرك لم ينساه ربي وهذا جزاؤك فالف مبروك…
اختلطت دموعهما وهو يحتضنها وقادها للسرير:
لن تتحرك بعد اليوم أوامرك مطاعة حتى يأذن الله لهذه الروح بالمجيء للحياة…
مرت الايام والشهور والحمل ينمو والامور تسير على مايرام تراقب حملها كل شهر وحبيبها يغمرها حباً وعطفاً وحنان وفرحتهما وشوقهما لقدوم الضيف الجديد لاتوصف..وأهلَّ الشهر الرابع حاملا معه خبر نوع الجنين…
يتبع….. انتظروني غداً
التعليقات مغلقة.