هدف تسلل “رؤية نقدية فى التوظيف والإشارات ” …
أحمد بدوى العميد
هدف تسلل
رؤية نقدية فى التوظيف والإشارات
………………………………………..
أوشكت الحرب العالمية
علي بدء حياتنا في الكواليس
العالم ب يلم دفاترة
ومازلنا بنلعب في الروضه
انا و الأنتيم الحراميه
وصديقي السيد يبقي بوليس
العالم أوشك علي الإفلاس
والكل بيلعب دور يوسف
وفي نفس الوقت يكون كاهن
تخطيط ابليس
المدهش ليه أصبح عادى
الواحد مبقاش يستغرب
في برومه بتاكل كل جميل
ونهايه العالم ب تقرب
قلبي المستهلك بقا خرده
و انا وانتي ب نحاول نهرب
علي جنه بطلها كان أفتار
بالفكر هناك !
غرقان و بيسبح في الأوهام
محتاج يختار
والمشهد أصبح ما يسرش
ديما محتار
اخترت الشوك اللي في وردك
ومشيت علي جمرك وانا حافي
و الميه في قلب الحنفيه
گ الفرحة
ديما مقطوعه
والنهر خلاص قرب يخلص
وانا وانتي مازلنا بنتحايل
علي فرصه
ديما ممنوعه
أزمات بتعدي علينا كتير
وانا و انتي مازلنا نتمني
احنا استنينا كتير جدا
بالفكرهناك !
أمتي و قعنا لما حلمنا
و الدنيا عنيده و مابترحمش
ممنوع النكش
و العاكش قافش في الدنيا
وانا و انتي غلابه ومش حاسين
من كتر الضرب اللي معلم
علي طرف حياتنا اللي مضلم ((مظلم))
بالفكر هناك !
انا وانتي نسينا اسامينا
ونسينا كمان أننا عايشين
وطريق الصبر طويل جدا
وانا وانتي اكيد شكلنا ضايعين
ورضينا بتوهه نعيش فيها
علي أمتي هنوصل مش عارفين
بالفكر هناك ! كلنا ماشين !
بالفكر هناك ! كلنا تايهين !
بالفكر هناك ! كلنا ضايعين !
شاكرين المولي علي العيشه
كلنا راضين
نصفى رأيي يرتقي لدراسة نقدية أكاديمية يكون صاحبها على قدر من الثقافة والوعي، ويكون على معرفة بالحقول الدلالية فى الشعر، ويكون على معرفة بشخصية صاحب النص _إن أمكن.
والنص الأدبي دائرة إبداعية مغلقة، مغلفة بالرمز والتخيِيل، تشير جميع نقاطها على المحيط(الأفكار) إلى(الموضوع).
وعنوان النص هو نقطة ضمن تلك النقاط، ولا يُتصور أن اختراق الدائرة سهل، إلا إذا كانت لدى الناقد أداةٌ تسمى (فقه التعامل مع الرمز المستخدم فى النص) ومحاولة الربط بين هذا الرمز وبين ماهية الموضوع.
أحمد زيدان
زيدان شاعر له قضية ورسالة، ويوجه إبداعه ويخدم بفكره(التراثي والحداثي) هذه القضية، فتخرج نصوصه فى ثوب مزركش بالتفاني والسمُوّ.
يستهل زيدان نصه باستنفار القارئ من خلال الفعل (أوشك)
أوشكت الحرب العالمية
على بدء حياتنا فى الكواليس
ويأتي به من الدار إلى النار ويضعه فى مواجهة الحقيقة وهي جملة زمنها الماضي؛ لينقطع الأمل عن أي تفكير، وبين (أوشك)، ودق الطبول وإعلان الحرب و(الذي منُّه)، وبين الحرب، توجد مساحة لصنع حياة أخرى غير الواقعية خلف الستار (الكواليس).
وهنا وقفة ؛
فإن القياس بين شيئينفى العادة يكون أصلهما فى الجوهر، وليس شرطًا أن يكون فى الظاهر.
وعندما درستُ قصيدة (نهج البرأة) لشوقي رحمة الله وقفت على قوله:
لم أغشَ مغناكِ إلا فى غضون كرًى
مغناك أبعَدُ للمشتاق من إرم
فهو يقيس مسافة مكانية فى الشطر الأول بمسافة زمانية فى الشطر الثاني، ومرَّر هذا القياس دون تكلف، وربما دون أن يشعر به القارئ.
هكذا فعل زيدانمع الفارق فى الهيئة بصنع مقياس خاص به ليضع الواقع فى كفة، والكواليسوهي أمر افتراضي فى كفة، وتمرير المعنى بهذا الشكل يظهر قدراته الخاصة فى فهم الموضوع.
ثم يفصل للمقدمة التى تحمل المعطيات والنتائج معًا ..
فى قوله :
العالم بيلم دفاتره
ومازلنا بنلعب فى الروضة
وصديقي السيد يبقى بوليس
ليؤكد المعنى الدقيق حرفيًّا لكلمة الكواليس، التى لا علاقة لها بالواقع … أيها السادة: نحن نستعد للظهور مجددًا على خشبة المسرح .. كل منا يتقن الدور الذي سيؤديه.
فبرغم المواجهة الوشيكة مازلنا نتجاهل القادم الواضحة ملامحه وعلاماته. ونذير الشؤم يؤذن فى مالطهْ.
وقوله:
وصديقي السيد يبقى بوليس
إشارة لثابت لا يتغير بحذف الضمير(هو) قبل كلمة بوليس.
ويستطرد :
العالم أوشك على الإفلاس
والكل بيلعب دور يوسف
وفى نفس الوقت يكون كاهن
تخطيط إبليس
يؤكد زيدان شيئًا فشيئًا أن فى النص إحكام صياغة وإجادة فى توظيف الكلمة لترتقي به للإجادة المطلقة؛ فكم من شاعر يستحضر قصة يوسف عليه السلاموهي (أحسن القصص)، ولكن قلَّ من يوظفها توظيفًا دقيقًا يخدم المعنى؛
فيوسف عليه السلام كانت له صفات خَلْقية وصفات خُلقية، وضف إلى ذلك دوره فى الخروج من السنوات العجاف.
نرجع للنص، وأطرح سؤالًا :
إلى أي جانب أراد زيدان أن يشير من قصة نبي الله يوسف_عليه السلام؟
وقد أتى بكلمة كاهن فى الفكرة، ويختتمها بقوله : تخطيط إبليس .
هل الجانب الخَلْقي، أم الخُلُقي، أم الجانب السياسي؟
وما الذي تشير إليه كلمة ( الإفلاس ) هنا ؟
أحمد بدوى العميد
التعليقات مغلقة.