هدية…بقلم إبراهيم شافعي
قدري أن أحتفلَ وحدي بيوم ميلادي، ومصيبتي أن يهنئني كلُّ الناسِ به إلا من إنتظرته أن يفعل.
ألتمسُ له العذرَ فأقولُ ربما لا يعلم، أو ربما لا يهتم، ربما شغلته الدنيا عني.
وبينما يضعُ المبرراتِ ليقنعَ نفسَهُ بأنها لم تنشغل عنه إلا سهوا أو لانشغالها؛ إذ بهاتفه – الذي يجلسُ وحيدا مثلَه على منضدته يجاور شاحنه بلا حراك كحبيبين متشاحنين لفترة قليلة- يصرخُ عليه؛ فيلبي نداءه، وإذ هي على الهاتف.
انفرجت أساريرُه وهش وبش لهاتفه، تصالح معها قبل حديثها وقبل أن تهنئه بعيد ميلاده، وهو يقول لنفسه:
ألم أقل لك إنها لن تنساك؟ كان الحق معك حين التمست لها كل هذه الأعذار،
ما أجملَ صوتِها حين يناديك بنغمته الرخيمة وإحساسِه الدافئ، ما أجملَ أن يلامس صوتُها قلبَك فيرق لها وينعم بوصلها ولو لدقائق.
هيا أسرع ولا تجعلها تنتظر طويلا، يقول وابتسامته تملأ وجهه.
ثم يلتقط هاتفه مدعيا الهدوء ويقول بصوت خافت تملؤه البرودة:
ألو
تحدثا كثيرا؛ إلا أن نبرته تغيرت ووجهه قد علاه الشحوب وفارقته ابتسامته، وزاغت عينه، ثم قال لها في نهاية حديثه إليها:
بالتأكيد سوف أكون في الموعد، لن أتأخر أبدا، أعرف الطريق، شكرا لك، مع السلامة.
وجلس ولم ينبس ببنت شفة،
-أيعقل أن تنسى عيد ميلادي؟ أظنها لم تذكره بالمرة. وبينما هو في ارتباكه وحيرته واستغرابه، يرن هاتفه مرة أخرى؛ فليتقطه مسرعا.
كل عام وأنت بخير، عيد ميلاد سعيد
فينفجر فرحا بتهنئتها.
أخيرا تذكرتي! لم أكن لأغفر لك. حسبتك نسيتي أول مرة، وها أنت تصححين الموقف باتصالك ثانية.
بينما هو في فرحه؛ لا يسمع صوتها فيعود مؤكدا؛
أنت معي
ربما أنت الذي لست معي؛ لم أتصل قبل، وهذه أول مرة أتصل بك لتهنئتك، أظن أنه اختلط عليك الصوت..
فعاد سريعا يتدارك خطأه، ألست (س–)
وقبل أن يكمل بادرته سريعا:
لست هي، هي لم تنسَ ميلادك؛ لأنها ببساطة لا تذكره ولا تهتم، وإنما أنا هبة، كل عام وأنت بخير مع السلامة.
أنهى المكالمة وهي أكثر حيرة من ذي قبل، ثم عاد إلى هاتفه، يكتب على صفحته:
عام جديد أقضيه وحدي، تخسر حلما بعيدا كنت تظنه قريبا، لتكسب حبا جديدا كنت تظنه سرابا..
التعليقات مغلقة.