” هل أعود؟ “.بقلم.محمد كمال سالم
” هل أعود؟ “.بقلم.محمد كمال سالم
وفى يوم شتوي غائم ، حللت وثاق منطادي بعد أن امتطيت سلته وأطلقت للبالون اختيار المكان والزمان ، لم أصطحب معي رفيقا أو زادًا أو كتابًا ، وارتفع .. واتكأت بساعدي على حافة سلته ناظرًا لأسفل غير عابئ أين المستقر ، وارتفع … واختفى عني رويدا رويدا انبعاثاتها وضجيجها، معاركها وأحقادها، فى حين كان يرتفع ويرتفع لم يكن يطير إلا ارتفاعًا لأعلى ومازلت غير مبالٍ ، ونسيم طرى بارد أصبح يلفح وجنتي ، وطال بى الوقت وكان آخر ما رأيت من أهل الأرض طائرا فضيا جميل حام حولي يرقبني ثم دنا وأرخى جناحيه حتى ظننت أنه سيحط في السلة معي ، ولكنه رمقني بعينيه الغائرتين وصاح فى وجهي صيحة واحدة عنيفة ( وكأنه يشتم ) ثم شرع جناحيه وطار محلقّا بعيدًا !! فعجبت له وأشرت بيمناي تجاهه مستفهمًا ( طيب بتشتم ليه ) ؟!
اخترقت السحاب ثم الغمام ، ثم لم يعد للأرض وجود .. فاسترحت جالسًا في قاع السلة مادًا قدمي أمامي أنظر لأعلى حيث البالون وقد نفد وقوده، وما زال يرتفع فلم أعره انتباهي ونظرت للسماء، ومازالت بعيدة وسارت في نفسي استراحة وببدني خدر لذيذ وتنفست الصعداء ، وكأني لن أعود للشوق للأرض وأهلها !!
وكأني لن أشتاق لأهلي وأحبائي !!
وضممت ذراعي إلى صدري عساهما يدفئاني ، وانهمرت من عيني دمعة رغم ارتياحي وانشراحي ، وأغمضت عيني راجياً نوما وحلما.
فإذا بي في جنة وارفة وسلام ، وحولي جيراني وكل أحبابي من أهلي وخلاني ألقي عليهم سلاما وتحيات من بعيد ، ولكنه سلام حميم كأنه حضن وعناق وقبلات، اسألوا عني لعلي يوما أعود .
التعليقات مغلقة.