هل عدوى الأفكار مشكلة جيل أم ضعف شخصية … بـقـلـم.. أسـمـاء الـبـيـطـار
هل عدوى الأفكار مشكلة جيل أم ضعف شخصية … بـقـلـم.. أسـمـاء الـبـيـطـار
من أكثر المقالات صعوبة التي نبدؤها بسؤال لأن لكل سؤال إجابة
و لكني أعتقد أن معظمنا في هذا المقال سيتفق على إجابة لأن الأمر يكاد يكون أصبح ظاهرة !
في زمن ليس ببعيد كان الأهل عندما يجدون الولد متمردا على سماع الكلام و تنفيذ الأوامر ، كانت جملتهم المشهورة له
” بكرة الجيش يربيك ” يعني هتسمع و هتنفذ كلام الأكبر منك في هذه اللحظة شئت أم أبيت بالأمر المباشر و بدون نقاش ، حتى و إن لم تكن مقتنعا به في الوقت الحالي .
و هذا ليس تعسفا كما يعتقد الكثير منا ، و لكن هناك قواعد و أصول و ثوابت ، و مَكانه ، و فرق سن ، و خبرة يجب أن تُحترم أولاً و قبل أي شيء .
و عن تجربة و خبرة شخصية سأتحدث عن أبناء جيلي
” جيل السبعينات ” سواء الذكور أو الإناث .
أيا من كان منا كان يهتم لكلام الأكبر منه ، و بدون تحديد
” صفته ” أب ، أم ، جد “ة” ، ” خال “ة” ، عم ” ة” ، جار “ة” ….. .
خرج أكثر عقلا ، و أكثر التزاما ، و أكثر أدبا مع الكبير و الصغير .
نجح في الكثير من أمور حياته العامة و الخاصة .
ليس لأنه ألغى عقله كما يعتقد البعض .
و لكن لأنه أعطي نفسه فرصة للتفكير و مراجعة النفس ، و مع مرور الوقت يتضح له تمام الأمر ، و أنهم كانوا على ” حق “
لم نكن جميعنا هكذا طبعاً لكي نكون واقعيين ، و لكن كان منا القليل من يتمرد على سماع الكلام و النصائح ، و مع إصرار بعضهم على رأيه ينصاع الأهل على مضض بعد أن أدوا ما عليهم من نصح و إرشاد .
لكن سرعان ما كنا نجد النتائج السلبية ، و الندم ، و العض على الأنامل و فوات الأوان .
لكن أيضاً للحق و كي نكون منصفين كالعادة ، كان الكثير منهم يراجعون أنفسهم و يدخلون مرة أخرى تحت عباءة الطاعة برضاء تام و عن اقتناع
و على الرغم من هذا خرج معظمنا أصحاب شخصيات مستقلة ، متزنة و يُعتمد عليها .
أما هذا الجيل فحقيقي قل فيه من يُعمل عقله ، و ينصاع للأكبر منه
في النصح و الإرشاد ، و تقبل النصيحة بصدر رحب و العمل بها و لو على سبيل التجربة .
أصبح أغلبهم ” فلاسفة زمانهم ” بحجة أن الزمن غير الزمن
و الدنيا اتغيرت !
إلى أن وصل الأمر ، و كأنك ترى نسخة واحدة من العقول في أجساد مختلفة !
فضّل الكثيرون منهم أن يأخذوا نصيحة من ” مجهول ” في هذا الفضاء .
و تأثر الكثيرين بمشاكل تكاد تكون مفتعلة ، و لا نعلم مصدرها الحقيقي .
عزف الكثير من الشباب عن الزواج ، بسبب نقل الخبرات السيئة بدون وعي و في لحظة غضب ، و الاستماع لطرف دون الأخر !
كان الولد يخرج نسخة مُصغرة من أبيه في هيئته ، و كذلك البنت
أما الأن فأغلبهم نسخة واحدة ، و ندر من نجده مختلفا في هيئته و فكره !
هذا الجيل رغم التطور التكنولوجي المرعب الذي نعيش فيه في هذا العصر .
إلا إنه ساق الكثير من العقول إلى المجهول و أضاع الكثير من العلاقات و دمرها ” بكبسة زر” !
أصبح هناك ” نسخ ” لرأي الآخر لمجرد أنه أعجبه !
دون أن يضع كلمة واحدة من عنده تنم عن شخصيته أو رؤية الموضوع من وجهة نظره على الأقل و كأنه لغى عقله !
” قص و لصق ” للأفكار و الآراء بطريقة تجعلك تمل
أينما تكون سواء في هذا العالم الأزرق أو على أرض الواقع ، و كأنك تتحدث مع عقل واحد يسكن في أجساد مختلفة !
و عندما تناقشهم في أمرٍ ما ينقلون لك آراء الشاشة الإلكترونية التي سيطرت على عقولهم !
و بدلاً من اسأل أبيك أو أمك أو مُعلمك أصبحت ” اسأل جوجل ” !!
عدوى الأفكار هي من جعلتنا نرى و نسمع عن أبشع الجرائم في أماكن و بلدان مختلفة في وقت متقارب .
و هذا إن دل على شيء فلا يدل إلا على إنها سلبية بكل المقاييس .
و الآن ابحث عن أي سلبية في المجتمع ستجدها جماعية
كظاهرة خلع الحجاب و ارتداء الملابس الممزقة و حلقة الرأس و خروج جزء من شعر الرأس عند المحجبات إلى أن وصلنا إلى جرائم القتل و الانتحار بنفس الطريقة و بنفس التوقيت !
تسلسل في الأمور جعل البعض يقول أن هذا العادي في هذا الزمن !
قبل توحش التكنولوجيا و افتراسها لعقول الضعفاء و عفواً الجهلاء بمقاصدها الحقيقية
كانت البساطة و حُسن التربية و اللين يستطيعون أن يستعيدوا من شط منا عن القواعد و الأصول التي تربينا عليها .
و قل في هذا الزمن من تمسك بثوابته و لم يمل بزرعها في أبنائه حتى يحصد ثمارها .
التربية .. التي تركها معظمنا لهذا الفضاء المرعب حتى سلبت عقول أبناءنا بكل بساطة .
أحيانا أشعر أن التكنولوجيا أصبحت العقل و الإنسان هو ” الروبوت ” الذي ينفذ بدون إرادة ووعي .
و كما بدأنا مقالنا بسؤال سأنهيه بسؤال و سأترك الإجابة عليه لحضراتكم .
هل كشف هذا العالم الأزرق عن الوعي الحقيقي لعقول أبنائنا في ظل تفاخر الجميع بتكنولوجيا العصر ؟
التعليقات مغلقة.