هل كانت مصر فى عصورها المختلفة مصراً واحدة … بقلم د.أحمد دبيان
……
سكتت أصوات المدافع ، بعد القصاصين والتل الكبير ، انصهرت اجساد الأبطال واختلط لحمهم بالمدافع المصهورة ، وخيم دخان الحزن على الأمكنة والجنرال ويسلى يشق بالخيانة الطريق نحو القاهرة، استطاع عرابى امتطاء صهوة جواده ، ليحاول الدفاع عن القاهرة بتكتيكات عصره العسكرية بإحراق المدن والتى نجحت فى روسيا حين طبقها الجنرال كوتزيف فى وقف زحف نابليون فى الحملة الروسية .
ليسلم خنفس مفاتيح القلعة وليثنيه القادة عن الدفاع مفضلين الاستسلام وليسلم عرابى سيفه ويستسلم .
منذ اقل من عام كانت الامة بأغلبيتها معه ، تبرعات من الجميع فلاحين واعيان وبعض أمراء الاسرة المالكة والذين ساءهم فعل ابن الجارية المحظية توفيق .
واليوم انقلب الجميع ليلعنوا عرابى ، وليحملوه وزر دخول القوات الانجليزية التى استدعاها توفيق .
خانه محمد سلطان باشا والد السيدة هدى شعراوى
خانه صديقه سعود الطحاوى ، مفضلا الجنيهات الذهبية على تراب الوطن ،
خانه السيد بك الفقى عضو مجلس النواب وجد السيد توفيق عكاشة ، وجد الجاسوس ضابط الصاعقة فاروق الفقى الذى جندته الجاسوسة هبة سليم .
خانه عبد المجيد بك البيطاش عضو مجلس النواب ، وفضلوا الإقطاعات التى اقطعها اياهم الخائن توفيق .
لم تكن هذه هى السابقة الاولى ،
تاريخ مصر ممزق والغلبة لمن غلب .
هتف الكل لقطز صانع انتصار عين جَالُوت ،
ثم هتف الجميع لقاتله ودخل القاهرة من باب الفتوح فى موكب نصر كان من المفترض ان يتصدره صانع النصر وليلتقب القاهر وحين رأوا فجر التسمية غيروا اللقب الى الظاهر .
كان جمال عبد الناصر ملئ السمع والبصر محققًا آمال أمة قبعت تحت سنان القهر والذلة والخضوع للأغراب والدخلاء ، لأكثر من الفى عام ، وكان التأييد الجماهيرى سادرًا ، متسيداً ، لحين النصر الذى صنعه رغم اراجيف المرجفين بجيش اعاد بناءه وحائط صواريخ قطع اليد الطولى لاسرائيل ، لينتصر الجيش ويصبح الانتصار مسوغاً لإجهاض تجربته الثورية التحررية وليجد المنقلب من يؤيد ويبارك ،
وقف قطاع كبير من المصريين يحيون القوات الانجليزية فى عابدين فى نفس الساحة التى شهدت مواجهة عرابى للخائن توفيق ،
ووقف الأحفاد يحيون من حمل كفنه مستجدياً سلام جنح هو اليه ، وليهتفوا بكنية بطل حرب اضاع انتصارها وسلام هو محض استسلام .وليبقى القابضون على جمر الوطن تحترق اكفهم بدمعهم متحجراً فى زاوية الأعين فى انتظار الخلاص .
التعليقات مغلقة.