” هيا لنوقظ القمر ” بقلم سيدة القصاص
ألقت بثوبها البالي على مفترق الطريق،ثوب الحياة الذي ضاق عليها وتبقع نسيجه من قسوة الحرمان،ثم تمزق من كثرة الجذب والصد من قِبل الوحوش الكاسرة التي مرت بهم خلال الرحلة العصيبة، لمحها ذلك البادي من بعيد في حلكة الأيام، رق لحالها الرث، مد لها يد الحب؛ فالتقطتها لتستر بها عورة الأيام، وبكل أريحية حدقت في قسمات وجهه وقالت :
أشعر أني أعرفك جيدا، من أنت؟ فرد : أنا الحب الذي يبحث عن مثواه ،تائه في الدروب هل لي بمعرفتك ؟؟
قالت له :
_ أنا التي أكل الزمان على ظهرها وشرب ،ولعبت في ساحتي تباريح البشر وتبعثرت شموسي على شواطئ النسيان.
فضحك حتى بدت نواجزه قائلا :
_ ياااه ؟ فيلسوفة أنت، هل درستي فلسفة؟ أم مجرد إجتهاد ؟
أحكمت غطاء رأسها الذي داعبته نسمة مرت بينهما وقالت :
_ نعم درست كل مناهجها، علمتنيها مدرسة الحياة التي أودعنيها سوء حظي.
أمعن إليها النظر قائلا :
_ نفس المدرسة التي تخرجت منها أنا؛ لكن لم يكن من سوء حظي ، إنه ياسيدتي القدر الطيب الذي رسم خريطتنا وجمعنا الآن حاملين نفس المؤهل لإنارة الطريق الذي أظلمته الحوادث لنتم رحلتنا ونرتدي حُلة ما كنا نرتديها لولاه، هيا انفضي عنك غبار السنين وخذي قلبي امسحي به آثار حزنك.
فابتسمت وبرقت عينيها وقالت :
_ونِعم بالله، حقا نعم الحُلَّة أنت، هيا هيا لنوقظ القمر.
التعليقات مغلقة.