وادي الدجاج .بقلم.محمد الدولتلي
تسلل نور الصباح مغطيا رمال الوادي اليابسة ومؤذنا في سكانه للخروج ونبش الأرض القاحلة للبحث عما يسكت صرخات امعائهم الخالية.
إنتشروا افرادا بثيابهم البالية التي فقدت رتقها من زمن بعيد بين بقايا ما جادت عليهم السماء به من زرع يابس او كائنات تحت التراب يقتاتونها بنهم ويتقاتلون عليها.
حل شبح الموت الخاطف ساحبا روح أحدهم من وسط الزحام، علا ضجيجهم حول جسده الملقى بأصوات حروف منفصلة لا تتجمع فتنسج جمل يستطيعون التواصل بها، حتى اشاراتهم مفقودة المعنى ولا ينتج منها الا التخبط وزيادة الصرخات المبهمة التي اوقفها كلل الأجساد و صوت امعائهم الذي كان هو الشئ الوحيد المفهوم وسط تلك الجلبة.
عادوا لنبش الأرض بعدما يئسوا من التواصل مع بعضهم، ذلك التواصل الذي فقدوه تدريجيا عندما اضاعوا أحرف الكلمات الحرف تلو الآخر عندما تعودوا عليها منقوصة بعد أن كانوا يتضاحكون عليها لما كانت تخرج بهذا النقص من فم مجنون او سكران يقومون بتقليده حتى احتل التقليد ألسنتهم وباتت الكلمة التامة الأحرف غريبة.
صارت غرائز كل فرد فيهم هي التي تتحكم بحركاتهم العشوائية في ثنايا المكان الذي فقد عماره لما ضاع تناقل المعلومات بينهم، أكلوا أوراق الكتب بعدما تحول المكتوب على صفحاتها الي طلاسم لا تبوح بمحتواها لعقولهم.
بدأ الأمر كله تباعا بعد اغتيال المدقق اللغوي المزعج الذي كان يحاسبهم على الأخطاء الإملائية.
التعليقات مغلقة.