وحب الروح باق….
دلال أديب
امسكته بيدها،استند اليها وهو يجر قدميه،تحاول احتضانه يبدو عليه أنه متعباً لايقوى على السير..
دخلا قاعة الانتظار حيث كنت أنتظر دوري..كان في العقد الثامن من عمره تقريباً محني الظهر،نحيلا،شاحب الوجه،يلهث بشده ويبدو عليه التعب الشديد،لم تكن هي أفضل حال منه فقد تجاوزت السبعين من عمرها وآثار السنين وهمومها بدت واضحه عليها لكنها كانت تظهر قوتها أمام ضعفه محاولة بث الحياة في روحه..
أسرعت منذ دخولها وأجلسته على كرسي كما تجلس الام طفلها وتحنو عليه خوفاً من أن يقع..ثم اتجهت نحو الممرضه وسألتها:
-هل الطبيب هنا
-نعم ياسيدتي..من المريض
-انه زوجي
-كم عمره
-ثمانون عاماً،ارجوك ياأنسه لاتتأخري اريد الدخول للطبيب
كماترين انه متعب…
-لااستطيع عليك ان تنتظري دورك فهناك مرضى قبلك..
أثارت في نفسي شعوراً غريباً اختلط مابين الشفقة عليها مماتخاف حدوثه..والاحترام والتقدير لمشاعر تمثل أروع صور الحب..
اتجهت نحوها ووعدتها بأن أعطيها دوري.
شكرتني وهي تدعو لي بالشفاء.
كل شيء كان لها موجعاً. خوفها من فقدانه..ومرضها الذي كانت
تحاول ان تنساه لترعى رفيق أيامها ولياليها..وحتى الانتظار للدور كان موجعاً لانه سبب لها قلقاً وتوتراً..
كنت أراقبها من بعيد وعيوني امتلأت بالدموع لشدة ماكانت خائفة عليه،أراها تسنده،تحضنه تسايره محاولة أن تنسيه وجعه وتساءلت بيني وبين نفسي:هل ياترى هو من يستند عليها أم أنها تحاول أن تحتمي به وهي تعلم أنه في أيامه الاخيره
كانت تقاوم وتأبى رحيله تحاول أن تبث القوة في عروقه وترفض الاستسلام تتمتم ببعض الاغاني تنشدها له تحاول أن تجعله يبتسم..تقترب منه تحدثه..تستنشق أنفاسه التي كانت في اخرها وكأنها تريد أن تذوب وتنصهر لتقدم بذلك أروع صورة للحب والامان..
في هذه الاثناء نادت الممرضه باسمه..أمسكته بيدها ودخلا لغرفة الطبيب
وأخذت انا أردد في نفسي:
حقاً تشيب الرؤوس ولا تشيب القلوب
دلال اديب… حقا تشيب الرؤس ولا تشيب القلوب… معبره جدا..