وخلعت جلباب الخليل
نادى جاد
خرج الكثير من الشعراء، وعلى مر العصور، على الخليل وبحوره واقروا اوزانا لم يذكرها، كابي العلاء حين يقول :
طاف يبغي نجوة. من هلاك فهلك
وهذا الوزن لم يذكره الخليل ولا الأخفش. وخرج ابو العتاهية عن أوزان الخليل في كثير من قصائده ، كذلك عرف عن أبي تمام في غير قصيدة ، كما في قوله
هل اثر من ديارهم دعس.
حيث تلاقي الأجراع والوعس
وهو ضرب من الوزن لم يذكره الخليل
يقول الدكتور شكري عياد أن العروض الخليلي لا يفي ببيان الأساس الموسبقي بالأوزان العربية والدليل على ذلك أن هناك أوزان كتب عليها الشعراء العرب لم يذكرها الخليل ولا غير الخليل ومن ذلك الوزن الذي كتب عليه أمروء القيس قصيدته التي منها:
إلا يا عين فابكي على فقدي لملكي
وإتلافي لمالي بلا حرف وجودي
تخطيت بلادا وضعت قلابا
وقد كنت قديما اخا عز ومجد
والقصيدة تفعيلاتها: مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
إذن الخروج على الخليل ليس عيبا ولا ذنبا تستغفر منه. وهذا ما يؤكده الزمخشري حين يقول: أن بناء الشعر العربي على الوزن المخترع الخارج عن بحور شعر العرب لا يقدح في كونه شعرا،”.و في نفس الوقت فإن الالتزام بالوزن وحده لا يقيم شعرا وإلا كانت هذه الأبيات شعرا:
الليل ليل والنهار نهار. والأرض فيها الماء والأشجار
ويقول الجاحظ أن ليس كل الكلام الموزون شعرا وإلا كان بائع الباذنجان الذي ينادي: “من يشتري باذنجان ” يقول شعرا لان كلامه جاء في وزن مستفعلن مفعولات
وإذا كان البلاغيون قد اقاموا الدنيا ولم يقعدوها حتي يثبتوا أن قصيدة عبيدة بن الأبرص تنتمي إلى جنس غير جنس الشعر وهي القصيدة التي مطلعها
اقفر من أهله ملحوب. فالقطبيات فالذنوب
درست العروض على يد أزهري ودكتور درعمي متخصص في العروض وقد كان يراجع ديواني الثاني( زمن السدود) حينما قلت له اني ساخلع عباءة الخليل وساصنع موسيقاي بنفسي كان هذا منذ ربع قرن مضى.شجعني على ذلك لما تفحصت النشيد الوطني بلادي بلادي فوجدت أن الشطر الأول على بحر المتقارب: فعولن فعولن …
بينما الشطر الثاني على بحر الرمل: فاعلات فاعلات
وربما لم يلحظ هذا إلا العروضيين فقررت أن أفعل نفس الشيء..وكان منهجي هو أن العب بالتفاعيل الثمانية وهي،:
فعولن، فاعلن، مفاعيلن، فاعلاتن،مستفعلن، مفاعلتن،متفاعلن، مفعولات
وكما يصيغ الموسيقي الألحان معتمدا على نغماته دو، ري، مي ،لا صول، لا ،سي، دو . اصنع انا موسبقاي دون أن أخل بالهارموني ودون أن انفر الاذن أو حتى أثقل عليها وكما يصنع الموسبقي آلاف النغمات بحروفه يستطيع الشاعر أن يصنع الألف الاوزان بتفاعيله
بقيت ملحوظة واحدة وهي أن كل باعة الباذنجان قد اصبحوا شعراء بل ويطلق عليهم الشعراء الكبار اما من خلع جلباب الخليل ومن والاه فيقال حين ينشر قصيدة ( بقلم فلان ) وذلك كي يقولوا دون قول لا انت شاعر ولا ما تكتبه شعرا ..
لكن الفيصل هو المتلقي ..قالوا ذلك عن مايكوفسكي لأنه أخل بالأوزان الموروثة لكنه خلد وهم مضوا إلى كهف النسيان
المقال القادم نماذج شعرية مع تحليلها موسيقيا.
التعليقات مغلقة.