وداعا يا فلذة الكبد… كتابات نثرية بقلم العيد بوعون – الجزائر

وداعا يا فلذة الكبد… كتابات نثرية بقلم العيد بوعون – الجزائر

لأجلك يا كبدي أجهدت النَّفسَ حتى اهتزّ ما بِداخل جانحتي، وتتطَايرت رُوحي وسِيقت إلى مثواها كراهية ، كنتُ أودُّ انتشَالك يافَلذة كبدي من غَوائل الدّهر ، وَوُحوش الآدمية التّي تترصّدني وإيّاك ، ومِن مخَالب الدَّهر، وقواطِع الفقر المُدقع التي مَزّقت أحْشاءك وسُويداء فُؤادِك قَبل أن تمزِّق أوْصالي ،وتُقطّعها ، بُنَي في ثَلْم ذاكَ الحقلِ كانتِ بدايةُ رحْلتي إلى دَار البقَاء لتَبْقى أنتَ مُعرَّى ثوْبًا، ورِعَاية في دَار الشَّقاء … آه يا سُؤْدد حيَاتي كيْف بكَ من بعْدي .. بني ودَّعتَ
الصَّدر وحُلمة الثَّدي ومُداعبَة الصَّباح والمَساء ، وفي نَوْمك ويقْظَتك … آه يانِصْف حُشَاشتي أتبكيني والدُّموع انْحَبست في المآقي ( جوعا، بردا ،عريا ،،،،،) أم أن غَائِلة المَنون تُحدِّق فيك مَليا لتَغتَالك ، ولعلَّها ستُريحَك غُصّة الفرَاق وأنَّات البُـعد ، وحسْرة الوَحدة … بـُني ما ذا سَتُـنْـتِج أثـَار جسَدي صَيْـفا بَـعد بذْر وحرْث وسَـقْي ورَيٍّ أم أنَـها ستُخلِّد أثَـري وآثَـاري وما بَـقي من دمِ أنَاملي على تُـربة ذاكَ الحَقْل ، بُـني الكلُّ يَنُـظُرك بـِعين بصيرةٍ ،ويدٍ قصيرةٍ لأنّ قانون الغَاب حَكم بني جِلْدتنا حتّى انتَزعَ منهم إنسانيّٕتهم ، وجرَّدهم الرَّحمةَ، والرّأفة فَنظروك بعيدا، وأنّه شي بات إلفًا مألوفا ولربَّما أيد ( قوة)أجْسَادهم خارت تعبًا وجوعًا حتَّى ضمُرت فيهم كلّ الأحاسيس وباتت صَلدةً .. بني لستُ أدري من أيّ الصُّخور نُحِتـتْ أفْئـدتهم ، ومن أي مَعدن كانت أعيُنهم كيف لا، وهم ينظرون نَار الموت تأكل أُمًا وتتمشّى في أوصَالها وطِفلا يحتَرق بنار الوًجد والكمَد تُستَّل روحُـه من روحِ أمِّـه دونَـما وازعٍ ولا رادعٍ … بُني لارادّ لقضاء الله وقَدره ومقَاديره ليسَت سِهاما طائشةً ولا نياقاً عشواءَ ، وإنّـما عدله تجلَّى فِينا وضّاحا ، وحكمته نِبراسًا في ظُلمة الفانية ، لكنَّ هل للإنسانية عنوان آخر يحكي وأْد الاحْرار ، وذَبح الصِّغار .