موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

وقائع الخريف الدامي …بقلم فولاذ عبد الله الأنور

55

ها هنا بين نارَينِ: شرقاً وغرباً

تموت العصافيرُ،

والقُبّراتُ تطيرُ إلى البحرِ،

لكنها فجأةً

تتشظّى وتسقطُ دون الفِرارِ ،

قبورٌ جماعيةٌ للصغارِ علىٰ بعضها البعض ِ

للنّسوةِ اللاهياتِ،

لأبناءِ صاحبةِ الأرضِ،

منذ أتى نسلُ “يعقوبَ” مِن أرضِ “حارانَ”،

عبر طريقِ القوافلِ ما بين “أورَ”

و”كنعانَ”،

منذ سُلالةِ “داوُدَ”
واستوطنوا الأرضَ ،

واستلبوا أهلها ومراعي بهائمِهم

وخزائنَ أحواشِهم

وأقاموا بها !
….
أرضُ “كنعانَ” : أرضُ “فلسطينَ” ،

كانت، وسوف تكونُ ،

فهل سيغيّر هذي التواريخَ ،

هذا الجنونُ ؟!
. . . .
ها هنا ،
في الصباح الخريفيّ ،
والغيم يدنو رويداً من الأرضِ ،
لا القلبُ ،
لا هبَّةُ الشِّعرِ ،
لا الشرقُ والغربُ ،

لا لغةُ العالمِ المتمدّنِ ،

لا شيءَ يعدلُ دمعةَ طفلٍ صغيرٍ ،

يرى نفسه فجأةً ،

واقفاً فوق أنقاضِ منزلِهِ يتهجّى الكلامْ

يتلهى عن الخبز في يدِهِ ،

بالنداءِ علىٰ أُمّهِ في رديمِ الحطامْ.

ليس مِن وعيهِ أن يحدّدَ في فهمِهِ ،

سببَ الهَولِ والويلِ من حولِهِ ،

واندلاعِ الدمارْ .

ليس مِن وعيِهِ أن يُفرّقَ في مشهد الحربِ ،

ما بين مجدٍ ، وعارْ .

هو لا يبتغي غيرَ ما وهَبَ اللهُ عينيهِ ،

مِن بهجة الأرضِ : وجه أُمومتِهِ ،

وانعطاف عُمومتِهِ نحوَهُ ،

والتفاف الصغارْ .

أُمُّهُ ، أين هِيْ ؟

كان يلهو ،

على بُعد بابَينِ من صوتها ،

ويداعبُ دُميتَهُ ليؤاكلَها ،

ويهدهدها تحت نافذةٍ حفِظَت لهوَهُ ،

وستارٍ ،

فأين مضَت ،

يتلفّتُ مِن حولِهِ ،

يتبحَّثُ عن ذيلِ جلبابها ،

أو صدى خطوِها ، أو حفيفِ الإشارة .

يتشوّفُ ملمحهاٰ ،

في هجيجِ الدواخينِ فوّارةً ،

وضجيجِ الطواحينِ تمضغ ملعبَهُ وديارَهُ ،

والقومُ ، يلهيهمُ الموتُ عنهُ ،

وتَفجُرُهُم راجماتُ الإغارةِ ،

والدُّورُ من حولِهِ تتحطّمُ ،

والكاميرا تتقدَّمُ ،

تكتبُ في شاشةِ العَرضِ :

“غزةُ” تحت الحصارْ !
. . . .

ها هنا في النهارِ الخريفيّ ،

في العالم المُتحضّرِ ،

يفتقدُ الكونُ حكمتَهُ الأزليةَ ،

في سُنَنِ الحربِ ،

يهتزّ حبلُ الخليقةِ ما بينَ :

شرقٍ وغربٍ ،

يميلُ مع الجَورِ والقبحِ ،

والطفلُ مسترسلُ الجُرحِ ،

لا يتململُ ،

والأرضُ من تحتِهِ تتخلخلُ ،

يا لَلجمال الأليمِ ،

ينادي على أُمّهِ ،

يتعلّلُ منهاٰ برائحةِ الحضنِ فوّاحةً ،

في شِواءٍ ونارْ .

يتبحّثُ عن وجهِها في أتُونِ الدُّخَانِ ،

وعن صوتها في ارتطامِ الحجارةِ ،

عن يدها ، ربما عَلِقَت ،

تحت نافذةٍ سقطَت فوقها أو جدارٍ ،

ـ فأي الدواخينِ حولَكَ يا أيها الطفلُ ،

ينشقُّ عن وجهِ أمكَ ،

تجري إليكَ ،

وتخطف زندَيكَ في صدرها ،

وتطيرُ إلى البحرِ ،

أي الطواحينُ عندكَ يمكن أن تتوقّفَ ،

كي تدركَ الفرقَ عند الخسارةِ ،

ما بين زحف الجهادِ ، وحربِ الدعارة.
. . . .

ها هنا بين نارَينِ :

شرقاً وغرباً تموتُ العوائلُ ،

والأمهاتُ العَطاشىٰ،

يموت المُسنونَ ، والأبرياءُ ،

يغيمُ النهارُ السماويّ فوق المكانِ ،

وتجري النساءُ من القصفِ ، والخسفِ ،

يجري الصغار مِن الخسفِ ،

يجري الكبارُ ،

وفي البعدِ يسقطُ تمثال “حرّيتي”

في المحيط البعيدِ ،

الشعارُ الكذوبُ لوجهِ الحضارةِ ،

يسقطُ ،

والكاميرا تستديرُ وتصعدُ ،

في حيّزٍ شاسعٍ في الفضاءِ المديدِ ،

وتكتب بالأحمرِ المُتجعّد فوق انتفاخ الغمامةِ ،

: غزةُ تغرق تحت الدخانْ.
. . . .

في المساء الخريفيِّ ،

خلف الشريطِ الحدوديّ ،

والنارُ تعلو وتسفلُ ،

والطفلُ يدنو ويجفُلُ ،

والصحفُ العربيةُ في الشاشة الجانبيةِ ،

تجري بخطٍّ عريضٍ ،

تُدينُ الهجومَ بغير التفاوضِ ،

حتى بيانٍ جديدٍ ،

جديدْ ؟

العثورُ علىٰ طفلةٍ تتنفّس بالموتِ ، تحت ركامِ الغبارِ ، وفي يدها “الشنطةُ” المدرسية تنجو ، مِن القصفِ ، والواجب المدرسيّ يرتّبُ أحلامَهُ بالكتابةِ ، نحوَراكتمالِ الإجابةِ : يا وطني ، كم أحبكَ ، “غزةُ” في القلبِ ، والقلبُ في رئة البيتِ ، والبيتُ أكوام طوبٍ ، وأطلالُ دارٍ ، ولاٰ يتوقف قصفِ الديارِ ،

وفي صفحة الفنِّ :

“فيروز” تنهضُ من نومهاٰ، وتطلُّ على البحرِ ، تبحث في حِرزهاٰ عن سلاحٍ جديدٍ ، فلاٰ يتلاقى انسجامُ الحرارة فيهاٰ ، بوقعِ الحديدِ ، فتهتفُ : ياٰ وطني ، ردّني ، ردّني لبلاااادي.

. . . .

في الهزيع الأخيرِ مِن الليلِ ،

والكاميراٰ تترجّلُ عن حامل الضوءِِ،

والصوتِ ،

تنأى عن الموتِ ،

عن مشهدِ الطفل تتركُه وحدَهُ واقفاً ،

فوق أنقاضِ منزلِهِ ،

يتلقى التفرّجَ من كوكَبِ الأرضِ ،

في شاشةِ العَرضِ ،

ـ يا أيها الطفلُ لاٰ تتنظّر قدومَ الإغاثةِ ،

إن الصناديدَ منهمكون بوضع البيانِ الجديدْ !

فاصلٌ لانقطاع الإضاءةِ ،

مِن غير وصلٍ لأرضِ النبيّينَ ،

لا بأسَ ، فالطفلُ في كَنفِ اللـهِ ،

للطفل ربٌّ ، وللبيتِ ربٌّ :

تحطّ الملائكُ مِن فوقِ عليائها،

تتنزّلُ للشهداءِ العصافيرِ،

تأخذهم في حِماها إلى مُرتقى الأنبياءِ،

وتصعدُ بين الدّخَانِ،

وبين الغيومِ ، وبين اكتظاظِ الغيومِ ،

تحلّق فوق المدائنِ والوطنِ،

المستعارِ،

وتتركُه وحدَهُ،

واقفاً فوق أنقاض منزلهِ،

يتبحّث عن أُمّه في رديم الحطامْ .

ـ نسيتك الأمومةُ وحدكَ ، معذورةً،

أخطأَتكَ القنابلُ من جهةِ الموتِ والغدرِ مقهورةً،

تركَتكَ الملائك يا سيدي الطفلُ وحدكَ،

مأمورةً،

ربما لتطلّ عليناٰ غداً بيقين الرسالاتِ ،

مِن مثل هذا المكانْ .

“حجَرٌ” في يديكَ، و “نُبلةُ قَنصٍ” ،

و”كُوفيةٌ” حولَ وجهكَ فوق “جبال الخليلِ”

تُطوّحُ مِقلاعَك الأزليَّ ،

بماٰ فيه مِن وازعٍ قُدُسيٍّ ،

وتقذف من “بئر سبعٍ” إلى “بيت إيلْ”

تدير القِصاص جنوباً من “النقبِ” ،

حتىٰ هضابِ “الجليلْ”

ـ ضميرَك ياٰ سيدي الطفلُ، كن رجلاً في غدٍ

فالضمائرُ مثلومةٌ عندناٰ

والرجالُ قليلْ

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.