وقفة مع نبي الله شعيب عليه السلام” الجزء الأول”… محمد الدكرورى
وقفه مع نبى الله شعيب عليه السلام ( الجزء الأول )
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
نبى الله شعيب ، هو نبى من الأنبياء العظام الذين ذكرهم الله في كتابه الكريم ، ونبي الله شعيب عليه السلام هو الذى كانت له قصته الخاصة مع قومه حينما دعاهم إلى الإيمان والتوحيد، وترك ما هم عليهم من الشرك والضلالات، فما آمن به منهم إلا قليل، وبقي المستكبرون على عنادهم واستكبارهم حتى أتاهم عذاب مقيم .
وقد آمن شعيب بإبراهيم عليهما السلام وارتحل معه، وكان معروفًا عنه البلاغة والفصاحة، حتى أن بعض السلف الصالح أطلقوا عليه لقب خطيب الأنبياء، نظرًا لفصاحة لسانه وبلاغته الكبيرة في دعوة قومه إلى الله تعالى، وقد أرسله الله تعالى إلى أهل مدين، وورد ذلك في قله تعالى: (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) .
وأرسلَ الله سبحانه وتعالى النبي شعيب عليه السلام إلى أهل مدين، وهم من العرب، الذين كانوا يعبدون الأيكة، وبلغ من كفرهم وضلالهم أنهم يعبدون البناتات والأشجار، وكانوا يُنقصون الميزان والمكيال، ولا يُؤتون الناس حقوقهم، فدعاهم شعيب عليه السلام إلى عبادة الله تعلى وحده، كما دعاهم إلى التعامل بالعدل، وعدم بخس الناس أشياءهم، وقد أيّد الله نبيه شعيب عليه السلام بالمعجزات .
فكانت قرية تُسمى مدين هذه القرية إشتهرت بالتجارة والبيع والشراء لكنها كانت تتعامل بالغش كانت أسواقهم كلها مليئة بالغش والكذب والخداع بل كانوا أكثر من هذا إذا جاءهم أحد يمر عليهم في قرى مدين فإنهم يأخذون عليه الضرائب ويقطعون عليه الطريق أرسل الله عز وجل إليهم نبي الله شعيب وشُعيب كان نبيا عربيا ، والانبياء العرب هم هود عليه السلام وصالح عليه السلام وأيضا شعيب عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هؤلاء الاربعة كلهم من العرب .
أرسل الله لقوم مدينة شعيب وكانوا يعبدون الشجر شجرة تسمى الأيكة وكانوا يغشون بالاسواق وبالميزان ويطففون فيه ويأخذون من الناس أموالا بغير حق ويتعاملون بالربا ( وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ثم بعد توحيد الله عز وجل بدأ يعلمهم أن هذا البيع هذه التجارة هذا التصفيف في الميزان والمكيال إنه حرام لا يرضي الله عز وجل أبدا ( ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير ) .
يعني النعمة التي عندكم ، والحمد لله كافية لِما تغشون الناس بأسواقكم وتجارتكم وبيعكم وشرائكم ( أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ) وكانت من طبيعة قوم مَدْيَنْ أنهم يخرجون خارج القرى فإذا رأوا قافلة قطعوا عليها الطريق كانوا قُطاع طرق كانوا يقطعون عن الناس طريقهم فلما تمر عليهم قافلة إلا وسلبوها بعض أموالها يأحذون من الناس الضرائب بغير وجه حق .
مع أنهم كانوا ضعفاء كانوا قليلين كثرهم الرب عز وجل لكنهم مع هذا ما يتذكرون نعمة الله عز وجل عليهم لهذا ذكرهم شُعيب فقال ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) يعني تقفون على الناس في طرقهم فتقطعونها وتأخذون أموالهم ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثرَكم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين )
وقد ذكّرهم بفضل الله عليهم الذي أغناهم بعد الفقر، وكثر عددهم بعد أن كانوا قلة، كما حذرهم شعيب من مصير الأمم السابقة، ودعاهم إلى التراجع عن الكفر والظلم، وأن يفتحوا صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى، لكنهم لم يستجيبوا له أبدًا، واستمروا في عبادة الأشجار وتطفيف الكيل، وكانوا يقطعون طرق القوافل ويظلمون الناس، ويغشّون البضائع، لكن قوم شعيب لم يستجيبوا لدعوته أبدًا، واستمروا بالانحراف عن دين الحق، وقابلوا دعوته بالاستهزاء والتكذيب.
وقوم شعيب بعد أن دعاهم نبي الله شعيب عليه السلام إلى عبادة الله وحده وإلى ترك البيع الحرام وشراء الحرام وغش الناس والاحتيال عليهم والبيع المحرم وقطع الطريق وأخذ الضرائب من الناس أخذوا يردون عليه بإستهزاء يقولون لنبي الله شعيب ذلك الرجل الذي أرسله الله قوي اللسان فصيح اللسان لكنه ضعيف الجسد هذا النبي العربي بدأ قومه يتكلمون عليه يقولون دينك يا شُعيب عبادتك يا شعيب صلاتك يا شعيب تتدخل حت بتجارتنا حتى بأسواقنا حتى بمعاملاتنا حتى ببيعنا حتى بشرائنا أي دين هذا الذي يتدخل بالبيع والشراء .
( قالواْ يا شعيب أصَلاتك ) دينك يعني ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) أي دين هذا الذي يتدخل بالاموال يتدخل بالتجارة يتدخل بالاقتصاد يتدخل بالمكيال والميزان والبيوع والشراء أي دين هذا هذه الدعوة القديمة التي أطلقها قوم شُعيب لا زالت تتكرر في كل زمان ومكان لا زال يظهرون أقوام يزعمون أن دين الله عز وجل لا علاقة له بالحياة وأن دين الله عز وجل لا علاقة له بالبيع والشراء أن دين الله عز وجل ليس له دعوة بالاقتصاد وبالبيع وبالشراء وبالتجارات الدين ليس له علاقة بهذا هذا ما قاله قوم شعيب لشعيب .
ورغم استمرارهم في العناد والتكذيب، بقي شعيب عليه السلام ثابتًا في دعوته، وواثقًا من أمر الله، ولم يؤمن منهم إلا نفرٌ قليل فقط، فهددوهم بالطرد من مدينتهم، أو أن يعودوا إلى كفرهم، وفي هذا قوله تعالى: “قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا”
ثم أخذوا يستهزؤون بشعيب عليه السلام مع أنه أعقلهم مع أنه أفهمهم مع أنه أفصحهم لسانا أخذوا يستهزؤون به يقولون إنك عاقل عندما تدعون بهذه الدعوة إنك رشيد وعاقل إستهزاء به ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) وما قصدوا أنه حليما وما قصدوا أنه رشيد وحليم لكنهم يستهزؤون به إستهزاء إنك حليم إنك رشيد عند عندما تتدخل حتى بتجارتنا وأموالنا وبيعنا ولهذا رد عليهم شعيب عليه السلام قال لهم يا قوم أرأيتم إن كان ديني هو الحق إن كان كلامي ما أقول لكم هو الحق .
وإن كنت قد جئتكم بالبينات ماذا ستفعلون ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا ) قد يكون الذي أملك قليلا ليس مثلكم قد تكونوا تملكون الثروات والارصدة والاموال والتجارات سرقتم أموال الناس نهبتم أموال الفقراء قطعتم الطريق أخذتم الضرائب أما أنا فعندي رزق قليل لكنه حسن ومع هذا عندما حذرتكم من الحرام من السرقة من الغش من الاحتيال من النصب فإنني والله يشهد على هذا لن أفعل ما أنهاكم عنه لن آمركم بشيء ولا أفعله لن أنهاكم عن شيء وآتيه سأكون قبلكم إلتزاما بما أقول .
لهذا رد عليهم نبى الله شُعيب عليه السلام فقال ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) إذا ماذا تريد يا شعيب ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إِلا بالله )أي أنني لا أريد إلا الاصلاح والتوفيق الذي سيكون من الله جل وعلا وحده ( وما توفيقي ) ما أرجع الامر لقوته ولا لفهمه ولا لذكائه ولا لعقله بل قال أرجع الامر لله عز وجل هكذا الدعاء يرجعون أمرهم فقط لله جل وعلا ( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت )
وكل الانبياء على الله عز وجل متوكلون ( عليه توكلت وإليه أنيب ) أي أنا الذي آمركم به سوف ألتزمه هدفي في الارض فقط الاصلاح ليس كما تقولون أنني أنهاكم عن شيء فأتيه لا والله أنا أولكم إلتزاما بل قبلكم سوف ألتزم ببيع وشرائي وتجارتي سوف أكون أول الملتزمين أريد الاصلاح في الارض أريد أن ألا يُأخَذ الناس من أموالهم بظلم بل يُعطى كل ذي حق حقه لا زال شعيب عليه السلام يدعوا قومه إلى الله إلى عبادة الله وحده وإلى ترك البيوع المحرمة والتجارات المحرمة وقومه يعاندون وَيُصِّرُونَ .نه .
التعليقات مغلقة.