موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

” وهم الشقيقة الكبرى ” … محمود حمدون

208

” وهم الشقيقة الكبرى ” … محمود حمدون

عندما نخلط بين الوهم والواقع , تتوه الحقيقة وتشيع بيننا أنصاف الحقائق , ويصعب على المرء تبيّن الصدق من الكذب , وتتفاقم الأمور للأسوأ عندما نتحدث عن السياسة والقضايا القومية .
من المصطلحات الشائكة والغامضة التي صُكّت منذ عشرات السنين والتي أضحت من المسلّمات التي لا يجوز المساس بها كثوابت الدين والعقيدة

مصطلح ” الأخت الشقيقة ” وصفًا لعلاقة مصر الدولة بجيرانها من البلدان العربية المجاورة على الأخص , ونخلط جميعا بين الأخوة القائمة على رباط الدم والنسب وبين الصلات والروابط التي تصل بين شعوب الدول وبعضها البعض بوهم وحدة الدين واللغة أو العرق .
وكما نعرف جميعا لم تمنع وحدة الدين والعرق والسمات المشتركة بين أبناء البلدان الأوروبية في العصور الوسطى ووصولا للعصر الحديث من نشوب حروب دموية شاملة وصلت للحربين العالميتين الأولي والثانية, والتي راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر..
والحديث عن مصر الدولة , يستدعي الإشارة في عجالة لحروب كثيرة في النصف الثاني من القرن العشرين , خاضتها دفاعا عن قضايا بدأت وانتهت من نظرة عاطفية ليس إلاّ ولم تكن أبدا من منطلق استراتيجية قومية أو بمخاطر تهدد بقاء الدولة المصرية نفسها .
اندفعت مصر الدولة , في حروب ( 1948 – اليمن ) بشكل خاص كما ذكرنا بوازع عاطفي , , حربين نجم عنهم تضحيات مادية وبشرية كبيرة , وأوجدا خصومات سياسية وعسكرية وتكاليف اقتصادية رهيبة, تُرجمت لحروب ( يونيه 1967 – الاستنزاف – أكتوبر 1973 – حرب الخليج الثانية )

والخلاصة أن مصر الدولة تأخرت كثيرا عن سباق التنمية الاقتصادية , وتراجعت كثيرًا بين الدول الأخرى , بينما كانت مهيأة لدور أكبر ومجهّزة ببنية سياسية واجتماعية واقتصادية قادرة على الانطلاق بها لمجالات أوسع وفضاءات أرحب من وضعها الحالي ..
التضحيات السياسية والاقتصادية , كانت ترجمة طبيعية لتكاليف عسكرية شديدة , نجم عنها شيوع مفهوم ” اقتصاد الحرب ” وانفاق عسكري كبير ومستمر , وبوهم ” الشقيقة الكبرى ” اندفعت مصر الدولة كثيرا في سباقات للتسليح والانفاق العسكري لم يكن لها محلا من الاعراب , على حساب التنمية الاقتصادية والاجتماعية , توارت جميعها خلف الاستعداد للمعركة , ومواجهة المخاطر المجاورة

بالعودة لمفهوم ” الأخت الشقيقة الكبرى ” كناية معاصرة ” لمصر الدولة ” نجد أصبح ومنذ عشرات السنين بمثابة مخدر يسري في أوصال النظم السياسية التي حكمت مصر , فتُهرع من فورها لخوض غمار مجالات ليست لها أو ليست مؤهلة لخوضها , وتأجيج عداوات لم يكن أوانها أو ليس لها صالح فيها , وبوهم المفهوم ” الأخت الشقيقة ” تعثّرت مصر الدولة , وأصبحت في نهاية الأمر كالمنبت لا أرضا قطعت ولا ظهرا أبقت .
يحمل المصطلح ” الأخت الشقيقة الكبرى ” وهنا كبيرا , إذ يصف مصر الدولة بالعقلانية والحكمة والقدرة , بينما ينزعها عن البلدان المجاورة , ويراهم فاقدي الأهلية والصلاحية السياسية , وهو مصطلح يعني بالسليقة أن هذه الدول تفتقر للسيادة الكاملة , فسيادة الدولة تبدا بقدرتها على التعاطي مع مصالحها مع البلدان المجاورة وتعني أيضا أن لها إرادة في الدفاع عن مصالحها .
تحولت ” مصر الدولة ” من أمة واعدة , كان يُفترض أن تتبوأ مكان ومكانة كبيرتين في العصر الحديث , لأخرى تقوم على المعونات والمساعدات , دولة تاهت فيها معالم التنمية الحقيقية , أصبحت تهتم بالتنمية الاقتصادية علّها تقيم ما تساقط منها , على حساب التنمية الاجتماعية , وهي في زحفها الحثيث لإحداث نموا اقتصاديا لا يعنيها الفقراء كثيرا رغم أن هؤلاء هم وابنائهم ضحايا الحروب التي خاضتها مصر لحساب الغير , أو بتأثير وهم ” الأخت الشقيقة
المشكلة التي تواجه النظم السياسية التي حكمت مصر فيما بعد حرب أكتوبر 1973 , أنها أي الدولة قد فشلت في استثمار تضحياتها هذه بالصورة المطلوبة , أو ربما رأى الغير فيما دفعه من مساعدات مادية وغيرها كافيا ومنصفا مقابل ما تكلّفته مصر الدولة , كما أن كثرة ترويجها للمفهوم ” الأخت الشقيقة الكبرى ” والتي ضحّت بمستقبلها لإقالة أخوتها من عثرتهم ومساعدتهم في ساعة الشدة والبأس , هؤلاء أنفسهم أصبحوا يضجرون من المصطلح , وكلما سمعوا المفهوم ” الأخت الشقيقة الكبرى ” وضعوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروّا واستكبروا استكبارا

المشكلة أن ليس ثمة دراسات موثّقة بين أيدينا , تخبرنا عن حقيقة التكاليف الاقتصادية التي نحّت مصر الدولة بحملها خلال عشرات السنين نتيجة مغامرات سياسية وعسكرية , ولا نقصد هنا الحديث عن تكلفة اقتصادية مباشرة , بل يمتد الحديث لتقدير كافة الفرصة المتاحة التي خسرتها مصر الدولة خلال الفترة السابقة .
دائما كانت العلاقات بين الدول خصوصا المجاورة , قائمة على علاقات مصلحة والقواسم المشتركة , يظل لكل منها فضاءه السياسي الخاص به . وتظل العاطفة هي آخر ما تراهن عليه الدول في مسارها التاريخي .

التعليقات مغلقة.