وَقْفه تَأَمُّلٍ بقلم.بوعون العيد

وَقْفه تَأَمُّلٍ بقلم.بوعون العيد

فِي تِلْكَ الْبَطْحَاء ، وَمَا تَبَقَّى مِنْ كلاَ الْأَرْض الْجُرُز البلْقَعِ ، وَفِي أَسْفَل تِلْك الهَضَبَة كَانَ الطَّرِيقُ ممهدا لِلْمَارَّة سَهْلاً عَلَى الْمرَكبَات ، لَكِنه عَسِيرٌ عَوِيص مُتْعِب مُضْن ، وَفِي بَرْدَعَة الجَحش تَمَسَّكَت وَالِدِي وَبِظَهْر مُحْدَوْدَب عَادَ عَلَيْهِ الزَّمَنُ بكلكله وَبِوَجْه شَاحِب عَلَاه شِيب الْعُمْر وَمُعَانَاة اللَّيَالِي والنُهَرْ ، وعَلتْه غَمَامةٌ من الهمِّ والإكْتِئابِ. أَبِي طَأْطَأَة الرَّأْس كِبرًا وهرما لَا عَجْزًا وَذُلًّا أهدامُك تضَارع سِنِين خَلَتْ مِنْ الآهات، حَتَّى الإدقاع تَرْجَمَه الْحَذاء و… ، أَبِي بِيَدِك رَفْش اسْتَطَال عَمُودُه كَان سَنَدًا ومتكأ ، ، وأنت في مِشْيتِك تُحدِّثُ النفس قائلا: ما أنا إلا رجُل بائس أخْطَأته السَّعادة حِينَ طَلبَها في الحضر والقصر ، فبتُّ أُفتّشُ عنها علّنِي أجِدُها في هذا القفر المُوحَش ، وبين الفينة والفينة يضع يده على جبينه المغضب كأنّما يفتش في طيَّاته عمَّا سُرِقَ من جَيْب العُمر ، أو ما تَفرَّق من شَوَارِده .هِيَ مِنْ عَلَى ظَهْرِ الْجَحْش تَنْظُر الْحَوَالِي تُمسك بِكِلْتَا يَدَيْهَا زِمَام القِيادَة كَيْفَ لَا وَمَنْ وَرَائِهَا أَسَدً جسور كان بِالْأَمْس الْقَرِيب يَحْمِي عرينَها . حذاؤها الْعَتِيق وجَوربها الْحَامِي لساقيها الهزيلتين تُرْجُمَان مَا تَبَقَّى مِنْ عِقْدِ عُمَر تَنَاثَرَت حَبَّاتُه ، حَيْثُ الْبِدَايَات كَانَت أحلامُهما ، وهاهي تمْشيي الْهُوَيْنَا صَوْب نِهَايَةٍ لَيْتَهَا تَكُون جَامِعَة كَمَا حواهما سَقْف الْبِدَايَة ، أُمِّي جَلَسَت والغِرَارَةَ ظَهَر الْجَحْش ، وَهُو يُسايُرهُما مِشيَةً ويَتسَاءَل: كَيْف بِهِمَا وَالرِّحْلَة شَاقَّة والوُجهة مَجْهُولَة ؟ وَلَرُبَّمَا أَنَّةُ النَّزْع تُحْدِّق بِهِمَا ، وَهَلْ مَا بالغِرَارة لِي ؟ أَم لَهُمَا . . . ؟ وَلَعَلّ الرَّفْش هُوَ مِنْ سَيُواريهما التُّرَاب بعدَ انْقطَاع النَّسل ، وغِياب الأهْل ، وَمَن ذَاك الطَّرِيق حِكَايَة زَوْجَيْن تَرْوِيهَا قارعته .