( وَلِيدٌ و الذُّبَابُ ) بقلم: عاشور زكي وهبة
قصة للأطفال (10:8 سنوات)
وَليدٌ طفلٌ في الخامسةِ منْ عمرِهِ، يُطْلِقُ عليهِ الأطفالُ ( صديقَ الذُّبابِ )؛ إذْ أنَّ الذبابَ يرافقُهُ في كلِّ مكانٍ. يبتعدُ الأطفالُ عن ( وليدٍ )؛ لا يَدَعُونَهُ يلعبُ معهم؛ و لا يَدْعُونَهُ للاشتراكِ في جِدِّهم. يصرخُ فيهم : أريدُ أنْ ألهو معكم!
يَردُّونَ عليه في صوتٍ واحدٍ: يكفيكَ العبثُ مع الذبابِ!
يضربُ ( وليدٌ ) الأرضَ بقدميه مغتاظًا قائلًا في نفسهِ: لا بدَّ أنْ أتخلَّصَ منْ رفقةِ الذبابِ!
أخذَ ( وليدٌ ) يشيحُ بيديه يمنةً و يسرةً طاردًا الذبابَ دونَ جدوى؛ ما أنْ تكلُّ يداهُ حتّى يعودُ الذبابُ أفواجًا ليزعجَهُ بطنينِهِ المتواصلِ مرَّةً أخرى.
لاحظَ ( وليدٌ ) العمَّ ( فؤاد ) البائعَ المتجوِّلَ بعربتهِ ذاتِ الحمارِ الهزيلِ، و حلواه التي تجتمعُ عليها أسرابُ الذبابِ؛ فيَهُشُّها بمنشَّتِهِ المصنوعةِ من سعفِ النخيلِ.
فكَّرَ ( وليدٌ ) ثمَّ قالَ محدّثًا نفسه: الذبابُ تجذبُهُ حلاوة السكرِ و العسلِ؛ فهل أنا مصنوعٌ من العسلِ؟! وتخيَّلَ نفسهُ قطعةَ حلوى عملاقة يجتاحها الذبابُ و ينفرُ منها الأطفالُ . سارَ ( وليدٌ ) حتّى اقتربَ من مكانٍ تكثرُ فيه القُمامةُ، و الكلابُ تعبثُ في جيفةِ حيوانٍ . كانتْ الرائحةُ عَفِنَةً جدَّا؛ و الذبابُ ينهمرُ على الجيفةِ المُقَزِّزَةِ. تساءَلَ ( وليدٌ ) في نفسه: هل أنا جيفةٌ حتّى يستقذرني الأطفالُ ؟! تذكَّرَ معلِّمته في الروضةِ حينما كانتْ تحذّرهم من شراءِ حلوى العمِّ ( فؤاد ) أو أى بائعٍ جائلٍ يحومُ الذبابُ على بضاعته المكشوفة. ربطَ ذلكَ برؤيةِ الجيفةِ النتنةِ و الذبابِ المكتسحِ لها؛ توصَّلَ إلى حقيقةٍ مؤكدة: الذبابُ يصادقُ القذارةَ؛ إذن أنا قذرٌ… عادَ ( وليدُ ) إلى منزله راكضًا يطلبُ من والدتِهِ أنْ تُعِدَّ له الحمَّامَ كَى يستحمَّ . سَعِدَتْ الأمُّ لسماعها ذلكَ من ابنها الكاره للنظافة.
أقسمَ ألّا يتعبُ أمَّه مرَّةً أخرى و يعتني بنظافته الشخصيّة؛ و أنْ يتبعَ نصائحَها مهما صَغُرَتْ.
خرجَ ( وليدٌ ) نظيفًا إلى الشارعِ يرتدي حُلَّةً جميلةً.
غادرتْهُ – دونَ رجعةٍ – أسرابُ الذبابِ، استقبلَهُ الأصحابُ بالعناقِ و الترحابِ، يلعبونَ و يذاكرونَ معًا بجِدٍّ واجتهادٍ .
( تَمَّتْ بحمدِ الله).
التعليقات مغلقة.