“يوشع بن نون “و ملامح من حياته
بقلم / محمـــــد الدكــــرورى
إن من عدل الله سبحانه تعالى في عباده أن جعل السيادة والريادة لمن يدين بدينه ويقيم شريعته، دون اعتبار لجنسه ولونه ولسانه وماله وسلطانه، وهؤلاء هم أهل الحق، والحق أقوى من الباطل ، وإن طغى أهله وظلموا ، وأهل الحق غالبون ولو كانوا قلة مستضامين مستضعفين ، لأنهم جند الله سبحانه تعالى ، وإذا أطلق إسرائيل في القرآن فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، جعل الله تعالى أنبياء بني إسرائيل من ذريته .
وكان موطنهم بيت المقدس بعد أن اتخذه جدهم الخليل إبراهيم عليه السلام موضعاً يعبد الله تعالى فيه، إلى أن جرى على يوسف ما جرى عليه من المحنة والابتلاء، ثم الرفعة والتمكين، فهاجر يعقوب ببنيه من بيت المقدس إلى مصر ، ومكثوا فيها أربعة قرون وزيادة .
وكانن الكنعانيون الوثنيون فيها يحكمون بيت المقدس ويسمون العمالقة والجبارين، فلما بعث الله تعالى موسى من نسل يعقوب عليهما السلام، وجرى عليه ما جرى مع فرعون وقومه أنزل الله تعالى التوراة على موسى عليه السلام، وفرض فيها الجهاد على بني إسرائيل فأمروا بقيادة موسى عليه السلام أن يطهروا بيت المقدس من وثنية الكنعانيين؛ فامتنعت بنو إسرائيل عن القيام بأمر الله تعالى .
فعاقبهم الله تعالى بالتيه على عصيانهم أربعين سنة ، توفي فيها هارون ثم موسى عليهما السلام ، ونشأ جيل جديد من بني إسرائيل ، أقوى إيمانا، وأصلب عودا، وأمضى عزيمة، فقادهم يوشع بن نون عليه السلام إلى بيت المقدس ففتحها الله تعالى على يديه، وطُهرت الأرض المباركة من شرك الكنعانيين الوثنيين.
وعمرها أتباع موسى بتوحيد الله تعالى ، إلى أن دبَّ الشرك والعصيان في بعضهم ، فكان من بني إسرائيل موحدون، كما كان فيهم مشركون، فلما كثر العصيان فيهم سلط الله تعالى عليهم الجبابرة من الكنعانيين، فاحتلوا بيت المقدس، ونكَّلوا بهم، فضاع بنو إسرائيل وتفرقوا، فعمدوا إلى نبي لهم ، لينصب عليهم ملكا يسوسهم، ويعيد مملكة القدس لهم، فأرسل إليهم طالوت ، فكانت المعركة العظيمة المذكورة في سورة البقرة، التي انتصر فيها بنو إسرائيل على الوثنيين .
وبرز فيها نجم داوود عليه السلام حين قتل جالوت، ثم آل الملك إليه بعد طالوت، وآتاه الله تعالى النبوة، فافتتح بيت المقدس، وسميت مدينة داوود، فعزم على أن يبني لله تعالى مسجداً سماه اليهود بيت الرب أو الهيكل، وتوفي عليه السلام قبل أن يتم له ذلك فخلفه ابنه سليمان عليه السلام، وآتاه الله تعالى الملك والنبوة، فابتنى المسجد على هيئة عظيمة تليق بملكه وملك أبيه عليهما السلام.
وظل بنو إسرائيل يعبدون الله تعالى في المسجد أو الهيكل على وفق شريعة موسى عليه السلام والنبيين من بعده، ومع تقادم العهد كان بنو إسرائيل يتحللون من شرائع أنبيائهم شيئا شيئا، فيبعث الله تعالى لهم أنبياء يدعونهم إلى التوحيد وإقامة الدين، فربما صدوا عن سبيلهم أو آذوهم أو قتلوهم، فيسلط الله تعالى عليهم من يسومهم سوء العذاب كما سلط عليهم الفراعنة والبابليين، ونتج عن ذلك هدم المسجد أو الهيكل، وخُرِّبت مدينة القدس في السبي البابلي، ثم أعيد بناؤها وبناء الهيكل لما انتصر الفرس على البابليين.
واستقر الحكم بعد حروب كثيرة للرومان على بيت المقدس، فاسترضوا بني إسرائيل، وتقربوا إليهم، ولكن بني إسرائيل تمادوا في البغي والظلم، فبعث الله تعالى فيهم زكريا ويحيى عليهما السلام، وكان زكريا رئيس المسجد أو الهيكل، وهو الذي كفل مريم عليها السلام المنذورة لخدمة الهيكل .
ومن مريم جاء المسيح عيسى عليه السلام بلا أب بمعجزة ربانية مذكورة في القرآن ، وبلغ من فساد بني إسرائيل أنهم قتلوا زكريا، ثم قتلوا ولده يحيى عليهما السلام؛ لأنه رفض الفتيا لهم بجواز البغاء لأحد ملوكهم، ورموا مريم بالإفك والبهتان.
ولما بعث فيهم عيسى عليه السلام انقسم بنو إسرائيل إلى فريقين: فريق آمن بعيسى وهم الأقل والأضعف ، وهم النصارى، وفريق كفر به وهم الأكثر والأقوى ، وهم اليهود، فوعظهم عيسى وذكرهم، وكانت عقائدهم وأخلاقهم قد بلغت المنتهى في الفساد والانحطاط حتى إنهم جعلوا مسجد داود ملهى لهم، وسوقاً للمرابين منهم، فحذرهم عيسى عليه السلام من عقوبة الله تعالى.
وانتشرت دعوة عيسى عليه السلام ومواعظه بين الناس، وتأثروا به، فخاف المتنفذون من رجال الدين والسياسة من اليهود على نفوذهم من دعوته، وحكمت المجامع الدينية اليهودية بقتل عيسى عليه السلام، وأغروا الحاكم الروماني بذلك، وفرَّ عيسى عليه السلام ومن معه بدينهم، وقيل: سمي المسيح لسياحته في الأرض، وكثرة تنقله ، خوفا من اليهود، إلى أن عثروا عليه فنجاه الله تعالى منهم، ورفعه إليه.
وبعد سنوات من رفع عيسى عليه السلام، وأذية أتباعه بأيدي اليهود ، سُلِّط اليهود على أنفسهم فحاولوا التمرد على الحاكم الروماني، فاستباحهم، وسبى كثيرا منهم إلى روما، وأحرق المدينة المقدسة، وهُدِم الهيكل للمرة الثانية، وتحققت فيهم نبوءة عيسى عليه السلام فلم يُبْق الرومان في المدينة المقدسة حجرا على حجر ، وانتهى أمر اليهود في بيت المقدس، وتفرقوا في أرجاء الأرض، وانتقلت أحقية المدينة المقدسة من اليهود إلى النصارى لشرك اليهود وتوحيد النصارى.
ولكن أتباع عيسى عليه السلام وهم النصارى ما لبثوا إلا يسيرا حتى بدأ الانحراف يدب فيهم، ولم يبق على التوحيد منهم إلا طائفة قليلة ، إذ بعد ثلاثة قرون من رفع المسيح عليه السلام أعلن حاكم الروم قسطنطين عقيدة التثليث عقيدةً موحدة للنصارى، ودخلت الأمة الرومانية في النصرانية المحرفة، وهرب الموحدون من أتباع عيسى عليه السلام في البراري والأدغال ، خوفا من بطش أهل الشرك والتثليث.
ونرجع الى نبي الله يوشع بن نون عليه السلام ، من سلالة سيٍّدنا إبراهيم عليه السلام ، وقد كان قائد بني إسرائيل بعد موت موسى عليه السلام، فهو يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم جميعا وعلى نبينا الصلاة السلام ، وقد اتَّفق أهل الكتاب على نبوَّتِه .
ولمَّا توفّيَ نبيُّ الله موسى عليه السلام بعثَ الله تعالى يوشع بن نون عليه السلام ، نبيًّا إلى بني إسرائيل، وأمرَهُ الله تعالى بالمسيرِ إلى مدينةِ أريحا وهي مدينة الجبارين، وكذلكَ اختلفَ العلماءُ فِي فتحِ أريحا على يد من كان، فقال ابن عباس رضي الله عنه ، إنَّ موسى وهارون ماتا في التيه، ومات أيضًا كل من دخله وقد جاوزَ العشرين سنة إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنا .
فلمَّا انقضت أربعون سنة أوحى الله إلى يوشع بن نون وأمره بالمسير إلى أريحا وفتحها، وبهذا قال قتادة والسدي وعكرمة ، وقال آخرون: إنَّ موسى عليه السلام عاش حتى خرجَ من التِّيه ، وسار موسى عليه السلام ، بعد ذلكَ إلى مدينة الجبارين ومعه يوشع بن نون ففتحها، وكذلك قال إبن إسحاق .
وقال أيضًا: سارَ موسى بن عمران إلى أرض كنعان لقتال الجبارين، فقدم يوشع بن نون وكالب بن يوفنا وهو صهره على أخته مريم بنت عمران، فلمَّا بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعور وهو من ولد لوط، فقالوا له: إنَّ موسى قد جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا فادعُ الله عليهم.
فقال لهم: كيفَ أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة ، وامتنع عن الدعاء عليهم إلى أن خدعته زوجته مرارًا وصار كلما حاول أن يدعو عليهم ينصرفُ لسانهُ للدعاء لهم وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب الدعاء عليهم ، ثمَّ إن موسى عليه السلام ، قدم يوشع بن نون إلى أريحا في بني إسرائيل ففتحها وقتل الجبارين الذين كانوا فيها وبقيت منهم قلة ، وبعد أنْ بقيتْ قلةٌ من الجبارين في أريحا وقد قاربت الشمسُ أن تغرب خشيَ يوشع عليه السلام أن يدركه الليل فيعجزُ عن قتلهم، فدعا الله أنْ يحبسَ عليهم الشمس، ففعلَ وحبسها حتى قتلهم جميعًا.
ودخلَ موسى فأقامَ فيها ما شاء الله أن يقيم ثمَّ قبضه الله إليه ، وقد ذكر المؤرخون أن الله فتح على يديه أيضًا بيت المقدس، وبعدَ أن استقرَّ بنو إسرائيل في بيت المقدس استمرُّوا فيها وفيهم يوشع بن نون يحكم بينهم بالتوراة حتى قبضه الله تعالى ، وفي قصة النبيِّ يوشع بن نون عليه السلام الكثير من العبر .
ففيها ما يدلُّ على التوكل على الله تعالى ونصرة دينه ورسله، عندما أمرَ الله يوشع عليه السلام بقيادة بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام والذهاب إلى بيتِ المقدس وإلى أريحا وفتحها، وقد ألهمَهُ الله النصر على أعدائه لأنَّه من عباده المؤمنين الصادقين، وقد حُبست له الشمس ولم تُحبس لبشرٍ سواه عليه السلام .
وكما قال تعالى: ( يا أيُّها الذينَ آمنُوا إنْ تنصُروا اللهَ ينصُركمْ ويثبِّت أقدَامَكم ) وفي النهاية حكم يوشع بن نون بني إسرائيل بالتوراة حتى توفيَ في بيت المقدس ، ذكرَ النبي يوشع عليه السلام في القرآن الكريم مرةً واحدة، ولم يذكر الله تعالى اسمَه بلْ أشارَ إليه بكلمة “فتى” في سورةِ الكهف عندما تحدَّثت السورةُ عن قصة موسى والخضر، قال تعالى: “وإذْ قَالَ موسَى لِفَتاهُ” .
وقد ذُكرَ اسمه في صحيح البخاري في الحديث الطويل الذي رواه أبي بن كعب أنَّ النبيَّ الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال فيه: “وإذ قالَ موسَى لفتَاه، يوشع بن نون” وقد روى أبوهريرة حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الشَّمسَ لَم تُحبسْ لِبشرٍ إلَّا ليوشَعَ لَياليَ سَار إلَى بَيتِ المَقدسِ” .
ويوشع بن نون يقول عنه أهل الكتاب يقولون أن يوشع هو ابن عم النبي هود عليه السلام، ويعرف لدى المسيحيين باسم يَشوع بن نون، ويعتبر من الشخصيّات المتّفق عليها بين أهل الكتاب أنفسهم، وبينهم وبيننا نحن المسلمين ، وقد بعثه الله نبياً لبني إسرائيل بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام ، وقد قام بإخراج بني إسرائيل من التيه ودخل بيهم بيت المقدس بعد قتال وحصار دام ستة أشهر، وفي هذه المعركة وقعت القصة الأشهر لهذا النبي الكريم.
فبعد أن اقترب النصر لبني إسرائيل وكان ذلك في يوم الجمعة أخذ الوقت يمضي ويقترب من الغروب، فخشي عليه السلام أن يدخل يوم السبت فيتوقف قومه عن القتال وخاف أن يفقد الإنتصار وتصير الغلبة للعدو ، لأن شريعة بني إسرائيل تحرم عليهم العمل والقتال في يوم السبت والذي يبدأ مع دخول وقت المغرب، فنظر يوشع عليه السلام إلى الشمس، وقال لها، إنك مأمورة وأنا مأمور.
ثم دعا الله سبحانه وتعالى بقوله: ” اللهم احبسها علينا” فتوقفت الشمس مكانها، وظلت واقفة إلى أن فتح بيت المقدس ودخله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس “
ولم يحبس الله الشمس لاحد الا ليوشع بن نون عليه السلام فاقتحم بيت المقدس وفتحها وأمرهم الله عز وجل ، أن يدخلوها سجداا له ركعا له سبحانه وتعالى وهم يستغفرونه ولكن بني اسرائيل دخلوا وهم على أدبارهم يستهزئون وبدلا ان يقولون حطة أي اغفر لنا ذنوبنا اخذوا يقولون حنطه إستهزاءا وسخريه ، فأصابهم الله برجزا من السماء وهو طاعون حصد منهم الكثير ومات منهم الوف مؤلفه .
وعاش بني اسرائيل في فلسطين عقود عديده ودهورا مديده وكلما جاءهم انبياء الله إما قتلوه او كفروا به وكذبوه ، وهكذا حتى ابتلاهم الله ببلاء عظيم فجاءهم بُخت نُصًر فسبا النساء وسفك الدماء وحتى انه اخرجهم منها أذله ، فبعث الله نبي منهم اسمه شمويل فذهبوا اليه وقالوا سئمنا من هذه الحياه وما يحدث لنا يانبي الله ، فبعث لنا ملكا لنقاتل من ورائه ونقتلهم ونرجع للارض المقدسه فقال لهم النبي اخاف ان كتب عليكم القتال ، الا تقاتلوا ؟
مع تحيات إدارة جريدة على باب مصر
التعليقات مغلقة.