يوم المرأة العالمي ..لها أم عليها؟!!
بقلم د.إيمان عفيفي
منذ الصباح يتردد على شاشات التلفاز و صفحات التواصل الاجتماعي ” اليوم هو اليوم العالمي للمرأة ” و يتسابق الجميع في الحديث عنها بصور مختلفة ،هناك من يناقش قضاياها و مشاكلها الاجتماعية و هناك من يراها مظلومة مهدور حقها لكن الغالبية تشيد بالنماذج الناجحة كبطلات تخطين حدود المستحيل و العديد أجزموا بنجاحها في مضاهاة الرجل في شتى المجالات ..و يعلو الصياح المرأة..المرأة ..المرأة.. ليصل الحديث إلى الجملة الشهيرة التي تتباهى بها الكثيرات ” الست ب ميت راجل “.
يا له من هراء..لا أرى في هذه العبارة إلا ظلم حقيقي للمرأة …لماذا تضعوها في كفة أمام كفة الرجل؟! ..من أين جاء هذا المنطق الذي يقيس نجاحها بميزان نجاحه؟! لماذا نضعها في تحدي دائم معه؟! لماذا يتوج تميزها بأنه انتصار علي الرجل و من ثم يظهر بشكل معجزة خارقة .
هناك حقيقة ثابتة غير قابلة للنقاش أو الجدل و هي أن الله خلق الرجل و المرأة بشرا سواسية لكنه حبا كلا منهما بملكات خاصة لا يملكها الآخر و ذلك لاختلاف دوره الذي وجد من أجله على ظهر الأرض ، يتمتع الرجل بمزيد من العقلانية و الثبات العاطفي و الصلابة حتى ينجح في القوامة التي فرضها الله عليه بينما تحظى الأنثى بنصيب أوفر من العاطفة و الصبر لتتحول بداخلها آلام الحمل و المخاض و الرضاعة إلى متعة تستقبلها بصدر رحب و لم يطلب من أي جنس أن يتشبه بالآخر لتحقيق معجزة منشودة..
لكن بلا شك يتساوى الطرفان بكون كل منهما بشر له عقل قادر على التعلم و الإبداع و التميز و مشاعر إنسانية متقلبة مع ألوان الحياة المختلفة و هذا لا يتعارض بتاتا مع اختلاف تكوينهما الفطري .
و دليل هذه المساواة أنه لا يقتصر الوصول لأي درجة علمية أو مركز وظيفي على الذكور دون الإناث أو العكس .قد يفضل كل منهما مجال يتناسب مع طبيعته بشكل أكبر كأن يتجه الرجال إلى العمل في الشرطة و أن تفضل المرأة مجال التدريس لكن في كل مكان بلا استثناء نجد المتميزون من الرجال و النساء على حد سواء .
لذلك أجد الإشادة بالمرأة الناجحة في أي مجال من منطلق كونها إمرأة هو تخلف مجتمعي متأصل لابد من بتره و للأسف كان هذا سببا خفيا وراء كل ما تتعرض له المرأة من مشكلات خاصة في مجتمعاتنا العربية ..حيث تنشأ كثير من الإناث بمبدأ ” نجاحي يكون بمنافسة الرجل و التفوق عليه “و على الجانب الآخر يستقبل بعض الرجال أي إنجاز للمرأة على أنه ندية فيها خدش لرجولته فيحتدم الصراع و تتفاقم العديد من المشاكل الكبرى التي يعاني منها الطرفان بنفس الدرجة و يختفي بين كل ذلك المغزى الحقيقي لوجودهما معا و هو التكاتف معا لإعمار الأرض ،كل بما يتميز به عن الآخر ،كل على فطرته.
أرى أيضا في هذا الجانب ظلم للرجال فعندما يتقلد الإثنان نفس المنصب يلمع نجم المرأة و تأخذ نصيبا أكبر من الثناء حيث أنها استطاعت الحصول على نفس المكانة بمهاراتها التي يعتقد البعض أنها الأقل مما يبخس الرجل حقه في الحصول على نفس التقدير المعنوى .
احتفلوا بالمرأة في يومها تقديرا لدورها الحقيقي في الحياة ،بمناقشة قضاياها التي تعيق طريقها في أداء هذا الدور و محاولة إيجاد حلول و تطبيقها فعليا. و للرجل نفس الحق في يوم عالمي يخصص لتكريمه و إلقاء الضوء على إنجازاته اللا محدودة.إن كان وراء كل رجل عظيم امرأة فمما لا شك فيه وراء كل امرأة ناجحة رجل عظيم .
عزيزتي المرأة لا تكوني إلا أنتي..تقدمي ..تفوقي..حققي ما تشاءين من إنجازات و إرفعي سقف طموحك إلى السماء و لكن كامرأة..تمتعي بفطرتك الأنثوية و افخري بها لا تتنكري لها و تبحثي عن نفسك في مرآة الرجل…قفي أمام كل من يزج بك في طريق السباق معه فالفوز في ذلك هو خسران لنفسك .
إمسحي هذه العبارة البلهاء من قاموس المجتمع العقيم و اكتبي مكانها ” أنا ست ب ميت ست ”
.
التعليقات مغلقة.