مصر مابين عبد الناصر والسادات د. أحمد دبيان
مصر مابين عبد الناصر والسادات د. أحمد دبيان
إذا ما اردنا المقارنة المنصفة بين دولة عبد الناصر ودولة السادات فان دولة ناصر ببساطة كانت دولة الأنا الأعلى ،
دولة لها مشروع علمى ، ثقافى ، فكرى تنويري ،
تعلى من قيمة الفكر والعمل وتجعلهما معيار التمايز .
أما دولة السادات فهى بإختصار دولة الهو ،
واعلاء جموح الغرائز .
غرائز الدين والمال والعمل والربح السريع بلا قاعدة انتاج ، او قيمة للعمل ذاته .
وانتهينا الى انفجار غرائزي على كل المحاور ، وانطلق القمقم الحيوانى من عقاله ، محولاً الأنا والأنا الأعلى ، الى سجين يرسف فى أغلال التسلف والتخلف دون القدرة حتى على تبيان اول معالم الطريق .
دولة السادات والتى لا زالت تحكم ، أعادت مصر الى نهاية الحكم المملوكى ، وحتى الى ما قبل الصدمة الحضارية التى حدثت حين تلاقت سيوف المماليك المزركشة وقنبر الفرنسيس وقذائفهم المتطورة ، فكان
دعاء
يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف
هو ما يحرك العقل الجمعى المصرى المملوكى ، وكان الصدام الفكرى العاصف .
ربما خرجنا بالفعل من هذا الصدام بما يبدو انه تطور حدث مع المشايخ جعلهم يلحظون تلك الهوة الساحقة وجعلتهم يحاولون تجديد الخطاب الحاكمى فكانت حركة المشايخ التى انتهت بفرض محمد على واليا ، فكان الترسيخ للاستبداد المحلى بديلا عن الاستبداد الاقليمى متمثلا فى الخلافة المريضة .
التناقض الحالى يكمن فى ان الديكتاتورية الثيوقراطية ترى نفسها هى الدين ، بعد نفوذ ترسخ قرابة الخمسين
عاماً وترسخ لحجاب عقلى مستدام يحفظ مكانتها فى فتكنة رسمية لدولة الأزهر .
وهذه الفتكنة ذراعيها الخطاب السلفى المتأصل والمتمكن من عقلية معظم المصريين ، والاختراق الاخوانى الإجتماعى للطبقات الدنيا .
المعضلة الاساسية فى دولة السادات انها رسخت للدجل العلمى الدينى ، فصار
يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف هو ذاته طرح الإعجاز العلمى الذى سبق به القرآن كل العلوم الوضعية التى أوكل الله خليفته الانسان مسئولية سبرها.
فصار التواكل العلمى سمة مميزة وانعكاسا لإطلاق غرائز الدين ، وانتهينا الى ان أصبحنا عوائلاً طفيلية على الأمم.
يكمن الحل فى التشخيص الصحيح وتحديد دقيق لبداية موطن الداء ، والذى وبدونه سنظل فى دورة الطفيليات السياسية المفرغة ، بفقيه للسلطان يعضد نظرية الحكم الإلهى ، وسلطان يستمرئ الخضوع المعضد بالتأويل المطلوب ، والدجل الممنهج علمياً ليتصدر العقل الجمعى ، وبوصلة تدور ابرتها ٣٦٠ درجة دون ان تفلح فى تحديد الإتجاه.
التعليقات مغلقة.