ومضة إعرابية من القرآن الكريم للدكتورة وجيهة السطل
ومضة إعرابية من القرآن الكريم للدكتورة وجيهة السطل
(أسعد الله مساءكم
قال الله- تعالى- : {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}سورة إبراهيم : ٤٦
صدق الله العظيم
١- إعراب ( مكرَهم):
كثير ممن أعربوا القرآن الكريم أعربوها مفعولًا مطلقًا ، . وهذا مع احترامي للجميع خطأ . فالمفعول المطلق الذي يكون لبيان الهيئة لايضاف لضمير فاعل العامل بل لأجنبي عنه . فإذا أضيف إليه صار مفعولًا به . وكذلك الذي لبيان النوع ويتبعه نعت .
لوقلت: أكلت أكلة لذيذة .
أكلةً: مفعول مطلق لبيان النوع .
أكلت أكلتي المفضلة .
أكلتي : مفعول به .
قرأت قراءة المتفهم .
قراءة : مفعول مطلق لبيان الهيئة
قرأت قراءتي اليومية .
قراءتي : مفعول به
للجميع .
وعلى هذا (مكرَهم) اسم منصوب بنزع الخافض. التأويل: وقد مكروا به بمكرهم .
٢- نتوقف عند (وإن )وترتبط بها (لتزول ). ولابد أن نفهم معنى الآية ،ونطلع على آراء المفسرين ، لنتبيَّن الإعراب الصحيح ؛ فبين فهم القرآن الكريم وآياته الكريمة ، وإعراب مكونات الجمل وبنيتها ، علاقة جدلية ، تجعل كلًّا منهما مرتبطًا بالآخر ، ارتباطًا وثيقًا . فالفهم يقود إلى الإعراب الصحيح . والإعراب يضيء الفهم ويؤكده .
ولعلماء التفسير في هذه الآية آراء لا بد من استعراضها .
١-ذكرت كتب التفسير : روي عن أبي بن كعب ، وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – وغيرهما أنهما قدقرؤوا : ” وإن كاد ” كما قرأ بذلك علي رضي الله عنه .
ونقل ابن جريج عن مجاهد أنه قرأها : ” لَتزولُ منه الجبال “بفتح اللام الأولى ، وضم الثانية .
وعلى هذه القراءة تكون : الواو استئنافية .إنْ مخففة من إنَّ،غير عاملة ، واللام مفتوحة فارقة ، والفعل المضارع مرفوع . (لَتزولُ) . والجملة خبر الناسخ كاد .
والإعراب نفسه لو ظل الفعل كان .
والمعنى أنَّ مكرهم كان معدًّا بخبث وإتقان،يجعله تزول بسببه الجبال الراسيات . ولكن حفظ الله ونصرته لنبيه أقوى من مكرهم .
ويجوز أن تكون مكرهم مفعولًا به ، على التضمين ،لأن مكروا هنا تحمل معنى أعدوا وخططوا .
٢- روى العوفي عن ابن عباس في قوله : ( وإن كان مكرهم لِتزولَ منه الجبال )يقول : ما كان مكرهم لتزول منه الجبال . وكذا قال الحسن البصري .واللام المكسورة لتأكيد النفي كقوله:
{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَـٰنَكُمْ }
وعلى هذا تكون: الواو استئنافية ، (ما ) نافية .واللام لام الجحود لتأكيد النفي سخرية بهم . والمضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا ، والمصدر المؤول مجرور باللام .( لزوال ). ووجه ابن جرير المعنى بأن هذا الذي فعلوه بأنفسهم من كفرهم بالله وشركهم به ، ما ضرَّ ذلك شيئًا من الجبال ولا غيرها ، وإنما عاد وبالُه عليهم أنفسِهم .
والقول الثاني في تفسيرها : ما رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) أي غاضبًة من شركهم ، كقوله : ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا أن دعوا للرحمن ولدا ) [ مريم : ٩٠-٩١ ]. وهكذا قال الضحاك وقتادة : مكرًا عظيمًا تُزلزل منه الجبال وتزول من أماكنها، لكن الله جلّ وعلا لهم بالمرصاد، ومن ورائهم محيط.
وقال الزجاج: وإن كان مكرهم يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال، فإن الله ينصر دينه.
٣- { وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ } أي: وعند الله جزاء مكرهم،من إقامة المضاف إليه مكان المضاف، أو وعند الله مكتوب مكرهم فهو مجازيهم.
٤-والوجه الرابع وهو ما مسه المفسرون مسًا في المعنى، ولم يفصلوه في الإعراب فقالوا :
والمعنى: ومحال أن تزول الجبال بمكرهم، على أن الجبال مَثَلٌ لآيات الله وشرائعه الثابتة على حالها مدى الدهر. فالجملة على هذا حال من الضمير في { مكروا } أي: والحال أن مكرهم مُعدٌّ بحنكة، ويمكن ان تزول منه الجبال.
■ وعلى هذا تكون: (وإن وصلية)
الواو حالية ، إن زائدة . واللام لام التعليل .
والواو في جملة وعند الله مكرهم اعتراضية. والجملة الاعتراضية فصلت بين الحال وصاحبها .
أي :ومكروا مكرهم
كائنًا قويًّا فاجرًا مُعدًّا لزوال الجبال ، ولكن الله محيط بهم ، ومحبط ما كانوا يفعلون.
تحياتي للجميع
التعليقات مغلقة.