في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سالم
الحلقة الثمانون.. عبيدة بن الحارث.. شهيد آل البيت
أولا.. مقدمة.. هو عُبَيْدَةُ بن الحارث بن عبد المطّلب.. وقيل: ابنُ المُطَّلبِ القرشِي المُطَّلِبِي.. ويُكْنَى أبا الحارث.. وقيل: أبا معاوية.. وأُمه وأُم أَخويه سُخَيْلة بنت خُزاعي بن الحُويرث.. وكان عبيدة رأس بني عبد مناف حينئذ مع أنَّ العباس وإخوته كانوا في الندد أقرب.. وهو بن العم الأكبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. وكان أسنّ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بعشر سنين..
- وكان لعُبيدة من الولد معاوية.. وعون.. ومُنقِذ.. والحارث.. ومحمّد.. وإبراهيم.. ورَيْطَة.. وخَديجة.. وسُخيلة.. وصَفيّة لأمّهات أولاد شتّى.. وكان عبيدة مربوعًا أسمر حسن الوجه..
- هو أول شهيد من أهل بيت النبي.. ويعد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأوائل.. وكان يجله ويحبه تعظيما لمقامه لأنه يكبر النبي صلى الله عليه وسلم.. كما تقدم
ثانيا.. في إسلامه وهجرته.. فهو من أوائل الذين سارعوا إلى اعتناق الإسلام.. حيث كان من الثلاثة عشر رجلاً وامرأة الذين أسلموا بعد الاثنين والعشرين الأوائل.. وروى يزيد بن رومان أنه قال: أسلم عُبيدة بن الحارث هو وأَبو سلمة بن عبد الأَسدي.. وعبد اللّه بن الأَرقم المخزومي.. وعثمان بن مظعون في وقت واحد.. قبل دخول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم وقبل أن يدعو فيها.. - في هجرته.. روى حَكيم بن محمّد عن أبيه قال: خرج عُبيدة.. والطّفيل.. والحُصين بنو الحارث بن المطّلب.. ومِسْطَحُ بن أُثاثة بن المطّلب من مكّة للهجرة فاتّعدوا بطن يَأجَجِ.. فتخلّف مسطح لأنّه لُدغَ..
- فلمّا أصبحوا جاءهم الخبر فانطلقوا إليه فوجدوه بالحصحاص فحملوه فقدموا المدينة فنزلوا على عبد الرّحمن بن سَلَمَة العَجْلاني.. وروي عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة قال: أقطع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لعُبيدة بن الحارث.. والطّفيل وأخوَيْه موضعَ مخِطَّتِهِم اليوم بالمدينة فيما بين بقيع الزّبير.. وبني مازن..
ثالثا.. في جهاده.. - في سرية عبيدة بن الحارث.. أو سرية “رابغ”.. وهي ثاني السرايا التي أرسلها النبي محمد بن عبد الله إلى بطن رابغ في شوال على رأس ثمانية أشهر من من الهجرة إلى المدينة المنورة.. عقد له لواء أبيض.. كان الذي حمله مسطح بن أثاثة.. وكان تعداد السرية ستين رجلاً من المهاجرين ليس فيهم أنصاري.. وفيها لقي عبيدة بن الحارث رأس آل أمية أبا سفيان بن حرب وفي رواية إبن إسحق أنه كان على رأس الجماعة من قريش عكرمة بن عمرو بن هشام.. كانوا مائتين من قريش.. وهو على ماء يقال له “أحياء” من بطن رابغ على عشرة أميال من الجحفة. وكان بينهم الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال.. وإنما كانت جرت بينهم المناوشة.. إلا أن سعد بن أبي وقاص قد رُمي يومئذ بسهم فكان أول سهم رمي به في الإسلام ثم انصرف الفريقان على حاميتهم.. وأما الوَاقِدِيُّ فذكر أن أوّل لواءٍ عقده رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم كان لحمزة بن عبد المطلب..
- إختار النبي صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث في موقعة بدر.. مع علي بن أبي طالب إبن عمه.. وعمه حمزة بن عبد المطلب لمبارزة أبرز ثلاثة مقاتلين من قريش.. وهم عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة مع ابنه الوليد بن شيبة.. فبارز حمزةُ شيبة فقتله مكانه.. وبارز عليُّ الوليد فقتله مكانه.. بينما واجه عبيدة بن الحارث قطباً قاسياً من أقطاب المشركين.. وهو عتبة بن ربيعة.. فطعن كل منهما الآخر.. وضرب عبيدة عتبة ضربة قاضية فأرداه صريعاً.. وقيل أن عليا وحمزة قد كَرَّا على عُتْبَة فأجهزا عليه.. بينما كان جرح عبيدة جرحا بليغا.. وقيل أنه انفصلت ساقه.. وعاد محمولا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من بدر..
- فلما وصلا إلى المدينة حُمل عبيدة إلى الرسول فلما دخل عليه أضجعه صلى الله عليه وسلم ووضع رأسه على ركبته وجعل يمسح الغبار عن وجهه.. فقال عبيدة.. ” أما والله يا رسول الله لو رآك أبو طالب لعلم أني أحق بمقوله منه حين يقول: وتسلمه حتى نصرع حوله.. ونذهل عن أبنائنا والحلائل”..
- ثم يقول عبيدة: يا رسول الله.. “ألست شهيداً” فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: “بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي”.. ونزلت دموع النبي متأثراً..
- وتوفي عبيدة رضي الله عنه بالصفراء.. في العشر الأخير من رمضان.. (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ).. “سورة البقرة: الآية 154
- وقيل: إِن النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما نزل مع أَصحابه بالنَّازِية قال له أَصحابه: إِنا نجد ريح مسك؟! فقال: “وما يمنعكم؟ وها هنا قبر “أَبي معاوية”.. وكان لعبيدة قدر ومنزلة كبيرة عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. وروي أنه في يوم الخندق.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اللّهمّ إنّك أخذت منّي عبيدة بن الحارثى يوم بدر.. وحمزة بن عبدالمطّلب يوم أُحد.. وهذا عليَّ فلا تدعني فرداً وأنت خير الوارثين
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.