موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ماذا تعرف عن موليير

784

ماذا تعرف عن موليير

بقلم المهندس طارق بدراوي

جون بابتِيست بوكلَان الملقب بموليير مؤلف كوميدي مسرحي وشاعر فرنسي ويعد أحد أهم أساتذة الهزليات في تاريخ الفن المسرحي الأوروبي ومؤسس الكوميديا الراقية وكان له تأثير كبير في تطوير المسرح في قارة أوروبا والعالم حيث إقتبست مسرحيات له من أَوَاخِر القرن التاسع عشر الميلادى وعرضت في العديد من بلاد العالم وقد قام موليير بتمثيل حوالي 95 مسرحية منها 31 من تأليفه وتمتاز مسرحياته بالبراعة في تصوير الشخصيات وبالأخص في تكوين المواقف والقدرة على الإضحاك وكان من أشهر مسرحياته مدرسة الأزواج ومدرسة الزوجات وطرطوف وطبيب رغم أنفه والبخيل وعدو البشر والنساء المتحذلقات والمريض بالوهم وأمفيتيريون والتي إقتبسها من مسرحية الشاعر اللاتيني بلاوتس وقد تسببت مسرحيته طرطوف التي تناول فيها النفاق الديني في غضب الكنيسة عليه لدرجة أن القساوسة قد طالبوا بحرقه حيا لكن لويس الرابع عشر ملك فرنسا إستطاع حمايته ولم تكن نشأة موليير معروفة كثيرا وإختلطت حولها الحقيقة بالإفتراضات والمتناقضات فبعد وفاته ضاعت كل الأشياء المتعلقة به ولم يكن أمام المؤرخين غير الإعتماد على السجلات المدنية والكنسية لكي يجمعوا المعلومات عنه وتوضح هذه السجلات أن موليير قد ولد في قلب العاصمة الفرنسية باريس وبأنه قد تم تعميده في يوم 15 يناير عام 1622م بإسم جَان بَابتِيست بوكولَان وتوفيت أمه ماري كريسيه التي كانت متدينة ومن عائلة برجوازية ميسورة عندما كان عمره حوالي 10 سنوات فتولي رعايته والده الذي كان يعمل مورد سجاد ومفروشات للقصر الملكي وخادما للملك في القصر الملكي في نفس الوقت وتزوج والده من إمرأة ثانية وماتت بعد مدة قصيرة من الزواج وإنتقل موليير للسكن مع والده في شقة بافيليون دي سينج في شارع سان هونوريه وتلقى تعليما جيدا في إعدادية كليرمون التابعة لما يطلق عليهم الآباء اليسوعيين على يد عدد من نوابغ فرنسا كان منهم فيلسوف فرنسا الشهير فولتير ودرس هناك قدرا لا بأس به من المواد الكلاسيكية وكانت هذه مرحلة مهمة في تكوين شخصيته فقد تلقى فيها مبادئ العلوم الأساسية والفلسفة كما تعلم اللغة اللاتينية فقرأ عن طريقها الأعمال المسرحية التي تم نشرها في وقته وكان دكان والده قرب مكان تقدم فيه عروض مسرحية بسيطة أبطالها من ممثلي الشوارع مثل فندق دي بورجوني الذي كان مسرحا ملكيا تعرض فيه أعمال كوميدية ومسرحية وكان موليير أحد المشاهدين الذين يتابعون هذه المسرحيات برفقة جده لأمه وكان يندمج فيها وعند رجوعه للبيت يفكر فيما شاهده من عروض وقد درس موليير الحقوق في أورليان ودرس الفلسفة على يد الأستاذ جاسيندي الذي كان سببا في حبه للشاعر اللاتيني لوكريس فترجم له هو وصديقه هسنو أشعارَا ضاعت ترجمتها و لم يبق منها غير فقرات وضعها في مسرحية عدو البشر وبعد إنتهاء موليير من دراسة الحقوق عام 1641م مارس مهنة المحاماة لفترة قصيرة وخلال تلك المدة لم يعمل إلا على قضية واحدة وأراد والده أن يربي أبناءه على تقاليد عائلته وأن يجعل إبنه يخدم لصالح القصر الملكي ولكن موليير إتخذ طريقا آخر .

ولذا ففي عام 1643م قرر موليير أن يكرس نفسه للمسرح وتعرف على مادلين بيجار الممثلة الصغيرة الناشئة والتي إرتبط بها بعد ذلك فنيا حتى وفاتها في عام 1672م ويقال إن أباه الذي كان فظا بخيلا عارض فكرة ميول إبنه للمسرح وكان يحاول تهديده ومنعه من تخصصه في ذلك المجال وذلك لأنه كان في هذه الفترة ينظر إلى من يعمل به علي أنه يزاول عمل غير شريف وبالتالي لم تكن حياة المسرح حينذاك حياة محترمة مما دفعه حينها لتغيير إسمه الذى ولد به إلى موليير حتي لا تتعرض أسرته إلي الإحراج وفي العام المذكور إشترك مع ثلاثة من أسرة بيجار هم مادلين وجوزيف وأخته جنيفيف وسبعة آخرين وأستاذه القديم جورج بينيل الذي سمى نفسه لاكوتور في تكوين فرقة مسرحية إسمها المسرح الباهر أو إلوستر تياتر لإنتاج وتمثيل المسرحيات وكان عقد تكوين الفرقة مؤرخا بتاريخ 20 يونيو عام 1643م وشهد عليه أندريه مارشال محامي البرلمان والسيدة ماريا إيفرييه زوجة جوزيف بيجار وكان البند الرئيسي في هذا العقد ينص علي أن أعضاء الفرقة من حقهم التمتع بحريتهم وإن من حق أي فرد من أفراد الفرقة أن يتركها في أي وقت يشاء بشرط الإبلاغ عن نيته قبل تركها بأربعة أشهر كما كان في المقابل أن من الممكن الإستغناء عن خدمات أي شخص في الفرقة بشرط إبلاغه أيضا قبل أربعة أشهر وقامت الفرقة بإستئجار مسرح لكي تقدم فيه عروضها المسرحية ومع أن هذه الفرقة كان إسمها فرقة المسرح الباهر لكن بدايتها لم تكن باهرة وظلت تؤجر مسرحِ وراء مسرح وتصاب بفشل وراء فشل إلى أن تراكمت الديون على موليير الذي كان مدير الفرقة الفعلي رغم صغر سنه وسجن بسبب ذلك مرتين خلال عام 1645م وكان من عوامل فشل هذه الفرقة أن جمهور المسرح في باريس كان عدده ضئيلا في هذا الوقت في منتصف القرن السابع عشر الميلادى وعند بدء موليير بعرض مسرحياته كانت هناك فرق مسرحية لمسرحِيين مشهورين في باريس فكان صعبا عليه منافستهم بمجرد تكوينه لفرقة تمثيل جديدة ليست مشهورة وعلي الرغم من أن ممثليها كانوا متحمسين لكن كانت تنقصهم الخبرة ولم يكن هناك حل أمام الفرقة غير ترك باريس والذهاب إلى الأقاليم وذلك بداية من أواخر عام 1645م وإستمر ذلك لمدة حوالي ثلاثة عشر عاما تنقل خلالها موليير بفرقته في الريف الفرنسي وقدم العديد من العروض المسرحية وخلال هذه الفترة بدأ موليير يكتب مسرحيات لفرقته بنفسه فكتب أول مسرحية له بإسم الطبيب الطائر ثم أتبعها بمسرحية غيرة باربويلية ثم المغفل ومما يذكر أنه قد قابلت موليير العديد من المشاكل حيث كان عدد أعضاء الفرقة 25 ممثلا وكان من الواجب أن يكون مع الفرق المسرحية تصاريح عادة ما كانت السلطات ترفض إعطائها وكانت هي التي تحدد ثمن التذاكر بحيث لا تكون أسعارها باهظة على أهل الريف كما أنه كانت تحدث منافسات ما بين الفرق مما كان يتسبب في وقوع مشاجرات على ساحات العرض .

وفي عام 1645م قابل موليير الأمير كونتي زميله من أيام المدرسة فإقترح على موليير أن يشتغل عنده حارسا ولم يقبل موليير لحبه للمهنة التي يزاولها وقابل موليير أثناء تجواله فرقة أخرى كان قائدها شخص إسمه شارل دوفريسن كان أكبر منه في السن وفي الخبرة وإقترح عليه دمج الفرقتين مع بعض وبعد مشاورات مع مادلين بيجار وافق موليير فإندمجت الفرقتان وإستمر في رئاسة الفرقة من الناحية الفنية بينما كان دوفريسن هو الرئيس الإداري وكان دمج الفرقتين مفيدا لكلا الفرقتين حيث كانت فرقة دوفريسن تتمتع بحماية الدوق دي إبيرنون وكان ذلك الأمر في غاية الأهمية في ذلك الوقت نظرا لعدم وجود حماية قانونية للفرق المتجولة ومن جانب آخر أثرى موليير الفرقة الجديدة بإنتاجه المسرحي الغزير والمتميز ومثلت الفرقة الجديدة مسرحيات تراجيدية وكوميدية ومسرحيات للكاتب كورنيل وكانت المسرحيات الكوميدية عبارة عن تمثيليات قصيرة عادة فيها كلام فظ كان يعجب جمهور الأرياف الذي لم تنل إعجابه المسرحيات التراجيدية وإكتشف موليير أن التراجيديا لا تناسبه بعكس الكوميديا التي يتقبلها منه الجمهور وأنه خلق للكوميديا وليس للتراجيديا وتوضح سجلات المجالس البلدية والكنائس في فرنسا أن فرقة موليير قدمت عروضا عديدة في الكثير من المدن وقراها حيث قدمت عروضها في مدينة نانت عام 1648م وفي مدينة تولوز عام 1649م كما قدمت عروض في مدينة ليون بشكل متواصل ودون إنقطاع لمدة سنتين ونصف السنة من أواخر عام 1652م وحتي صيف عام 1655م ثم عادت مرة أخرى إليها لتقدم عروضها في عام 1657م وبالإضافة إلي ذلك قدمت الفرقة عدة عروض في مدينة مونبيلييه خلال عام 1655م وفي بيزييه عام 1656م وبلا شك فقد لعبت هذه الجولات دورا كبيرا في حياة موليير الفنية وأعطته خبرة كبيرة كمدير فني وفي كيفية التعامل مع المؤلفين والممثلين والجمهور والسلطات وأيضا في صقل موهبته في ملاحظة الناس في حياتهم اليومية بحيث تحولوا إلي شخصيات ونماذج بشرية في مسرحياته ويقال إنه عندما كان في مدينة بيزيه كان يذهب للجلوس عند حلاق إسمه جيلي كي يشاهد وجوه الزبائن و يسمع كلامهم وحكاياتهم والمواقف التي مروا بها ويستفيد منها في مسرحياته وكانت أهم مسرحيتين معروفتين قدمهما موليير في خلال فترة التجوال هما مسرحية المغفل وقدمها في مدينة ليون عام 1655م ومسرحية شجار حب وقدمها في مدينة بيزييه عام 1656م ومع مرور الوقت تحسن أداء فرقة موليير كما نمت وتطورت خبرته وقدراته الفنية تطورا كبيرا وإكتسب الممثلون الخبرة والثقة في النفس وفي عام 1658م والفرقة في مدينة روان حضر الكاتب بيير كورنيل مسرحية قدمتها الفرقة وعبر لهم عن إعجابه بالأداء وبالممثلة الجميلة مودموزيل دو بارك وكانت هذه الزيارة من جانب كورنيل التي لم تكن متوقعة فاتحة خير على موليير وعلي فرقته وتبع ذلك عودته مع الفرقة إلي العاصمة باريس كممثلين حقيقيين وليسوا مجرد هواة بعد حوالي 14 سنة من التجوال في الريف الفرنسي عارضين إنتاجه المسرحي الذى كان قد تطور ونضج إلي حد كبير .

وتعود قصة عودة موليير وفرقته إلي باريس حينما وصلته دعوة من فيليب دوق أورلين شقيق الملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا عندما كان في أورليندا تطلب منه تقديم عروض مسرحية في العاصمة باريس ومن هنا بدأت شهرته ففي يوم 24 أكتوبر عام 1658م قدم تراجيديا في قاعة الحرس أمام الملك وبعد إنتهاء المسرحية وجه موليير كلمة للملك وقال له شكرا على حضور عرض فرقتنا المتواضع وأرجو أن تسامحنا على الهفوات التي تحدث أحيانا وقت التمثيل وبعد ذلك طلب السماح له بتقديم عرض مسلي ولما قال هذا علت الأصوات في القاعة تنادي بتقديم مسرحية الطبيب العاشق فوافق الملك وتم عرض المسرحية التي كانت من تأليف موليير ومَثل فيها دور الطبيب وأبدع في دوره ونال إعجاب الملك وجميع الموجودين وقد مكن ذلك العرض الفرقة من الحصول على داعمٍ أساسي مهم لهم وهو شقيق الملك والملك نفسه وكان من الشخصيات الهامة التي إنضمت لفرقة موليير بعد رجوعها لباريس الممثل لاجرنج وكانت أهميته لا تكمن في التمثيل لكن تكمن في كتابته مذكرات يومية عن الفرقة وأعطي هذا فكرة كبيرة للمؤرخين عن حياة موليير الشخصية والأحداث التي مرت بها الفرقة من وقت رجوع موليير لباريس حيث كان المعروف عنه مرتبط فقط بنشاطاته كمؤلف و كممثل و كمدير مسرحي هذا رغم المحاولات التي قام بها عدد من المؤرخين الفرنسيين لكي يتعرفوا على حياته الشخصية عن طريق تحليل مسرحياته لكن إستنتاجاتهم كانت بالأحرى عن ما هو الشىء الذي من الممكن أن يكون موليير قد فعله في حياته وليس ما هو الشىء الذي فعله موليير في حياته حيث كانت لا توجد معلومات كافية عن حياة موليير غير قليل من قصص ليست كلها بحقيقية وكيف إستطاع أن يحافظ على فرقته وإستمراريتها بقدراته الشخصية الفذة وكان أول عرض مسرحي عام يقدمه موليير وفرقته في باريس كوميديا المتحذلقات السخيفات الذي تهكم فيه على طائفة من النساء الأرستقراطيات اللاتي كن يعملن في قاعات أدبية ومما يذكر أنه وقت رجوع فرقة موليير إلى باريس كان فيها ثلاثة فرق تعرض مسرحيات بصفة دائمة هي فرقة سكارموش الإيطالية ومسرح بولوت وفندق دي بورجوني والذى كانت الفرقة التي تقدم فيه عروضها المسرحية تلقب بالفرقة الملكية والتي كانت تأخد إعانات دورية من الدولة وبالتالي كانت هي الفرقة المنافسة الحقيقية لفرقة موليير وفي ذلك الوقت لم تكن هناك حقوق تأليف أو ملكية فكرية وكانت أي فرقة من الممكن أن تأخذ أي نص تريده وتمثله بدون موافقة صاحبه وإستمرت فرقة موليير في تقديم عروضها علي مسرح پيتي بوربون الملحق بمتحف اللوفر بالتبادل مع فرقة سكارموش الإيطالية حيث كانت العلاقات مابين الفرقتين طيبة وقد تركت الفرقة الإيطالية باريس لمدة قصيرة ورجعت إلى إيطاليا ولم يتبق في ذلك الوقت في مسرح الپيتي بوربون إلا فرقة موليير التي كانت تضم وقتها موليير ومادلين بيجار وإخوتها جوزيف بيجار ولويس بيجار والسيدة الجميلة دو پارك وزوجها جرو رينيه وشارل دوفريسن والسيدات دي بري وإيرميه كما كان هناك موظف يدعى كروازاك الذى كان يشتغل في إعادة كتابة الأدوار وتلقين الممثلين وقت العرض وكان يراجع المعونات ويراقب بيع التذاكر وفي الإحتفالات كان يقف على بوابة المسرح للترحيب بالجمهور . وفي يوم 11 أكتوبر عام 1660م تقرر هدم مسرح بيتي بوربون من غير إنذار مسبق لموليير وقام السيد دي راتابون الذي كان يشرف على المباني الملكية بهدم المسرح وعلل ذلك بأن قرار الهدم كان لا مفر منه لتوسيع قاعات متحف اللوفر وفي هذا الموقف الصعب تماسك موليير وإتصل بالأمير فيليب شقيق الملك كي يساعده فأصدر الملك لويس قرارا بنقل فرقة موليير لقاعة في باليه رويال وكتب لاجرنج في مذكراته أن كل الممثلين كانوا يحبون السيد موليير لأنه كان يعاملهم بطيبة وشرف ولم يكن يتأخر في تقديم مساعدات إليهم مهما كانت ولهذا قرروا أن يشاركوه في مصيره وبلغوه أنهم لن يتخلوا عنه مهما كانت الإغراءات ومهما كانت المرتبات التي ستعرض عليهم عالية وبدأت فرقة موليير تقدم عروضها علي القاعة المذكورة حيث قدمت مسرحية بإسم دون جارسيا لم تحقق نجاحا كبيرا وبعدها عرضت فرقة موليير عروض قديمة إلي أن تم التجهيز لعرض مسرحية مدرسة الأزواج التي عرضت لأول مرة في يوم 24 يونيو عام 1661م ونجحت نجاحا كبيرا وإمتلأ المسرح بالجمهور وكان موضوع هذه المسرحية بسيط وليس فيه تعقيدات وينصب كله على الطباع لكن كان فيه رسالة إنسانية كبيرة في ذلك الوقت كانت تعد جديدة على الناس وكان أبطال المسرحية أخوان الأول إسمه سجاناريل والثاني إسمه أريست ومع أنهما شقيقان لكن طباعهما الشخصية كانت متناقضة حيث كان سجاناريل شخص طبعه خشن ومغرور ولا يعجبه أي شيء على عكس أريست الذى كانت أخلاقه حسنة ويتعامل مع كل الناس بما فيهم الضعفاء والسيدات والأطفال بكل تقدير وإحترام مع التقيد بالشرف الإنساني والأخلاقي وكان يرفض ويكره القهر والإجبار ويفضل إستبدال أخلاق الخشونة والإكراه بأخلاق عقلانية خيرة ومثل موليير دور سجاناريل وظهرت في المسرحية لأول مرة ممثلة صغيرة كانوا ينادونها بإسم مينا وهذه كانت أرماندا بيجار التي تزوجها موليير فيما بعد وقد أدى نجاح مسرحية مدرسة الأزواج إلي محو الفشل الذي أصيبت به مسرحية دون جارسيا تماما وفي يوم 26 ديسمبر عام 1662م عرض موليير مسرحيته الكوميدية الخالصة مدرسة الزوجات لأول مرة وتدور أحداثها حول شاب من الطبقة المتوسطة يدعى أرنولف حاول دعم طفلة تسمي أنييس منذ أن كان عمرها 4 سنوات لتكون زوجته المستقبلية ولم يكن ذلك الدعم دعماً بالعلم والتربية بل روضها أرنولف لتكون ساذجةً طيبةً وجاهلة لتكون زوجة صالحة بحسب رأيه وبما أن أرنولف لم يتحدث إليها بشئ عن الحب رحبت في سرور ببراءة شديدة بتودد شخصٍ غريبٍ آخر والذي يجد طريقه إلى قلبها وقد تسببت هذه المسرحية في إثارة الكثير من الضجة والإحتجاج وتسببت أيضا في أزمة بسبب موضوعها الذي هز الجمهور وجعله يعتبرها دليل على أن موليير ليس عنده شئ مقدس كما أن المسرحية تهكمت على تقاليد إجتماعية كانت راسخة في المجتمع الفرنسي حينذاك رغم أن نقاد كبار إعتبروها من أحسن مسرحياته وكانت هذه المسرحية تنتمي للكوميديا الرفيعة وفيها دافع موليير عن النساء وعن حقهم في إختيار أزواجهن وكانت الأزمة التي سببتها هذه المسرحية قد عرفت بإسم نزاع مدرسة الزوجات وكانت هذه المسرحية مبنية على مسرحية كتبها المؤلف بول سكارون إقتبسها عام 1655م عن رواية أسبانية وحتي منتصف شهر مارس عام 1663م عرضت هذه المسرحية 30 مرة وبعد التوقف لمدة قصيرة عرضت مرة أخرى 32 مرة غير عروضها الخاصة في قصور النبلاء وكان نجاح هذه المسرحية سببا في أن جعل كتاب آخرين يحِسون بالغيرة من موليير وحتى الكاتب الكبير كورنيل الذى كان معجبا به في البداية بدأ في كتابة تراجيديات يستهزئ فيها منه وقد إدعى أعداء موليير بأن مسرحية مدرسة الزوجات غير أخلاقية وأنه قد سرقها من كاتبٍ آخر وحينذاك قرر موليير أن يرد على أعدائه عمليا فقام بتأليف مسرحية سميت حينها بإنتقاد مدرسة الزوجات التي تضمنت نقاشا على المسرح حول النقد والنقاد .

وفي شهر مايو عام 1664م دعا الملك لويس الرابع عشر موليير لتأدية المسرحية الشهيرة طرطوف أي المنافق أو مدعي التقوى والورع وهو ليس كذلك إلا ظاهريا فقط في قصر فرساي الشهير الذى يقع في الضاحية التي تحمل نفس الإسم غربي باريس وكان يعد مقر الإقامة الملكية للملك لويس الرابع عشر حينذاك وتعد هذه المسرحية من أشهر المسرحيات الكوميدية لموليير وفيها أدان إزدواجية بعض رجال الدين الذين يظهرون الورع والتقوى ويخفون عكس ذلك وبين في هذه المسرحية إنهم يستخدمون الورع الظاهري لإستدرار عطف الناس عليهم وإحترامهم لهم لنيل الزكوات والأموال وأفهمنا موليير من خلال تلك المسرحية أن بعض رجال الدين أكثر مكرا ودهاءا مما نظن وأن لهم وجهان فهم يخفون مآربهم الدنيوية بل وجشعهم تحت ستار كثيف من التقي الظاهري والتسبيحات والتهليلات والخشوع المنافق الذي ينطلي على عامة الشعب ولكن هذه المسرحية أحدثت فضيحة في الأوساط الدينية الفرنسية وقامت الدنيا ولم تقعد بسببها وقد إضطر الملك إلى تعليقها أو إيقاف تمثيلها لكي يخفف من غضب وسخط رجال الدين والرهبان والمطارنة والكهنة الذي كان قد بلغ أوجه وفي هذا العصر كان الملك نفسه يخاف من هؤلاء ثم من البابا نفسه كما أغضبت هذه المسرحية جمعية القربان المقدس وهي جمعية دينية كانت تتمتع بنفوذ كبير في ذلك الوقت وعلى الرغم من كفاح موليير الطويل ليحصل على حقه في تأديتها إلا أنها منعته من تأديتها لخمسة أعوامٍ متتالية حيث كانت فرنسا آنذاك لا تزال أصولية من أقصاها إلى أقصاها ولكن موليير تحايل على ذلك وقدم حفلات تمثيل خاصة وعموما فمع حلول عام 1669م كانت قد تضاءلت قوة جمعية القربان المقدس شيئا فشيئا ومن ثم عادت مسرحية طرطوف المنافق إلى الحياة لتلاقي نجاحا باهرا حينما تم عرضها في قصر رويال وهي تعتبر بالإضافة إلي مسرحية دون جوان التي تم عرضها في شهر فبراير عام 1665م من أعظم المسرحيات الكوميدية التي كتبها موليير وقد لاقت هي الأخرى أيضا نجاحا منقطع النظير ومن ثم أصبح إسم موليير على كل شفة وعلي كل لسان وبلغت شهرته أوجها إلى درجة أن الملك دعا فرقته المسرحية بإسم فرقة الملك شخصيا وهكذا أصبح موليير أهم فنان في عصره ونال المجد من جميع أطرافه وطبقت شهرته الآفاق لكن لم تنشر تلك المسرحية إلا بعد وفاته وبقيت غير معروفة حتى القرن العشرين الماضي ومع أن موليير قد حظي بالدعم الوافر من الملك لويس الرابع عشر لكن ذلك لم يجعله يعيش في سعادةٍ تامة فقد بدأ يعانى من المرض والمشاكل الزوجية وكذلك الإكتئاب لكنّ ذلك لم يفت في عضده وأثرى الحس الإبداعي المتميز لديه ولم تتوقف قريحته عن تأليف المسرحيات المثيرة .

و في شهر يونيو من عام 1666م قام موليير بعرض مسرحية عدو البشر ولكنها لم تلاق النجاح أو الإقبال الكافي ولا الشعبية الواسعة على الرغم من أنها أعجبت محبيه ثم ألّف بعد ذلك مسرحية شهيرة تحت عنوان كاره المجتمع أو مبغض البشر وفيها يعبر عن ألمه ومرارته بسبب إنفصاله عن زوجته أرماندا ثم كتب مسرحية أخرى تحت عنوان طبيب رغما عنه والتي عرفت باسم طبيب رغم أنفه وبعدئذٍ حاول أن يمثل مسرحية طرطوف المنافق تحت إسم آخر ولكن رجال الدين أحسوا بالأمر فمنعوها فورا من جديد وفي عام 1668م كتب مسرحيته الشهيرة البخيل والتي إشتهرت في شتي أنحاء العالم وكان كل من يريد أن يضحك على البخل والبخلاء ويموت من الضحك فما عليه إلا أن يذهب إلى المسرح الفرنسي ويشاهد هذه المسرحية الرائعة وبداية من العام المذكور 1668م بدأ موليير يعاني من مشاكل مالية كبيرة لكنه إستعاد شهرته وثقة جمهوره به عبر المسرحية الكوميدية الرائعة البرجوازي النبيل التي عرضها في عام 1670م وفي هذه المرحلة من حياة موليير كان هو المدير الفني للفرقة وهو الذي يكتب المسرحيات وهو الذي يقوم بدور البطولة وفي نفس الوقت كان يعيش مجموعة من المشاكل في بيته مع زوجته التي كان شبه منفصل عنها ومع السلطات ومع الكنيسة ورجال الدين كل هذا أنهكه وأتعبه وكان أول الناصحين له بأن يستريح وأن يترك التمثيل وأن يزاول الكتابة فقط هو صديقه الناقد بوالو ورغم ذلك رفض موليير وأصر على الإستمرار في الكتابة وفي التمثيل معا وأن يجتهد في عمله حتى أنهكه التعب وأصبح ضعيفا وأصيب بداء السل القاتل وأصبح يسعل بطريقة متقطعة وحاول أن يحول مرضه إلى وسيلة ترفيه وإضحاك حيث كان كثيرا ما يبالغ بالسعال عندما لا يستطيع إخفاءه وهو على المسرح كطريقةٍ لإضحاك الجمهور وكانت حالته الصحية تسوء يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة لكنه لم يؤمن كثيرا بالطب وفي عام 1671م كتب مسرحية خيانات إسكابان والتي تشبه كثيرا أعماله السابقة ولاقت نجاحا كبيرا ثم كانت آخر مسرحياته مسرحية المريض الوهمي أي الذي يتوهم أنه مريض وهو لا يشكو من أي شئ في الواقع والتي عرضها لأول مرة في يوم 10 يناير عام 1673م قبل وفاته بحوالي 5 أسابيع ونصف .

وعن الحياة الشخصية لموليير فقد تزوج في يوم 23 يناير عام 1662م وكان قد بلغ من العمر 40 عاما في بيت ماريا إيرفيه من أرماندا بيجار والتي كانت أصغر منه بحوالي عشرين عاما والتي قيل في الوثائق إنها كانت إبنة زميلته في الفرقة مادلين بيچار والتي كان يعرفها منذ طفولتها حيث كانوا ينادونها بإسم مينا وكان هو أيضا يدللها ويعلمها الكلام والكتابة وكانت مينا حينذاك تسميه زوجي وكان من يسمع ذلك بما فيهم موليير نفسه يضحكون من قولها ورزق منها بإبن لكنه مات قبل عيد ميلاده الأول ثم رزق منها بإبن ثان ولكنه توفي أيضا بعد أيام قليلة من تعميده ثم رزق منها بإبنة ولما تزوجت لم تنجب أطفالا لذا فلم يكن لدى موليير أي نسل مباشر وقد توفى موليير بسبب مرض السل الرئوي بعدما عرض للمرة الرابعة مسرحيته الأخيرة المريض الوهمي في يوم 17 فبراير عام 1673م عن عمر يناهز 51 عاما وفي هذا اليوم أصيب بوعكة صحية شديدة وإنتابته نوبات متلاحقة من السعال فتم نقله إلى منزله وترك على السرير وإتضح أنه قد فقد النطق وبدأ ينزف دما من فمه بعدما إنفجر شريان في رئته وتم إستدعاء طبيب وقسيس له لكنه لم يرد علي أحد وأشار إلي الموجودين بأن يحضروا زوجته وأن يعطوه قليلا من الجبن ليأكلها فأخدوا الشمع وذهبوا للبحث عن الجبن ولما رجعوا عثروا عليه ميتا ورفضت كنيسة سانت أُوستاش التي إتهمته بالكفر دفنه مثل المسيحيين فإضطرت زوجته أن تستنجد بالملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا لكي يتدخل عند كبير الأساقفة ونجحت مساعي الملك لكن الكنيسة إشترطت أن يدفن ليلا وبدون طقوس ولا صلاة على الجثمان وتم دفنه بعد أربعة أيام من وفاته في مدافن سانت جوزيف المخصصة لدفن المنتحرين والأطفال الذين ماتوا قبل تعميدهم وفي عام 1817م وبعد وفاته بحوالي 144 عاما نقلت رفاته إلي مدافن بير لاشيس ولا يفوتنا أن نذكر أن موليير كانت لديه روح مساعدة الناس والكرم والسخاء عليهم وكفنان يستحق مكانا بارزا بين عظماء الفن ليس على مستوى فرنسا أو قارة أوروبا فقط لكن على المستوى العالمي وكان حريصا على أن يلم شمل الممثلين في فرقة واحدة يسود بين أعضائها الود والألفة والتفاهم مع الإنضباط والتفاهم والتعاون في العمل وكان في الوقت الذى عاش فيه أدباء وكتاب وشعراء مسرحيون منهم جان راسين وكورنيل ولافونتين وسيرانو وغيرهم ولكن لم يستطيعوا أن يعرفوا وأن يقدروا المسرح كما قدره هو وعلاوة علي ذلك فقد كان هو من أسس ورسخ قواعد فن الكوميديا الشعبية المهتمة بالترويح على الناس وإضافة جو الحب والبهجة والسرور فيما بينهم كما أنه أسس فن الكوميديا الرفيعة وفتح لها صفحة في التاريخ على المستوى العالمي .

التعليقات مغلقة.