في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة الثانية والتسعون.. المقداد بن الأسود.. فارس الإسلام الأول
أولا.. مقدمة..
- هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة.. هو من قضاعة وقيل من كندة.. يكنى أبو معبد أو أبو عمرو.. وقد نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري.. لإنه تبناه في الجاهلية.. يروي إبن الكلبي: كان عمرو بن ثعلبة قد أصاب دمًا في قومه.. فلحق بحضرموت.. فحالف كندة.. فكان يقال له: الكندي.. وتزوج هناك امرأة فولدت له المقداد..
- فلما كبر المقداد وقع خلاف بينه وبين أبي شمر بن حجر الكندي.. فضرب رجله بالسيف وهرب إلى مكة.. فحالف الأسْود بن عبد يغوث الزهري.. وكتب إلى أبيه.. فقدم عليه.. فتبنى الأسود المقداد.. فصار يقال: المقداد بن الأسود.. وغلبت عليه واشتهر بذلك..
فلما نزلت: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ….} [الأحزاب: 5].. قيل له: المقداد بن عمرو.. واشتهرت شهرته بابن الأسود.. - وقيل: كنيته أبو عمر.. وقيل: أبو سعيد.. وتزوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وهي ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم..
- إسلام المقداد بن الأسود كان من المبادرين الأُول لاعتناق الإسلام.. أسلم قديمًا.. وذكر ابن مسعود أن أول من أظهر إسلامه سبعة.. وعدّ المقداد واحدًا منهم.. إلا أنه كان يكتم إسلامه عن سيده الأسود بن عبد يغوث خوفًا منه على دمه شأنه في ذلك شأن بقية المستضعفين من المسلمين الذين كانوا تحت قبضة قريش عامة..
ثانيا.. في هجرة المقداد.. فهو كما علمنا قديم الإِسلام من السابقين.. وهاجر إِلى أَرض الحبشة.. ثم عاد إِلى مكة.. فلم يقدِرْ على الهجرة إِلى المدينة لما هاجر إِليها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. فبقي إِلى أَن بعثَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث في سَرِيَّةٍ.. فلقوا جمعًا من المشركين عليهم عكرمةُ بن أَبي جهل.. وكان المقداد وعُتبة بن غَزْوان قد خرجا مع المشركين ليتوصلا إِلى المسلمين.. فتواقفت الطائفتان.. ولم يكن قتال.. فانحاز المقداد وعتبة إِلى المسلمين..
ثانيا.. في صفاته.. كان فارسًا شجاعًا.. “يقوم مقام ألف رجل” -على حد تعبير عمرو بن العاص- وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهو أول فارس في الإسلام.. وكان من الفضلاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.. سريع الإجابة إذا دعي إلى الجهاد حتى حينما تقدمت به سنه.. وكان يقول في ذلك: أبت علينا سورة البحوث {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً… الآية} [التوبة: 41].. وكان إلى جانب ذلك رفيع الخلق.. عالي الهمة.. طويل الأناة..
- وهاجر المقداد إلى الحبشة ثم إلى.. المدينة.. وحضر بدرًا.. وشهد المعارك كلها.. وكان أول من قاتل على فرس في سبيل الله.. وقيل إنه الوحيد الذي قاتل على فرس يوم بدر.. أما بقية المجاهدين فكانوا مشاة أو راكبين إبلاً.. و لذا عُرف المقداد بالشجاعة والفروسية والحكمة.. وكانت أمنيته أن يموت شهيدًا في سبيل الله.. ويبقى الإسلام عزيزًا قويًّا.. فقد قال -رضي الله عنه-: “لأموتن والإسلام عزيز”..
- وروى أنه لما وقف النبي صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه قبيل غزوة بدر الكبرى.. كان لا يصطنعها.. بل كان الصحابه يعلمون أنه حين يطلب المشورة والرأي فانه يفعل ذلك حقا.. وأنه يطلب من كل واحد حقيقة اقتناعه وحقيقة رأيه.. فان قال قائلهم رأيا يغاير رأي الجماعة كلها ويخالفها فلا حرج عليه..
- وخاف المقداد أن يكون بين المسلمين من له تحفظات بشأن المعركة.. حتى أنه يقال أنه همّ بالسبق ليصوغ بكلماته القاطعة شعار المعركة.. ولكن كان أبو بكر الصديق قد شرع يتكلم فاطمأن المقداد كثيرا.. فقال أبو بكر فأحسن.. ثم تلاه عمر بن الخطاب فقال وأحسن.. ثم تقدم هذا الصحابي الجليل فقال مخاطبًا الرسول صلى الله عليه وسلم..” يا رسول الله.. امض لما أراك الله.. فنحن معك.. والله.. لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى -عليه السلام- اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.. بل نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا.. إنا معكما مقاتلون.. فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (موضع في اليمن) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه”.. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا.. ودعا له..
- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب المقداد حبًّا كبيرًا.. ويقرِّبه منه.. وجعله ضمن العشرة الذين كانوا معه في بيت واحد.. عندما قسَّم المسلمين بعد الهجرة إلى المدينة إلى عشرات.. وجعل كل عشرة في بيت.. وقال صلى الله عليه وسلم..” إن الله أمرني بحب أربعة.. وأخبرني أنه يحبهم” فقيل: يا رسول الله.. سمهم لنا؟ قال: “عليٌّ منهم.. يقول ذلك ثلاثًا.. وأبوذرِّ.. والمقداد.. وسلمان.. أمرني بحبهم.. وأخبرني أنه يحبهم”..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.