وقفه فى حياة نبى الله يوسف
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
يوسف بالعبرية ومعناه الحزين، ويوسف هو الابن الحادي عشر ليعقوب والابن الأول لزوجة نبى الله يعقوب راحيل، وتعد قصة يوسف في القرآن الكريم نموذجاً من قصص المرسلين ، فيها عبرة لمن يعقل، وفيها تصديق ما جاءت به الكتب المنزلة من قبل ، وقد وردت القصة في القرآن الكريم في سورة كاملة، وذُكر اسم يوسف عليه السلام في القرآن الكريم ستاً وعشرين مرة، منها أربعاً وعشرين في سورة يوسف.
وكان نزول هذه السورة على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قبل هجرته من مكة إلى المدينة ، وقال النسفي: “إن كفار مكة لقي بعضهم اليهود، وتباحثوا في ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم اليهود: سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر؟ وقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ” إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله ” رواه البخاري.
عاش الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم وهو نبي الله يوسف ابن نبي الله يعقوب ابن نبي الله إسحاق ابن خليل الله إبراهيم وقد كان لسيدنا يعقوب اثنا عشر ابناً من بينهم سيدنا يوسف عليه السلام، ويوسف عليه السلام قد أعطاه الله شطر الحسن فقد كان حسن الخلق وجميل الوجه وجميل الأخلاق وإختص الله سبحانه وتعالي يوسف بالرسالة والنبوة دون إخوته ، وكان يحبه أبوه حباً جما .
وفي يوم من الأيام إستيقظ سيدنا يوسف من نومه علي رؤيا أهالته وأدهشته فذهب إلي أبيه يقص له ما رأي ( إذا قال يوسف لأبيه يا أبتي إني رأيت أحدي عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) أدهشت رؤيا يوسف يعقوب عليه السلام فقد عرف أن ليوسف شأن عظيم عند الله تعالي جيث أدرك أن الأحدي عشر كوكباً هم إخواته والشمس والقمر هم والده ووالدته فخاف أن يكيدوا إخوته له ويحسدوه فقال له يا بني لا تقصص رؤياك علي إخوتك فيكيدوا لك كيدا .
واستمع سيدنا يوسف لكلام أبيه الذي استمر بقوله فإنك إذا كتمت هذه الرؤيا يختارك الله تعالي من بين خلقه ويعلمك تأويل الأحاديث و تفسير الأحلام ، وكان إخوه يوسف يغارون منه ومن شقيقه بنيامين فقد قام الإخوة جميعهم بالتآمر فيما بينهم لقتل يوسف و إلقائه في أرض بعيدة، و لتنفيذ هذه المؤامرة ، طلبوا من أبيهم اخذ يوسف في رحلة معهم ، ولكن أحس يعقوب بشيء من الخوف و المؤامرة على يوسف .
فقال لهم بأنه يصعب مفارقته ويخاف أن يأكله الذئب وأنتم في غفلة من أمره ، إلا أنهم حاولوا إقناعه بجواب مقنع جاء في الآية (لئن اكله الذئب و نحن عصبة إنا إذا لخاسرون ) ، وافق سيدنا يعقوب علي مطلبهم وبعث معهم يوسف و بعد ذلك أخذوه و ذهبوا به و أجمعوا على إلقائه في البئر
وقاموا بخلع قميصه وعمدوا إلي سخله ذبحوها وأخذوا من دمها و وضعوه علي قميصه وألقوه في البئر ، وذهبوا في المساء إلي أبيهم وهم يبكون ليحكوا له قصة الذئب المؤلفة ، وأخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة، وأكل يوسف ، وقتها أدرك يعقوب عليه السلام من كذبتهم ، وأن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما، وأنه سيصبر ويتوكل علي الله بقوله (بل سولت لكم أنفسكم امراً فصبرجميل والله المستعان ) .
ويوسف وقد أصبح في أسفل البئر، وبينما هو على هذه الحالة، إذ بقافلة من قوافل التجار تمر من هنا، ثم تنزل قرب البئر قاصدة الاستراحة والتزود بالماء والطعام، وما إن يلقي بعض رجال القافلة حبل السقاية في البئر طلباً للماء، حتى يتبين لهم أن ثمة غلاماً في البئر، فيفرح بذلك فرحاً شديداً، ويخبر رفاقه بهذا البضاعة التي كسبها من غير تقدير ولا تدبير.
ثم إن تجار القافلة يستقر رأيهم على بيع ما وجدوه، ومن ثم يعرضونه للبيع لبعض المارة، فيشتريه بثمن زهيد ، ويبدو أن الذي اشتراه كان صاحب جاه ومنصب ومكانة، وكان قبل ذلك صاحب توفيق ، إذ أن شراءه لهذا الغلام سوف يجلب له الخير في قابل الأيام.
وسيدنا يوسف فأستبشروا به وأخذوه مع بضائعهم إلي مصر واشتراه بعد ذلك عزيز مصر وقال لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ، وأحضر له المعلمين وقال لعل علمه هذا ينفعنا يوماً وهكذا سخر الله العزيز وزوجته للأعتناء بيوسف وعلمه الله من تأويل الأحاديث والرؤيا وعندما بلغ من العمر الأربعين ، أتاه الله النبوة والعلم والحكمه .
ولكنها لا تنتهي الإبتلاءات ليوسف عليه السلام كان يوسف أجمل رجال الأرض فقد أعطاه الله شطر الجمال ولذلك فُتنت به زوجة عزيز مصر ولبست أحسن ثيابها ودعته إليها كما ذكر في الآية الكريمة (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) سورة يوسف .
وهنا نجد أنه ، راودته عن نفسها وأغلقت الأبواب ولكن يوسف تمنع عنها وأخبرها أن العزيز هو من أحسن إليه وله الفضل عليه وأتجه يوسف نحو الباب فلحقته ومزقت قميصه من الخلف فإذا بزوجها فبدأت تبكي وتتهم يوسف عليه السلام أنه هو الذي يريد بها السوء فقال يوسف للعزيز إنها هي من راودته عن نفسها .
وشهد شاهد من أهلها وتكلم طفل بالمهد من أحد أقاربها إن كان قيمصه مُزق من الأمام فيكون هو كاذب وهي صادقة وإن كان مُزق من الخلف فصدق وهي الكاذية فوجد العزيز القميص ممزق من الخلف وطلب منها أن تستغفر ربها وطلب من يوسف أن يتكتم الأمر .
ولكن الأمر لم ينتهي وما زالت امرأة العزيز تحبه وأنتشر الخبر وعَلم به جميع نسوة المدينة وعلمت بذلك زوجة العزيز فقررت أن تعد مائدة كبيرة في القصر وتدعوا النسوة وأمرت يوسف أن يخرج عليهم فلما رأوه اندهشوا وجرحن أيديهن بالسكاكين وقالوا حاش لله وهي كلمة تعبر عن دهشتهم بصنع الله بجمال يوسف ، وقالوا انه ليس ببشر إن هذا إلا ملك كريم .
وحرضت نسوة المدينة يوسف ليستجيب لرغبة سيدته فأبي ، فهددوه بالسجن ولكن يوسف دعا الله بأنه يفضل السجن وأن لا يعصي الله فأستجاب الله له وأمر العزيز بوضعه في السجن لكي يظهر للناس أنه هو من راودها عن نفسها وينتهي كلام الناس في أمر زوجته .
ومن أجل أن يعرف العزيز حقيقة ما جرى، طلب من بعض أعوانه، أن يتبين من أي جهة تمزق قميص يوسف، وبعد التحري والتحقق تبين أن قميص يوسف قد تمزق من الخلف، ما يعني أنه كان بصدد الفرار من الفتنة، إلا أن الفتنة لاحقته، وأمسكت بقميصه ما أدى إلى تمزيقه، فكان هذا دليلاً كافياً على براءة يوسف من هذه الفتنة التي كيدت له.
ثم إن امرأة العزيز تصبح هي وفعلتها حديث الطبقة العليا من نساء مجتمعها. وتسمع المرأة بما يدور على ألسنة النساء من هنا وهناك…إنه حديث يدور هامساً خافتاً…وإذن، فلتتدبر الأمر قبل أن يستفحل، ولتعمل بكل ما تملك من حول وطول لإطفاء نيران هذه الفتنة التي أخذ شررها يتطاير في كل مكان، وهي زوجة سيد مصر .
وكان من تدبيرها وحيلتها، أن دعت النساء إلى حفلة ذات طعام وشراب، وقدمت لهن ما لذَّ وطاب، وكان من جملة ما قدمت لهن فاكهة تسر الناظرين، وقدمت مع كل طبق فاكهة سكيناً لقطعها على عادة كبراء القوم، وفي أثناء انشغال النسوة بتقطيع ما بين أيديهن من فاكهة، طلبت المرأة من يوسف الدخول على تلك النسوة .
فما أن رأين يوسف حتى بهرن بجماله، ولم يشعرن إلا وهن يقطعن أصابعهن بالسكاكين وإذا بامرأة العزيز تبوح بمكنون صدرها ولواعج قلبها، وتهدد يوسف وتتوعده، بأنه إذا لم يفعل الفاحشة معها، فإن مصيره إلى السجن؛ ليذوق وبال صده، وينال عاقبة امتناعه، وليكون ذليلاً صاغراً.
ولا يجد يوسف أمام هذا السلطان القاهر المتحدي إلا أن يفزع إلى ربه، متضرعاً إليه؛ أن يصرف عنه السوء الذي أحاط به، ويبعد عنه شبح الفتنة التي تحاصره من كل جانب. وقد استجاب الله دعاء يوسف، فصرف عنه كيد تلك المرأة ومن ناصرها من بنات قومها. ثم آل به إلى الأمر أن يدخل السجن، وليكون له فيه أيضاً قصة أخرى.
ودخل يوسف السجن على ما فيه ، مُؤْثِراً إياه على فعل ما لا يرضي الله سبحانه، وكان السجن هو الحصن الذي احتمى فيه يوسف من الفتنة ودواعيها، ثم كان فيه ما كان ، وكان هذا السجن ، وكل محنة تحمل في طياتها منحة ، وهو الطريق الذي سلك بـيوسف إلى المُلك، الذي أراد الله سبحانه أن يضعه بين يديه، وأن يجعله خاتمة لهذه الرحلة الشاقة على أشواك الابتلاء.
وأثناء دخول يوسف السجن دخل معه رجلان وهم ساقي الملك وخبازه شاهدوا في يوسف حكمته وعبادته وتوكله علي الله فجاؤا يسألوه تفسير أحلامهم،فقد رأي أحدهم أنه يعصر الخمر من ثلاثة عناقيد عنب ويسقي منها الملك والأخر رأي أنه يحمل ثلاثة سلالٍ من الخبز علي رأسه و تقف الطيور وتأكل من علي رأسه.
ويقيم يوسف في السجن مع رفاق سجنه، وسرعان ما يكسب حب رفقائه له، وينال ثقتهم؛ بما تجلى لهم من سمو أخلاقه، وعلو نفسه، وسداد رأيه، ونفاذ بصيرته. ثم ها هو ذا يصبح المرجع في تفسير الأحلام التي يراها أهل السجن ، وما أكثر ما يرى السجناء من أحلام ، وذات يوم يسأله شابان من رفاق السجن عن رؤيا رأياها.
وكان أحدهما قد رأى في المنام أنه يعصر عنباً، ليصنع منه خمراً، وأما الآخر فكان قد رأى أنه يحمل خبزاً فوق رأسه، والطير تأكل منه ، فوجد يوسف من حسن ظنهما فيه مُنْطَلَقاً إلى أمر هو أعظم وأنفع لهما من تأويل رؤياهما، وهو دعوتهما إلى الله الواحد القهار ، فبدأ يبين لهما وحدانية الله، وأنه سبحانه هو الإله الذي يستحق العبادة دون سواه من الآلهة، التي لا تملك من أمرها شيئاً.
وأستغل يوسف عليه السلام هذه الفرصة ليحدث الناس عن رحمة الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته، وإن الله هو من علمه علم التأويل وأنه يؤمن وموحد لله تعالي وقام بتأويل رؤياهم ، وقال بأن الخباز سيصلب وتأكل الطير من رأسه وأن الساقي سيخرج من السجن ويعود ليسقي الملك وهذا الأمر سيحدث قريباً وطلب يوسف منه أن يذكره عند الملك ويخبره ما حل به من ظلم .
وبالفعل خرج الساقي من السجن ولكن الشيطان أنساه أن يذكر يوسف لبضع سنوات بقي يها يوسف بالسجن ولكن الله أراد إخراج يوسف وذات يوم رأي الملك رؤيا أنه يقف علي حافة النهر فرأي (سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ) سورة يوسف .
فقص الملك رؤياه علي الحكماء والعلماء فأخبروه أن هذه الرؤيا لاتفسير لها وقتها تذكر الساقي الذي خرج من السجن يوسف وقدرته علي تفسير رؤيته فذكره عند الملك وطلب منه الذهاب إليه ليخبره تفسير الرؤيا فأخبرهم بأن ستأتيهم سبع سنوات يخضر بها الزرع وتعم الأرض بالغلات وبعدها سبع سنوات بها قحط وعن العام الذي سيأتي به الخير ويعودون إلي عصر ما كانوا يصنعون به الزيتون والعنب وأخبرهم ماذا يفعلوا ليتجاوزوا سنين القحط.
وعندما علم الملك بعلم يوسف أراد مقابلته وبعث له رسول لأحضاره ولكن يوسف رفض وقال لرسول الملك أن يذهب إلي الملك يطلب منه أن يسأل العزيز عن التهم التي وُضع بها يوسف بالسجن لتظهر براءته أمام الناس ، وتحقق الملك من الأمر وسأل امرأة العزيز وأخبرته أنه تمنع عنها وأعترفت بذنبها وظهرت براءة يوسف عليه السلام قبل خروجه من السجن .
فأصدر الملك أوامره بالإفراج عنه وإحضاره إلي القصر ومكن الله ليوسف في الأرض، صار مسؤلاً عن خزائن مصر واقتصادها، وأصبح كبيراً للوزراء، ومر الوقت وجاءت سنوات الرخاء مسرعة وتصرف يوسف بعلمه وجاءت سنوات المجاعة والخراب تجاوزها يوسف بحكمته وأثناء سنين القحط أنتشر الخراب في جميع البلاد وجاء أخوة يوسف يطلبون الطعام منه فعرفهم يوسف علي الفور ولكنهم لم يعرفوه لأنهم لم يخطر ببالهم أن يصل لتلك المكانة .
أعطي أخوته الطعام وسألهم عن أنفسهم فأخبروه أنهم أثني عشر رجلاً ذهب منهم واحداً والأخر بقي مع أبيهم فطلب منهم أن يأتو بأخيهم في العام المقبل وهددهم بأنهم إن لم يأتو به فلا كيل لهم وطلب من فتيانه أن يعيدوا لهم البضاعة بالخفية خوفاً من أن لا يكون لديهم ما يعودون به في العام المقبل ليشتروا به القمح .
وعندما عادوا اخبروا يعقوب عليه السلام أنه إن لم يبعث معهم أخيهم بنيامين فإنه سيمنع الكيل عنهم و وافق يعقوب عليه السلام لحاجة أهله إلى الطعام في سنين والقحط ، وأخذ منهم العهود بالمحافظة عليه ، وطلب منهم ان يدخلوا من أبواب متفرقة وكان السبب في هذا أن لا يصابوا بالحسد ، وعندما دخلوا إلى يوسف عليه السلام ومعهم أخوهم بنيامين رحب بهم كثيراً وأكرمهم وبعد ذلك أخبر بنيامين أنه أخوه وطلب منه أن يتكتم ذلك .
وأراد يوسف أن يأخذ أخاه منهم، فوضع صواع الملك في رحل أخيه بنيامين واتهمهم بالسرقة واستخرجوا الصواع من حمل بنيامين، وطلبوا منه أن يأخذ أحدهم بدلاً منه لأنهم أعطوا عهداً لأبيهم، ولكنه أبى أن يأخذ أحداً غير الذي سرق وأن ياخذ البريء عوضاً عنه ، وقال سنطبق عليكم قانونكم .
وعندما فشلوا بأرجاع بنيامين قال أحدهم أنه لم يستطيع مواجهة أبيه وبعد ما فعلوه بيوسف عليه السلام، وأنه لن يعود حتى يأذن له أبوه بالعودة أو أن يستيطع إرجاع بنيامين من الملك فلم يعود، وعندما عادوا إلى أبيهم وأخبروه بما حصل كذبهم وخاصةً بعدما فعلوه بيوسف، وليس من صفات بنيامين السرقة ، وتذكر حزنه القديم على يوسف وأستمر بالبكاء حتي أبيضت عيناه وفقد بصره .
ورجع إخوة يوسف إليه بعد أن تدهور حالهم الاقتصادي ، وإن فقرهم وحزن أبيهم ومحاصرة المتاعب لهم، أصابهم وأهلهم الضعف والقحط وأنهم لم يأتوا إلا بدراهم معدودة، وعندما دخلوا على يوسف عليه السلام ، رجوه أن يتصدق عليهم وأنتهي الأمر بهم إلى التسول.
ويطوي يوسف سريعاً صفحة الماضي الأسود، ويغطي على كل آثارها بالصفح الجميل، وطلب المغفرة على ما كان منهم ، ثم يطلب يوسف من إخوته أن يحملوا قميصه، ويلقوه على وجه أبيهم ، كي يرتد إليه بصره ، وينطلق الركب فرحين بما يحملونه من أخبار سارة يبثونها إلى أبيهم ، وما أن يشارفوا على الوصول حتى يخبر يعقوب أنه يجد ريح يوسف ، ويدخل الأبناء على أبيهم، ويلقوا القميص على وجهه، فيعود إليه بصره بإذن الله ، ثم يخبروه بما جرى بينهم وبين أخيهم يوسف، ويطلبون منهم المسير معهم إليه ليلتئم شمل الأسرة.
وعندما رق قلب يوسف وأخبرهم عن نفسه وعلم منهم ما حدث لأباه وإنه قد ابيضت عيناه من الحزن عليه خلع يوسف قميصه وأعطاه إليهم وطلب منهم أن يضعوه علي عين أبيهم ليعود إليه بصره وأخبرهم أن يرجعوا بأهلهم جميعاً ، وبعد خروجهم من مصر قال يعقوب إني أشم ريح يوسف، وصل البشير وألقى قميض يوسف على وجه يعقوب عليه السلام فأرتد له بصره.
وأتي يعقوب إلي يوسف وخرج لأستقباله الملك والحرس بموكب تعظيماً ليوسف ، ويصل يعقوب وأبناؤه إلى مصر، ويدخلون على يوسف، وما أن يرى يوسف أباه بعد هذا الفراق الطويل حتى يقبِّله، ويرفعه على المكان المخصص لجلوسه احتفاء به، ثم يتوجه مناجياً ربه، بالشكر والحمد له على ما أنعم عليه من نِعَم، وما أفاض عليه من عطاء .
طالباً منه أن يتوفاه على دين الإسلام، وأن يلحقه بعباد الله الصالحين ،وعندما وصلوا أخذ أبيه وأمه وأجلسهما معه علي سريره وخروا له ساجدين ، وقد كان هذا تأويل الرؤيا في بداية قصته عليه السلام حين رأى الأحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين .
التعليقات مغلقة.