موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

صفاء وطهارة القلوب… محمــــد الدكــــرورى

191

صفاء وطهارة القلوب … بقلم / محمــــد الدكــــرورى

إن القلب محل نظر اللله عز وجل ، كما جاء في الحديث عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ” إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم “رواه مسلم ، لذا فإن دين الإسلام حرص حرصاً شديدا على أن نكون الأمة أمة واحدة في قالبها وقلبها تسودها عواطف الحب والود والتعاون على البر والتقوى، والتناصح البناء الذي يثمر ، وإصلاح الأخطاء مع صفاء القلوب وتآلفها دون فرقة وغل وحسد.

إذا كان الواحد منا يتعاهد نفسَه في الطهارةِ من الحدث في اليومِ الواحدِ مرات ويقفُ أحياناً مع نفسه يستذكر، ويسترجع هل هو طاهر من الحدثِ أم لا، وإذا أصاب ثوب أحدنا بلل نظر هل هذه البلل طاهر أم لا فإن كان نجسا سارع في تطهيره لأن الله عز وجل تعبدنا بالطهارة من الخبث ، وطهارة القلب أهم من طهارة الحدث والخبث فهل اعتنينا بها ؟

فهل التفتنا إلى قلوبنِا ، ونظرنا في طهارتها؟ وأصلحنا ما بينَنا وبينَ ربنِا عز وجل وما بينَنا وبين عبادِه ، وهل نظرنا في قلوبنِا هل هي طاهرة أم لا؟ وهل هي سليمة من إرادة تعارض الإخلاصَ ، وهوٍى يعارض الإتباع ، فهذه حقيقةُ طهارة القلب الذي ضمِنت لصاحبه النجاة والسعادةُ .

والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك، والغل والحقد، والحسد والشح، والكِبر وحب الدنيا والرئاسة فسلم من كل آفة تُبعِده عن الله عز وجل ، وسلم من كل شبهة تُعارِض خبره ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله سبحانه وتعالى .

ومن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته، واشتدت عليه حسراته ، لا بد من وقفةٍ صادقة مع النفس في محاسبةٍ جادة ، ومساءلة دقيقة ، فوالله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتجزون بما كنتم تعملون ، فهل الأعمار إلا أعوام؟ وهل الأعوام إلا أيام؟ وهل الأيام إلا أنفاس؟ وإن عمراً ينقضي مع الأنفاس لسريع الانصرام .

أفلا معتبر بما طوت الأيام من صحائف الماضين؟ وقلَّبت الليالي من سجلات السابقين؟ وما أذهبت المنايا من أماني المسرفين؟ كل نفس من أنفاس العمر معدود ، وإضاعة هذا ليس بعده خسارة في الوجود .

وأصحاب القلوب الحية صائمون قائمون، خاشعون قانتون، شاكرون على النعماء، صابرون في البأساء، لا تنبعث جوارحهم إلا بموافقة ما في قلوبهم، تجردوا من الأثرة والغش والهوى ، واجتمع لهم حسن المعرفة مع صدق الأدب، وسخاء النفس مع مظانة العقل.

وهم البريئة أيديهم، الطاهرة صدورهم، متحابون بجلال الله، يغضبون لحرمات الله، أمناء إذا ائتمنوا، عادلون إذا حكموا، منجزون ما وعدوا، موفون إذا عاهدوا، جادون إذا عزموا، يهشون لمصالح الخلق، ويضيقون بآلامهم، في سلامة من الغل، وحسن ظن بالخلق، وحمل الناس على أحسن المحامل ، وكسروا حظوظ النفس، وقطعوا الأطماع في أهل الدنيا.

ويقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: ” إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب ” رواه مسلم.

فإذا كانت طهارة الظاهرِ من البدن بهذه المنزلة والفضلِ فطهارة القلبِ أولى بذلك لأن مدار الأعمالِ والثواب والعقاب والقبول والرد عليها فلا تُدخل الجنةُ دخولا ابتدئيا من غير عقاب إلا بطهارة القلب .

وطهارة القلب ليست بالماء والثيابِ النظيفة كطهارة البدن إنما بالتخلص من الأوصاف الذميمةِ والاتصافِ بالأوصافِ الجميلة ومن ذلك التخلص من دغلِ الشرك وغلِه فأعمال طاهرِ القلبِ كلُها لله لا يطلب من المخلوقين مدحاً ولا تقديراً وإجلالاً بل هو يستسرُّ في العبادة .

ويود لو لم يطلع عليه أحد ومع ذلك هو خائف وجل من أن يكون لأحدٍ نصيب في أعماله فإذا عَمِل عملاً سأل نفسه لماذا هذا العملُ وإن ترك شيئا سأل نفسه لماذا تركتِ هذا العملَ فإن أحب أحب في الله وإن أبغض أبغض في الله وإن أعطى أعطى لله وإن منع منع لله وإن تقدم تقدم لله وإن تأخر تأخر لله.

فسلم من عبودية ما سوى الله فلا يريد أن يكونَ لغيرِ الله فيه شرك ، بوجه من الوجوه فقد أخلص عبوديته لله تعالى ، وهو قد طهر قلبه من تحكيم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قد عقد قلبَه على الائتمامِ والاقتداءِ به وحدَه صلى الله عليه وسلم دون غيرِه في الأقوالِ والأعمالِ من أقوالِ القلبِ .

وهي العقائدُ وأقوالِ اللسان وهي الخبرُ عما في القلب وأعمالِ القلب وهي الإرادةُ والمحبةُ والكراهةُ وتوابعُها وأعمالِ الجوارحِ فيكون الحاكم عليه في ذلك كلِه ، وهو ما جاء به الرسول الكريم محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل .

ومعرفة القلب من أعظم مطلوبات الدين، ومن أظهر المعالم في طريق الصالحين ، معرفة تستوجب اليقظة لخلجات القلب وخفقاته، وحركاته ولفتاته، والحذر من كل هاجس، والاحتياط من المزالق والهواجس، والتعلق الدائم بالله عز وجل ، فهو مقلب القلوب والأبصار ، ويقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ” ثم قال رسول الله : ” اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ” .

ومن عرف أنه عبدٌ لله وراجع إليه فليعلم أنه موقوف ، ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول فليُعد لكل سؤال جواباً ، وقيل: يرحمك الله فما الحيلة؟ قال: الأمر يسير ، تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى ، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي .

وقد ضرب النبى الكريم محمد عليه الصلاة السلام أروع الأمثلة في الصفح والعفو ، وعندما اجتمعت قريش في المسجد الحرام يوم الفتح الأعظم ، وقريش التي مازالت تقاتله وتسبه وقد أخرجته من بلده فقال صلى الله عليه وسلم: ” يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ ، قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم فقال: ” اذهبوا فأنتم الطلقاء ” .

ولقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في سلامة القلوب وطهارة الصدور، فكان لهم من هذه الصفة أوفر الحظ والنصيب ، ولقد كان لسلامة الصدر عندهم منزله كبرى حتى إنهم جعلوها سبب التفاضل بينهم، قال إياس بن معاوية بن مرة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ” كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدرًا وأقلهم غيبة “، ولنا في سلفنا الصالح قدوة.

ولا يعرف حقيقة الدنيا بصفوها وأكدارها، وزيادتها ونقصانها إلا المحاسب نفسه ، فمن صفَّى صُفِّيَ له، ومن كَدَّر كُدِّر عليه، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله ، ومن سره أن تدوم عافيته فليتق الله ربه، فالبر لا يبلى، والإثم لا ينسى .

والديان لا يموت، وكما تدين تدان ، وإذا رأيت في عيشك تكديراً وفي شأنك اضطرابا، فتذكر نعمةً ما شُكرت، أو زلة قد ارتكبي فجودة الثمار من جود البذار، ومن زرع حصد، وليس للمرء إلا ما اكتسب، وهو في القيامة مع من أحب .

وهذه وقفة محاسبة مع النفس، بل مع أعز شيء في النفس، مع ما بصلاحه صلاح العبد كله، وما بفساده فساد الحال كله ، وقفةٌ مع ما هو أولى بالمحاسبة وأحرى بالوقفات الصادقة ، ويقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : ” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” ويقول عليه الصلاة والسلام: ” لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ” .

واعلموا أن صاحب القلب الحي يغدو ويروح، ويمسي ويصبح وفي أعماقه حس ومحاسبة لدقات قلبه، وبصر عينه، وسماع أذنه، وحركة يده، وسير قدمه، إحساس بأن الليل يدبر، والصبح يتنفس، والكون في أفلاكه يسبح بقدرة العليم وتدبير الحكيم .

وإياكم من موت القلب ، فإن القلب الميت ، الهوى إمامه، والشهوة قائده، والغفلة مركبه، لا يستجيب لناصح، يتَّبع كل شيطان مريد ، والدنيا تُسخطه وترضيه، والهوى يصمه ويعميه ، وماتت قلوبهم ثم قبرت في أجسادهم، فما أبدانهم إلا قبور قلوبهم ، فهى قلوب خربة لا تؤلمها جراحات المعاصي، ولا يوجعها جهل الحق ، ولا تزال تتشرب كل فتنة حتى تسود وتنتكس، ومن ثم لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً .

التعليقات مغلقة.