مصر ونهضتها والمركزية والإشتراكية
مصر ونهضتها والمركزية والإشتراكية
د.أحمد دبيان
هل كان قدر مصر أن تقوم تجربتاها النهضويتان فى العصر الحديث على أكتاف الإشتراكية .
كانت الرأسمالية الاحتكارية هى قدر مصر منذ المماليك ونظام الملتزم والجباية والذى كان فيه الفلاح فى النظام الاقطاعى وقتها يعمل بالسخرة ومقابل الطعام والمأوى .
التجربة النهضوية لمحمد على باشا مع التحفظ على هدفها وغرضها الإنتفاعى قامت بمقدم عناصر السان سيمونيين (الإشتراكيين الخياليين ) (نسبة للفرنسى كلود هنري ده روڤروا، كونت سان-سيمون (1760–1825)
والذين رأوا فى مصر والباشا مستبداً تنويرياً وفرصة لتطبيق أفكارهم والتى كان ضمنها:
أن تتولى الدولة تنظيم الأنتاج وتعهد به إلى المقتدرين لمصلحة المجموع العام. وأن تعهد إلى كل شخص من العمل ما يتناسب ودرجة كفاءته وتقيم هذه الكفاءة بالقدر المنتج من العمل. ويجب على السلطة أن تسلم إلى الصناعيين لا للعلماء، لأنهم هم الرؤساء الحقيقيون للشعب، فهم الذين يقودونه في أعماله اليومية. فالأمة هي ورشة صناعية واسعة، تزول فيها فروق المولد والنسب، وتبقى اختلافات القدرات.
كذلك كان من آرائهم أن أنتقال الثروة يجب عدم تقييدها بالعائلة وإنما يجب أن تؤول هذه الثروة بعد وفاة صاحبها إلى الدولة.
كان جواز مرورهم هو الكولونيل سيف او سليمان باشا الفرنساوى وكان من أشهر عناصرهم ديلسبس الأب والذى كان قنصلاً لفرنسا وكان من أفكارهم التى سرقها ديلسبس الإبن حفر قناة السويس ….
لا أدرى هل إستلهم الباشا محمد على أفكارهم فى نزع الملكية حين أصدر قانون الإحتكار والذى صادر (أمم ) به الأرض الزراعية والصناعات والتجارة فملك بها كفرد أدوات الإنتاج وصار هو التاجر الأوحد والزارع الأوحد والصناعى الأوحد وجعل الأفراد يعملون مقابل خدمات ولكن فى حالته لم يتمتع بها الا الصفوة والطبقة التى صنعها لخدمة مشروعه ….
لم تخرج تجربة محمد على عن اطار مستبد شرقى يرى انه هو الدولة
منتهجاً نهج الملك الشمس لويس الرابع عشر
L’etat c’est moi
(أنا الدولة والدولة أنا )
ورغم ذلك وبتملكه لادوات الانتاج استطاع أن يقيم التجربة النهضوية المصرية الأولى ….
التجربة النهضوية الثانية أيضاً لم تنجح الا بتطبيق الاشتراكية بشكلها العربي
كان وصف الاقتصادى الكبير الدكتور عبد الجليل العمرى لحال الاقتصاد المصرى قبل يوليو دقيقاً حين قال
( لقد كان الاقتصاد المصري كبقرة ترعى في أرض مصر، ولكن ضروعها كانت كلها تحلب خارج مصر ) .
حيث كانت الشركات الأجنبية تستنزف الداخل بخلق طبقة من المنتفعين تساعد فى استنزاف الموارد ونهبها خارج الحدود
و كان الزعيم يرى وحسب قوله
(( ان هناك صراعا بين الطبقات و هذا الصراع لا يحسم الا اذا قام تنظيم سياسي جديد من المؤمنين بالاشتراكيه ايمانا عميقا و ممن تتفق مصالحهم و مصالح الشعب العامل ))
كان تمصير الشركات والتى كانت تستنزف موارد الدولة وتصب فى مصالح المنتفعين الاجانب خطوة أولى أعقبها قوانين يوليو الاشتراكية وبهاتين الخطوتين تملكت الدولة أدوات الإنتاج …وبدأت نهضة صناعية كبرى
تجلت فى السد العالى ومجمع الحديد ومجمع الألمونيوم وبناء قاعدة تصنيع كبرى
تملك الدولة لادوات الانتاج بشكل كامل فى تجربة محمد على وجزئيا (حيث كان بند الرأسمالية الوطنية التى تخدم الشعب العامل) فى حالة عبد الناصر كان القاسم المشترك فى التجربتين النهضويتين…….
ولا يزال التحكم فى أدوات الإنتاج وتملك الدولة لها ، ولو جزئياً
هو الخيار الحتمى الوحيد للخروج من عنق الزجاجة الذى نحيا في تيهه منذ سبعينيات الارتداد
التعليقات مغلقة.