موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

وقفة مع غزوة أحد”الجزء الأول”..بقلم محمد الدكروري

178

وقفه مع غزوة أحد ” الجزء الأول “

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

لقد بعث الله عز وجل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، على حين فترة من الرسل، والحياة مليئة بظلماء جهالاتها، ودهماء ضلالاتها، فأخذ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومعه صحابته الكرام بنشر هذا الدين في الآفاق، فتصدى أهل الكفر والعناد لدعوته، وأشهروا الأسياف لمقابلته، فالتقوا في بدر.

وتحقق النصر بعون الله عز وجل، فارتفعت راية الإسلام، وعاد المشركون إلى مكة بالثبور، كل يبكي قتلاه، ويشكي بلواه، وعظم عليهم المصاب، فعزمت قريش على إعداد العدة لملاقاة المسلمين، وأمضوا عاما كاملاً في الاستعداد .

ولقد ملأ الخزي والعار قلوب قريش بعد هزيمتهم الكبيرة في بدر، وخافوا من ضياع هيبتهم وزعامتهم بين قبائل العرب، فدفعهم ذلك إلى محاولة الثأر والانتقام من المسلمين، ورد اعتبارهم، بالإضافة إلى أنه قديما وحديثا وعلى مر العصور، من أهداف الكفار الصد عن سبيل الله، ومنع الناس من الدخول في الإسلام .

ومحاولة القضاء عليه وعلى دعوته، ولذلك كله كانت غزوة أحد، التي اجتمع فيها النصر والهزيمة، وظهر فيها الإيمان باستعلائه على المحن والآلام، وكانت درسا عمليا للصحابة الكرام رضوان الله عليهم .

في شوال من السنة الثالثة من الهجرة، خرجت قريش بكل ما تقدر عليه من عدة وعتاد، ورجال ونساء، بلغوا ثلاثة آلاف مقاتل، لقتال المسلمين، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أعلن الجهاد، ووعد المؤمنين بنصر الله وثوابه، وما أعده الله للشهداء ، ومن عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، إلى وقتنا الحاضر، نستنبط منها بعض الدروس والعبر مما جرى من الأحداث التي وقعت في تلك الغزوة .

فحين علم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، بقدوم أهل مكة وأحابيشها ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة للأخذ بثأر قتلاهم في بدر، استشار أصحابه في الخروج للقائهم خارج حدود المدينة أو البقاء في المدينة والتحصن بها ، حتى إذا دخل عليهم أعداؤهم فيها كانوا أبصر بما يعوقهم عن الدخول وبما ينزل فيهم الهزيمة.

وقد وضع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم – في معركة أحد بنفسِه خطة المعركة، وأول ما فعله أن وزع خمسين من مهرة الرماة وراءَ جيشه في أعلى الشعب من أُحد، وألح عليهم بملازمة أماكنهم، قائلاً: ” احْموا ظهورَنا، وإن رأيتمونا نُقْتَل فلا تنصرونا، وإنْ رأيتمونا نَغْنَمُ فلا تشاركوننا ”

ثم رتب جيشَه في صف منتظمٍ، وتخير للمقدمة أفرادا من الذين يوزنون بالمئات، وأمر ألاّ يُباشر القتال إلا بإذنه ، ولما نشب العراك، انطلق المسلمون يعملون في نظام عجيب من توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فكأنهم حجر الرحى تدور حول قطبها، فهي تميل يَمنة ويَسْرة، ولكنها لا تنفض عن دائرة القطب، ولعل مرد التماسُك في هذا النظام ثقة الجيش جميعًا بحِكمة القائد ووجوب الطاعة له، ووحدتهم وتماسُكهم على قلب رجلٍ واحد، لا خلاف ولا شقاق ولا نِزَاع، ولا أحد يعيب على أحدٍ توجهَه واختياره لطريقه في العمل، خصوصًا وأنهم كانوا في ساحة واحدة في معركة واحدة .

فليس هناك جندي واحد إلا وفي صدرِه يقين مُطلق بأن مصيرَ المعركة يتوقف على مَدى انسجام الجنود في إرادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نفسه، ومن هنا كانت قلوبُهم متعلقة بإشارته، يديرها في الاتجاه الذي توحي به الحِكمة، ويقين بأنه سيختار ما عند الله، ويقدمه على بهرج الحياة، وأموالها ومناصبها وإغراءاتها.

وقد كان رأيه صلى الله عليه وسلم ، البقاء في المدينة، إلا أنه جعل الأمر شورى بينه وبين أصحابه ، ليبين للأمة من بعده وللولاة وأمراء المؤمنين وقوادهم من بعده أنه لا بد لهم أن يستخلصوا الآراء، وأن يعرفوا ما ينبغي أن يعرفوه من أهل الحل والعقد وأهل العلم والرأي والمشورة .

وفي هذه المشورة غلبت آراء الذين كانوا يرون الخروج للقاء الأعداء ، رغبة منهم في الاستشهاد في سبيل الله، ورغبة منهم في إظهار الحمية لدين الله والاعتزاز بدينه، ورغبة ممن لم يشهد بدرًا أن يلقوا أعداءهم، فيعوضوا ما فاتهم من الجهاد والاستشهاد في بدر.

ثم دخل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، بعد أن رأى هذا الرأي من أصحابه أو كثرةٍ منهم، فلبس عدته ولأمته، ثم خرج فرأى القومُ أنهم قد أكرهوه صلى الله عليه وسلم على ما لا يحب، فرجعوا عن رأيهم، وجعلوا الأمر إليه صلى الله عليه وسلم .

فما كان منه إلا أن قال لهم صلى الله عليه وسلم ” قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم، ولا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، انظروا ما أمركم به فاتبعوه، امضوا على اسم الله تعالى، فلكم النصر ما صبرتم”.

ومضى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على عزمه الذي قضت به الشورى ، وذلك حتى يكون للشورى أصحابها ومقامها، وحتى لا يعود هناك استخفاف بالرأي، ولا تهوين ولا تسفيه للقول، فالنبي المؤيد بالوحي جعل الأمر شورى بينه وبين أصحابه، فكيف بمن هو أدنى منه منزلة، وأقل منه علمًا .

وأبعد عن التثبيت والإلهام والتوجيه والتسديد الذي كان يؤتاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ،، وهو الذي قال الله عز وجل ، في قوله وفعله: (إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) فمن سواه وكل الناس أدنى منه منزلة ، أجدر بأن يلتزموا الشورى بينهم وبين قادتهم وعلمائهم.

ومن تأكيدات الله سبحانه وتعالى لأمر الشورى أنه بعد أن ظهرت النتائج في غزوة أحد، وبعد أن ظهر ذلك الرأي ومع ما فيه من علة، وبعد أن ظهر أثر المخالفة لأمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، جاءت الآيات التي نزلت في أعقاب غزوة أحد، لتؤكد مرة أخرى على الشورى .

لكي لا تكون النتيجة السلبية أو التطبيق الخاطئ يقودان إلى إلغائها وعدم الاكتراث بها، فيقول الله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) سورة آل عمران .

ومعنى اعف عنهم عما كان من إكراه لك في الرأي، واستغفر لهم عما كان منهم من معصية، ولا يمنعن ذلك أن تأخذ رأيهم وأن تلزم الشورى معهم ، وهكذا نجد أمر الشورى رغم الرؤيا، ونجد أمر الشورى رغم ما مال إليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ونجد أمر الشورى باقيًا رغم رجوع الذين رأوا الرأي الأول، ونجد أمر الشورى باقيًا بعدما وقعت الواقعة وحلت بعض الهزيمة في أحد.

ويجيء الأمر الإلهي بالشورى بعد المعركة في هذه الآيات تثبيتًا للمبدأ في مواجهة نتائجه المريرة، إن الإسلام لا يؤجل مزاولة المبدأ حتى تستعد الأمة لمزاولته، ولا يفرض على الأمة الوصاية السياسية من فرد أو حزب بحجة تربية الأمة وإعدادها لتحمل المسؤولية، وإن الأخطاء في مزاولة الشورى مهما بلغت من الجسامة لا تبرر إلغاء مبدأ: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) .

وهكذا سارت المعركة في اتجاهها الطبيعي، وفي غمرة الاندحار الهائل شَعَر قادة الوثنية بعجزِ آلهتهم عن الصمود في وجه هذا الدمِ الجديد الذي دفعَه الإسلام في شرايين جنوده، وأدركوا أنهم أمام القوَّة التي لا تُقْهَر، ولا تثبت لها حميَّة الجاهليَّة، مهما تبلغ هذه الحميَّة من الاستخفاف بالموت،

إنها القوة التي مزقت صلات العصبيات والمنافع الأرضية المقِيتة لتقيم على أنقاضها وشائج أخرى من قرابة العقيدة وقوة التوحيد والإخلاص لله وحدَه لا شريك له، وبذلك أزالت سلطان الأسر الذي طالما يدمر القلوبَ ويضعف الجنود، وحواجز الأنساب ، ليجعل من الأفراد المتنابذين المتباعدين أُسرة واحدة في أخوة جديدة دونها كل روابط الأرض .

وبدأت المعركة، واستعرت نيرانها، واستبسل المسلمون في القتال، وسجل التاريخ بطولات رائعة للصحابة رضوان الله عليهم، وانتصر المسلمون في البداية لما التزموا بأوامر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وانسحب المشركون منهزمين، وتبعهم المسلمون يقتلون ويغنمون .

التعليقات مغلقة.