سيناريو “هو والصمت” عبد الصاحب إبراهيم أميري

سيناريو “هو والصمت” عبد الصاحب إبراهيم أميري

المشهد الاول.
كورنيش العشار-وقت الغروب – خارجي
عام-1968
لقطة كبيرة لساحل الكورنيش ، مجموعة من الشباب ، جلسوا على ضفاف الشاطئ، رموا بسناراتهم بالشط ،لصيد السمك، وقضاء الوقت، استولى عليهم الصمت و الهدوء ،خوفا من تكتشف الأسماك حضورهم ، وتنهزم الأسماك افواجا ، تمر اللحظات قاسية ، والعيون استقرت ناظره للشط، احدهم شعر ان سمكة التهمت طعمته ووقعت في اسره ،ابتسم فرحا ،دون أن يتحرك ساكنا سحب السنارة بهدوء تام ، ومن ثم سحبها افقيا، وقعت السمكة في حبائل الصياد، فقاومت للخلاص ، لكن دون جدوى

المشهد الثاني
كورنيش العشار-غروب الشمس- خارجي
كورنيش العشار مزدحم بالعوائل والشباب، بعضهم استقر على الأرصفة،يتأمل تلاطم الأمواج وغروب الشمس، وآخرون يقطعون الكورنيش ذهابا حتى ابعد نقطة على الكورنيش
جواد وفؤاد، وقفا ،يتاملان غروب الشمس بشوق بالغ
جواد- منظر غروب الشمس يسحر الناظر، انظر للشمس فؤاد شوف الشمس اشلون تنزل للبحر حتى تسبح
فؤاد- تشبيه جميل جواد؟
جواد- (يستمر) تعبت الشمس هوايه، وهي تضوي الدنيا، والتعب ما يروح ، الا بالغسل
راحت تأخذ حمام ، وتغط ب نوم هادي ، استعدادا ليوم جديد
فؤاد-هذا الاسلوب الرائع في التصوير، يخلي المستمع يتصور الحالة مثل ما صورته ، انت هوايه رائع ابن عمتي ،
جواد-رائع. بدون شغل. شيفيد
فؤاد-يعني ما لكيت. ،شغل
جواد- لا.
فؤاد-تلكي
جواد- اكول فؤاد وصلتلك الدعوة؟
فؤاد-دعوة ! ومن وين؟ جاي
تشاقه. تمام
جواد. -من كازينو البدر
(يضحكان)

المشهد الثالث
كورنيش العشار -كازينو البدر-ليلي-خارجي
منظر عام لتلاطم الأمواج وحركة بعض السفن الصغيرة
الكاميرا تصعد تدريجيا، حتى تكون بمستوى الكورنيش،كازينو كبيرة نسبيا ، مليئة بالزبائن ، وعمال الكازينو ، يقدمون الخدمات دون كلل،يجتمع على كل طاولة عدة أشخاص،يعلو صراخهم وضحكهم ، في حين نرى آخرين ،التفوا حول بعضهم البعض يناقشون بأمور شتى كل منهم حسب اختصاصه ،
يعلو صوت زبون وهو يدفع بنشوة قطع الدومنيو-
الزبون -قفل مو كلتلك تخسر ،
زبون اخر-صدكني. حظ

الزبون-بويه ابو بدر ،خسروا، جاياتك
ابو بدر- عيني عادل ، شوف الجماعة شئ يطلبون
يتحرك العامل كالسهم صوب المنضدة (الصح)ليسجل الطلبات ، ويعود منتظرا نداء آخرا
يشير فؤاد الى عادل دون ان ينطق بكلمة واحدة ، يأتي عادل صوبهما
عادل-شنو تأمرون؟
فؤاد وجواد ،يتبادلان النظرات ،ويستقر الرأي من النظر
فؤاد-جيب جايات
يخرج عادل من الكادر،

فؤاد يدقق النظر في تقاسيم وجه جواد
،فؤاد- اذا ما لكيت ،شغل، تشتغل يم عمي.
جواد – ليش لا،
فؤاد- و اشلون تتعامل ويه نشاطك الفني؟
جواد-ماجاي افتهم؟
فؤاد- اني قلق بشأن نشاطك الفني. انت ليش ما تنتمي
جواد- ليش أنتمي
فؤاد-الحزب يساعدك اقتصاديا ، افكارك وافكار الحزب وحده
جواد-افكارنا الانسانية وحدة، بس حبيبي فؤاد ،الكاتب إذا انتمنه. ،راح يصير موظف عند الحزب، الحزب يملئ عليه ، وهو لازم يطيع
فؤاد-انت حر بافكارك. هل الشكل تفكر
جواد- نعم
فؤاد- اشلون تتعامل ويه نشاطك الفني ، تقلله ، تحذفه
جواد،- احذف يعني اشلون احذف. كول موت احسنلك
فؤاد-اسم الله عليك حبوبي جواد المهم لازم اداري شغلتك

فؤاد-اني احجي ويه عمي وان يصير خير
~
المشهد الرابع
أزقة العشار-صباحي-خارجي
فاضل المساعد الاول للحاج مهدي، شاب نحيف قوي البنية، يسرع الخطى ،يحاول جواد اللحاق به
فاضل-مثل ماعرفت من ا لحجي مكان شغلك حاليا بالمخزن.
المخزن. خوش مكان ماعليك بأحد ،،انت مسؤول نفسك
وهسه نوصل للمخزن واتشوفه زين،
جواد -والشغل هناك اشلونه
فاضل – خوش سؤال
توصلك حوالة
من الحجي او مني. انت حسب الحوالة ،تسلم بضاعة ،لا زايد ولا ناقص. واذا راد الحجي يجرد المخزن، راح يكون الجرد على الحوالات، شوف عيني جواد،لاتسلم لاحد شئ اذا ما تأخذ حواله، خلي رأسك بارد
جواد-الله يرحم موتاك
~~
المشهد الخامس

مخزن البضائع-داخلي-صباحي
المخزن متخوم بالبضائع ،وليس فيه موضع قدم،جواد وفاضل. يقفان على أكياس الأسمنت
جواد-ماتشوف عيني فاضل من تجي حواله لو طلبية يكون من الصعب تحضير البضاعة بوقت قصير
فاضل-صح
جواد-اني من باجر راح انظم المخزن،بس لو ادزلي العامل
فاضل – من عيني جواد

المشهد السادس

مقهى الدكة--خارجي-ليلي

المقهى مزدحمة. بالرواد وان اغلب المتواجدين من  الأستاذة بالاضافة الى عدد من الاداب والشعراء ،
طالب-جواد مابقه شئ على يوم المسرح العالمي
جواد- تمام مابقه شئ
طالب- اكثر من 15عمل مشارك من البصرة،بالإضافة إلى اعمال فرق المحافظات الجنوبية، والعروض راحت تكون على مسرح التربية
جواد-عندي علم
طالب-اشكد احب اقدم عمل بشخصية  أو شخصيتين
 جواد-ان شاء الله تتحقق امانيك
طالب-اشلون جواد
جواد-لا تستعجل
~~~

~~~~~~~~ 
المشهد السابع 

المخزن-ّ صباحي  - داخلي -  بعد  شهر
يبدو على المخزن تغيرا محسوسا ، الملاحظ أن جواد قام بتنظيم  المخزن  وفقا لغاياته، استطاع أن يجد لنفسه مموضع حركة محدودة،  في   وسط المخزن،  تحد جواد البضائع المتراكمة من كل صوب، كما استطاع أن يضع لنفسه منفذا للباب  الرئيسى ، كي يتمكن  من نقل البضائع للخارج  ، وبالتالي مكانا للتمرين  ، كما أوجد لنفسه منضدة صغيرة وكرسيا ،  وصندوقا لحفظ الحوالات  ، وجهاز تسجيل مستعمل ،  يدور جواد في حلقة فارغه، ينظر الى السفل وما ان يصل امام. الباب يعد  رقما
جواد-       تسعون 

يدور دورة كاملة، يصل امام  الباب   ويرفع رأسه  نحو الباب 
جواد -احدي وتسعين
 (يكرر  الحاله)
  جواد-الانتظار.   أمر قاتل    
      الانتظار.   أمر مستعصي 
(يصل امام الباب) 
جواد-
92
اذا اردت ان تعذب شخصا ،
دعه في حالة انتظار ، وانتظار وانتظار،
94
انتظار  طالب حاجه قد لا ياتي
  ،وأن لا يكون له وجودا 
 قد تنتظر طويلا 
96
، تجلس منتظرا 
، ويذهب انتظارك سدى،  
قد لا ياتي    وانت تنتظر
97
والاتعس من الانتظار الوحدة
أن تكون بين اربعة جدران صماء
98
ان تكون بين اربعة جدران لا تنظر اليك مهما فعلت. 
صرخت ام بكيت.  قطعت ثيابك. وطعنت نفسك
(  صوت طرق على الباب)
99
 او حاولت خنق نفسك ،انها لا تتدخل ولا تستغيث،  لا يهمها امرك.  جدران بدون نافذة.
100  
بدون حياة اخرى. (طرق مجدد  على الباب)
. جواد- اي حياة.  حياة إنسان. 
حياة حيوان   حياة نبته 
  ام حياة جان
101
يركض بحركة دائرية   ويجتاز بعض الأشياء بالقفز،  ،يفتح رب العمل. باب المخزن، يغلق الباب خلفه ويطل للداخل ، لن ينتبه اليه جواد،   لا زال يعد ويكرر الجوله، يدخل رب العمل  المخزن،رجل وسيم في الاربعين من عمره، الابتسامة لا تفارق شفتيه، ينظر للمكان  باستغراب يصل  للمكان الذي يعد فيه جواد ويرفع راسه. ،ما ان يريد جواد رفع راسه ليعد الرقم،تلتقي نظراته بنظرات رب العمل
جواد ،110، تموت الاعداد في فمه ولا تستطيع النفوذ للخارج
جواد -  سلام  عليكم.  حجي 
رب العمل-عليكم السلام
جواد-سامحني.  حجي
رب العمل-على شنو
جواد-على كل شئ
رب العمل-حقيقة اني فرحان بيك  
جواد-(-مرتبكا)  على شنو؟
رب العمل- استغلالك. للوقت
استغلالك للمكان.  بس شئ واحد ما افتهمته ،انت جاي تدرب لو. تتمرن رياضة
جواد-بين.  بين
رب العمل-   يعني عدكم مسرحية رياضية
جواد-تقريبا
رب العمل- اريد منك.   دعوه. لا تنساني
جواد- ان شاء الله
رب العمل-ولا تنسه باجر عندي ضيوف يريدون يشوفوك 
جواد-ان شاء الله. اجي
رب العمل-،في امان الله
جواد-مع السلامة
يخطو رب العمل ،خطوتين نحو الخارج ،يستذكر امرا ،يعود للداخل ،
  رب العمل -اليوم استحقاقك للراتب،  صح
جواد-(خجلا) ما ادري
رب العمل-اشلون ما تدري.  لازم تدري
ربالعمل يمد  يده في جيبه ، ويعد اثنى عشر دينارا،
رب العمل-هذا استحقاقك ، 12دينار. تفضل
يستلم جواد المبلغ من يد رب العمل مرتبكا
جواد، -اشكرك
~~"~~~~~~~~~~
المشهد الثامن
منزل جواد- غرفة جواد -منتصف الليل-داخلي
يتقلب جواد في سريرة ،إلا أنه لا يستطيع النوم. وهو يردد
جواد-اشكرك

~
المشهد التاسع. فلاش بك
المخزن-
يدور جواد دورة كاملة، يصل امام الباب ويرفع رأسه نحو الباب
جواد-والاتعس من الانتظار الوحدة
أن تكون بين اربعة جدران صماء
98
ان تكون بين اربعة جدران لا تنظر اليك مهما فعلت.
صرخت ام بكيت. قطعت ثيابك. وطعنت نفسك
( صوت طرق على الباب)
99
او حاولت خنق نفسك ،انها لا تتدخل ولا تستغيث، لا يهمها امرك. جدران بدون نافذة.

 المشهد العاشر
غرفة جواد -منتصف الليل-داخلي
يتقلب جواد على   سريره لينام ،لكن دون جدوى، يغمض عينيه
~~~~~~~~
المشهد الحادي عشر  -
المخزن-فلاش بلاك-صباحي-داخلي
يعود. رب العمل لداخل المخزن ،
  رب العمل -اليوم استحقاقك للراتب. ياجواد،
يمد  يده في جيبه ، ويعد اثنى عشر دينارا،  واحد. ،اثنين ثلاثه. و و و و عشرة و و اثنى عشر دينارا
رب العمل-هذا استحقاقك ، 12دينار. 
خذ
جواد-لا أريدها.  انها ليست استحقاقي

 يرمي رب العمل الدنانير  بوجه جواد تتطاير الدنانير في الفضاء(المخزن)
~~~~~~~~^^^

  المشهدالثاني عشر، عودة للمشهد  العاشر 
غرفة جواد-منتصف الليل-داخلي
الدنانير  تتطاير  في الهواء،يستيقظ  جواد وقد اشتد غضبه

جواد-أربعمائة فلسا. هذا هو استحقاقي. 
هذه هي اجوري
هل ولدتني امي لانزف دمي
هل ولدتني امي للقبض هذا المبلغ التافه.  
(صارخا)

~~~~~~~~~~~ 

المشهد الثالث عشر 
-منصة مسرح-صباحي-داخلي
ساعة تمرين -طالب يتوسط المنصة
يمثل شخصية جواد ،في حين وقف جواد جانبا،يراقب النص
 طالب -ثمانية. ساعات وانا اعمل
ثمانية ساعات وانا أتحرك
ثمانية وانا انبح كالكلب بالهاتف
(يتحرك باتجاهات مختلفة)
طالب- انا كل شئ بالنسبة له
كاتب 
فراش
موظف
مدقق حسابات
بائع
شاهد
حارس
~~~~~~~~
المشهد الرابع عش

ر
محل رب العمل -صباحي-داخلي
محل ملئ بالبضائع ،عاملان ،يلبيان طلبات الزبائن، رب العمل وثلاثة رجال اخرين جلسوا حول مائدة مستديرة  عليها انواع الفواكه والعصائر والى جانب رب العمل
، يجلس جواد ،
احدهم -،حجي  ما عرفتنه على قريبك هذا. شنو. شغلهرب العمل - تاجر

~~~~~~~~~"~~""" 
 المشهد الخامس عشر 
منصة مسرح-صباحي-داخلي
طالب- يسميني.  تاجرا
تاجر يقبض  اربعمائة فلسا
بألم)
 ماذا حل بهذه الدنيا
 الناس بدأت تنبح والكلاب تتحدث
والأسود بدأت تخاف والفئران تغزو الغاب
والفيلة خف وزنها والبعوض بدأ يدمر
 و الحائط بدأ ينمو والأرض تغور
~~~~~~~~~~
المشهد السادس عشر
مقهى الدكة-خارجي،- ليلي
المقهى مزدحمة بالرواد، جواد وطالب يجلسان جنبا الي جنب
 جواد - لو تسمح لي اقرأ لك هذا المشهد الذي كتبته اليوم
طالب-تفضل
جواد-الذي يريد ان يكسب قوته عليه أن يعمل أي شئ 
كناسا.   فراشا.  حارسا.  مراقبا. حمالا. دلالا.  سائلا اسكافيا.   دفانا.   دليلا وسامرا
طالب-لاشك انك استرسلت وذكرت كل الحرف
جواد-صح
~~~~~~~
المشهد السابع عشر
محل رب العمل - صباحي-داخلي
رب العمل وثلاثة رجال اخرين جلسوا حول المائدة المستديرة يشربون الشاي 
احدهم-اشعر انت كذبت علينا كذبة
رب العمل-اني؟
احدهم-نعم
رب العمل- اشوكت؟
احدهم-لما سألتك عن عمل قريبك الشاب
رب العمل-كان سؤالك محرج  امامه، شكولاحدهم-الاتريد ان تقول ماذا يعمل
رب العمل-انه كاتب ومخرج متمكن رغم صغر سنه، كما انه طالب جامعي ،مواظب على مستقبله 
احدهم-انا لا اصر عليك لتخبرني عن عمله
رب العمل- يعمل اعمال كثيرة.  بس ب إطار المحافظة على سمعته
احدهم-،هاي مو حلوه منك
رب العمل- صانعي
الرجال. الثلاثة يصفقون بأسلوب خاص وهم يرددون
الثلاثة-  صانعي.    تابعي.    صانعي

ااالمشهد الثامن عشر
مسرح كبير ، ستائر سوداء تحيط الخشبة ،الإنارة تكون هي الفاعلة ، جواد وطالب جبار على الخشبة. جمهور غفير مثقف يحتل مقاعد القاعة
الاثنان -معا
نحن عدنا اليكم من زمن يبعد عنكم، بنصف قرن ، اقل بقليل، أو اكثر بقليل، لا احد يسأل عنا
كيف عدنا
و من اين عدنا
ليست لدينا اجابة واضحة ، وأن أجبنا،سيختلط عليكم الأمر
فكل ما نقوله،لا يهددكم أحد. منكم بشئ، بل يهددنا
طالب-مادامت الفرصة حاضرة والجدران منهدمة ،لابد من القول
جواد-إن عهد العبودية والرقيق لم ينتهي. ومن يقول انه ولى فهو شعار محض
طالب- وان ما يقال لكم. ،كذب محض.
جواد- العالم يعيش مأساة كبرى
طالب-تعالوا نزرع الإنسانية في حدائقنا
جواد -في قلوبنا
طالب-عقولنا
ظلام شديد يعم المسرح، أصوات اقدام ثقيلة ومتعددة على خشبة المسرح
جواد-حافظوا على مقاعدكم
،واشهدوا. المأساة عن قرب
طالب الإنسانية في خطر
النهاية