موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“لعبتي البللور” لمحمد كمال سالم و رحلة نقدية مع وليد مجدي

240

“لعبتي البللور” لمحمد كمال سالم و رحلة نقدية مع وليد مجدي

يسعد جريدة على باب مصر أن تعرض التحليل النقدي للدكتور وليد مجدي عن قصة “لعبتي البللور ” للقاص المبدع أستاذ محمد كمال سالم

قصة “لعبتي البللور “محمد كمال سالم ”


حفيدتي مها تبكي كثيرا،يحملُها أبوها محاولًا إسكاتَها،ولكنها تشير إلي مجهول،تستمرُ تبكي…
كنتُ لم أتجاوزْ الخمس سنوات،وكان غيرَ مسموحٍ لي أن أنزلَ الشارعَ بمفردي أبدًا،،إلا أن أذهبَ لجدتي لأمي بعد إلحاحٍ وبكاءٍ نظرًا لطريقها الآمن من السيارات.
شارعٌ ثم شارعٌ ثم عطفةٌمن الداخل،هناكَ بيتُ جدتي،جوارَ مقامِ الشيخِ المباركِ المشهورِ،الذي يُكسِبُ المكانَ روحانيةً،وسكينةً عجيبة.
كنت إذا دخلتُ بيتَ جدتي أنظرُ إلي أعلى حيثُ مسقطِ السُلّم الرحب،أشعرُ أن السماءَ رائقةً،وأقربُ للأرضِ منها عن خارج البيت،أرتقي الدرجاتِ الرخاميةَ الناصعة،أتكئُ علي درابزينها الخشبي الهَرِم؛ حتي أصلَ إلي جصاتها لزهرةِ الصبار،هنا… أناديها ” جدتي” تلتفت إليَّ خلالَ بابِها الخشبي المفتوح دائمًا،فليسَ من أحد معها بالبيت،ولا يدخلُه غريبٌ.
تنحني إليّ بطولِها الفارعِ،تمسكني بقوةٍ من ساعدي( إنت جيت لوحدَك) أومئ برأسي :نعم.
تتمتم: يالقلبِ أمِك القوي!
ثم تضمني إليها متحدثةًبكلمات لا أعيها،تتفحصني،تنظرُ إلي حدقتي،تشدُّ أذني، تنظر داخلها،تتخللُ أصابعُها خصلاتِ شعري،ثم تُجلسني،وتبدأ بالعمل بأوانيها الصغيرة النظيفة،التي تكفيها وحدَها،ثم تطعمني أشهى ما أكلت طوالَ حياتي
ذاتَ يوم،كنتُ هناك،ولكني لم أكن وحدي،كان هناك أطفالٌ كثيرون غيري من العائلة،معنا جدتي فقط ،لا أذكرُ أين كانت أمهاتُنا
كنا نلعبُ ونُحدِث صخبًا،ونهرولُ فوق درجاتِ السلمِ المؤدي لسطوحِ البيت،وإذا بأحدهم يدفعني للخلف،فأتدحرجُ واقعا فوق درجاتِ السلم لأسفل،أحاول أن أتشبثَ بالدرابزين،وإذا بمسمارٍ كبيرٍ متمرد خرج يتنفسُ مابين القائمةِ والعارضةِ يشجُّ معصمي،وأستقر علي الدرجة أمام باب جدتي غارقًا في دمي، تصرخ جدتي،تغضب،تنهرني،وتضربني بكفهاالقوي لائمةً.
تضمدني ببدنٍ يرتجفُ ويدٍ مرتعشةٍ،ثم تحتوتيني في صدره‍ها،حتي أغفوَ تجفُ دموعي علي وجنتي.
أفيق علي يدٍ حنونٍ تحتويني،ولكنها تلك المرة كانت أمي،في بيتنا،،تلثمني،تدللني،
قلت لها: أين العسكري البللوري الأزرق أعطته لي جدتي.
قالت: أي عسكري أزرق هذا؟!
أبكي: أعطته لي جدتي من دولاب فضيتها الزجاجي.
قالت: حبيبي لابد وأنك كنت تحلم
أبكي: لاااا،،لم أحلمْ أمسكته بيدي،رأيتُ أصابعي خلال بلوره الشفافِ الأزرق،تحسست بندقيتَه،طاقيتَه،بذلتَه المكواة،وكأنه تشريفةُ القصر الملكي.
قالت مهدهدةً ضاحكةً: ليس عند جدتك شئ من هذا،،كنت ولا شك تحلم.
ظللت مدة طويلة،كلما ذهبت إلي جدتي، أشير إلي المجهول باكيًا ألي دولاب فضيات جدتي،أريد العسكري الأزرق البللوري.
مانسيته أبدًا لجمال صنعته،ولم أجد مثيلًا له علي الأرض،
وكبرت وأصبحت رجلًا،أسأل أختي الأكبرَ: أتذكرين دولابَ فضياتِ جدتي؟
تقول: طبعًا،كان قطعة من تحف الزمن.
أبادرها: أين ذهب العسكري الأزرق البللوري؟!
تضحك ملء شدقها وتقول:
ليه مش عايز تصدق إنك كنت تحلم؟!
يحتد إبني علي مها ابنته،يحاول إسكاتها.
أنهره،أشمر عن معصمي أُريه ندبة جرحي من المسمار المتمرد،وأقول له: هاتها حفيدتي،أنت أبلْه لا تفهم شيئًا،هي تريد العسكري البللوري الأزرق.
يندهش هو والحاضرون،أبتسم أنا شوقًا للعبتي الزرقاء البللورية.
أضم حفيدتي إلي صدري في مقعدي،تغفو،تجف دموعها فوق وجنتها.

الرؤية التحليلية للدكتور وليد مجدي

قصة لعبتي البللور للقاص محمد كمال سالم

أجبرني القاص محمد كمال علي التعمق في فكرته التي اختفت خلف التصوير الدرامي للقصة و البحث في مفهوم الخيال عند هذا الطفل ( الجد) و تلك الطفلة ( الحفيدة) فكانت رؤيتي كما يلي :
الخيال عند الطفل ليس له حد يفصله عن الواقع ، فعالم الطفل في سن ما قبل المدرسة ما هو إلا مزيج من الخيال و الواقع كلاهما يمثلان الحقيقة عنده بحيث يصعب التفريق بينهما ، فما نعتبره كذبا هو حقيقة ولكنها خيالية قد تنتج عن قلقه أو مخاوفه أو أهدافه أو قدراته التي يحاول تكوينها و تشكيلها و تلك الحقيقة الخيالية يستخدمها الطفل ليفهم العالم بطريقته الخاصة.

فتجد أنه يجسد بخياله أصدقاء خياليين و ألعاب تمناها و امتلكها في خياله كذلك العسكري البللوري الذي مثله القاص محمد كمال سالم في خياله الطفولي.

و قد انشغل العديد من الباحثين في مجال علم النفس و علوم الطفولة بدراسة تلك الظاهرة و منها علي سبيل المثال دراسة قامت بها جامعة مانشستر في مارس 2005 تدرس تطور المهارات اللغوية عند الأطفال ممن لديهم أصدقاء خياليين و يرى فيها الباحث Kunter(n.d) أن الصديق الخيالي هو جزء مكمل في حياة العديد من الاطفال حيث يكون مصدر الراحة في أوقات الضغط و الصحبة عند الشعور بالوحدة.

و من هنا تتجلي رمزية العسكري البللوري الأزرق في خيال بطل القصة و تفهمه لمشاعر حفيدته فهو الذي يشارك حفيدته الخيال ذاته والذي لم يفقده منذ مرحلة الطفولة.
و إن كان الخيال هو منبع الابداع لهذا هو سمة تختلف شدتها باختلاف الافراد فنراها تتبلور و تتضح عند الجد و الحفيدة و تضمحل و تنقص عند جيل الوسط كالابن ( هذا من وجهة نظر الكاتب).

و ستلاحظ في بداية السرد القصصي تحول رائع قام به القاص محمد كمال بحيث انتقل من الحفيدة (مها) إلي البطل ( الجد) إلي جدة البطل في الفقرة الأولي قافزاً بعيدا عن جيل الوسط مرتين ، و كأنه يريدك أن تفهم أن الخيال مشترك بين جيلي الأطفال و العجائز.
فلم يفهم حفيدته غيره كما لم تفهمه إلا جدته ( و إن لم يصرح بذلك بطريقة مباشرة) أو أنه أراد أن يربط بين الحنان اللامتناهي في الأجداد و الذي يفقدهم عقلانيتهم فيقول :
(انت جيت لوحدك / يا لقلب أمك القوي) و موضحاً بجملته التنويرية تلك سبب افتقاد جيل الوسط إلي مقومات الخيال فقلوبهم قوية قاسية لا تعي و لا تحوي الخيال الطفولي.
و في نهاية عبقرية يمزج الكاتب الواقع بالخيال في دلالة قوية بجملة ( أشمر عن معصمي أريه ندبة جرحي من المسمار المتمرد / و اقول له : هاتها حفيدتي ، أنت أبله لا تفهم شيئا ، هي تريد العسكري البللوري الأزرق)
فواقعية المسمار و حقيقته الملموسة المادية و آثارها لا تزيد عن واقعية العسكري البللوري عند الكاتب أو البطل.

مبدع هو الاستاذ محمد كمال سالم حين يغوص بشكل غير مباشر واضعاً فهمه للطبيعة البشرية و النفسية في خلفية خافتة خلف تكوينه القصصي.
د. وليد مجدي

التعليقات مغلقة.